جحافل الداخل

جحافل الداخل

المغرب اليوم -

جحافل الداخل

سمير عطا الله
بقلم : سمير عطا الله

يرفض العقل الشرقي تقبّل فكرة العدو الداخلي. العدو دائماً وراء الحدود، ويأتي دائماً من الخارج. المنطق الغربي يتحسب دائماً للأخطار الداخلية. كارثة الركود الاقتصادي التي ضربت أميركا في عشرينات القرن الماضي كانت في حجم حرب. آثار التضخم الذي يضرب اليوم مصر وسوريا ولبنان والعراق والأردن، في حجم نكسة. لكن الرأي العام العربي، لا يقر إلا بالحدث السياسي. التضخم الذي ضرب الجنيه المصري بسبب حرب أوكرانيا، هو أسوأ ما حدث للنهضة الحالية. وضع الليرة السورية مثل ضرر الحرب. وضع الليرة اللبنانية جعل مستوى المعيشة في مستوى أفغانستان. سُئل جبران باسيل في دافوس، حيث أهم مؤتمر اقتصادي عالمي، كيف يمكن أن يعيش لبنان من دون موازنة، وهو أمر غير ممكن في أميركا وبريطانيا؟ فأجاب بضحكته المعروفة: «لتأتيا إلينا لكي نعلمهما. وما زالت دروسه تعطى!».

قارئو التاريخ يعرفون أن الدرس الأول في حياة الأمم هو التضخم. أدولف هتلر تحوّل من عريف في الجيش الألماني إلى «الفوهرر» أو القائد؛ لأن حزبه النازي نجح في القضاء على التضخم. عام 1922 هبط سعر المارك الألماني أمام الدولار من 162 إلى 7000. في نوفمبر (تشرين الثاني) 1923 كان السعر 4200 مليار مارك للدولار الواحد. ذلك العام كتب إرنست همنغواي، إحدى أهم رسائله من قرية «كيل» على الحدود الألمانية الفرنسية: «لم يكن بائع الحلوى يعرف كيف يضع الأسعار: المارك يهبط بالدقيقة». وزير الطاقة اللبناني لجأ في الآونة الأخيرة إلى وضع تسعيرتين للبنزين في اليوم الواحد، قبل الظهر، وبعد الظهر. وارتفع سعر التنكة (20 ليتراً) من 35 ألف ليرة لبنانية إلى مليونين.
كان أول ما فعله الجنرال ديغول يوم أعاد إلى فرنسا كرامتها، أنه ألغى الأصفار من الفرنك. ومع ذلك كانت الليرة اللبنانية تساوي 2.35 سنتيم، كواحدة من أقوى العملات في العالم. وكان ذلك قبل دروس جبران باسيل لأميركا وبريطانيا معاً.
لا شيء يبعثر الأمم، ويذل الشعوب مثل نوازل المعيشة. السنوات الأربع الأخيرة قلبت لبنان من دولة كفاية إلى دولة شفقة. وفي مثل هذه الحالات يستقيل المسؤولون عن الكوارث والخراب وتدمير حياة وحاضر ومستقبل الشعوب، إلاّ هنا؛ فالذين استنزفوا دم لبنان، يصرّون على أنهم أطباؤه ومنقذوه. اللهو بالموت. بينما تتصرَّف دولة مصر في الأزمة العالمية على مستوى الدول.
4200 مليار مارك؟ أنا أيضاً لم أصدق الرقم عندما أردت أن أنقله. ولكن عندما يرى كيف تدار الأشياء في لبنان... العياذ بالله.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جحافل الداخل جحافل الداخل



GMT 16:02 2024 السبت ,28 أيلول / سبتمبر

إيران ماذا ستفعل بـ«حزب الله»؟

GMT 15:59 2024 السبت ,28 أيلول / سبتمبر

أنطونيو غرامشي... قوة الثقافة المتجددة

GMT 15:57 2024 السبت ,28 أيلول / سبتمبر

الجامد والسائح... في حكاية الحاج أبي صالح

GMT 15:52 2024 السبت ,28 أيلول / سبتمبر

الفرق بين المقاومة والمغامرة

GMT 15:49 2024 السبت ,28 أيلول / سبتمبر

أشياء منى حلمى

نجمات العالم يتألقن بإطلالات جذّابة بأسبوع الموضة في باريس

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 00:41 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

نصائح لإتقان فن إختيار المعاطف التي تلائم إطلالتك في شتاء 2025
المغرب اليوم - نصائح لإتقان فن إختيار المعاطف التي تلائم إطلالتك في شتاء 2025

GMT 00:20 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

دليلك الشامل لإختيار الكرسي المُميز المناسب لديكور منزلك
المغرب اليوم - دليلك الشامل لإختيار الكرسي المُميز المناسب لديكور منزلك

GMT 06:21 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

استشهاد المذيعة السورية صفاء أحمد في قصف إسرائيلي على دمشق
المغرب اليوم - استشهاد المذيعة السورية صفاء أحمد في قصف إسرائيلي على دمشق

GMT 10:42 2024 الإثنين ,30 أيلول / سبتمبر

داليا البحيري تُبدي إعجابها بمدينة طنجة المغربية
المغرب اليوم - داليا البحيري تُبدي إعجابها بمدينة طنجة المغربية

GMT 20:58 2019 الجمعة ,06 أيلول / سبتمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 08:59 2018 الإثنين ,09 تموز / يوليو

اثر الفساد على الدخل القومي

GMT 21:17 2024 الخميس ,01 آب / أغسطس

كمبيوتر عملاق يكشف أسرار الأدوية

GMT 02:58 2016 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

دراسة تكشف علاجًا جديدًا لمرضى السكري من جلد المرضى

GMT 22:20 2019 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

رسميًا برشلونة يعلن غياب ديمبلي 10 أسابيع للإصابة

GMT 05:48 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

4 أسباب تجعل هولندا "جنة الدراجات الهوائية"

GMT 10:00 2019 الإثنين ,07 تشرين الأول / أكتوبر

" وصايا" للكاتب عادل عصمت الأكثر مبيعًا بالكتب خان
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib