مدن الصيف سمرة الحرية

مدن الصيف: سمرة الحرية

المغرب اليوم -

مدن الصيف سمرة الحرية

سمير عطا الله
بقلم - سمير عطا الله

 

اليوم التالي، نيروبي. كنت أتوقع عاصمة أفريقية. شوارع من تراب، وبيوت من طين، وشاحنات عتيقة تنقل الأطفال والخضار. طالعتني بدل ذلك مدينة وسطها أكثر حداثة من بيروت. ونساء جميلات بألوان الاستعمار وسمرة الحرية التي سوف تعلن رسمياً بعد 12 يوماً على وجه الضبط. 12 ديسمبر (كانون الأول) 1963. وسوف يكون ذلك أعظم احتفال استقلالي شهدته، أو قرأت عنه حتى اليوم: نحو 200 أفريقي وأفريقية يهزجون ويرقصون، والأرض تهتز من تحتهم، والهتاف يرتفع حتى جبال «كليمنجارو» وروايات إرنست همنغواي.

الجالسون المتفرجون كانوا أيضاً بالآلاف، متساوون على بنوك خشبية. أتطلع صدفة إلى جانبي على بعد مترين فأرى وجهاً مألوفاً جداً: نائب الرئيس السوري، ونائب رئيس حزب البعث ميشال عفلق. سوف يغتال في باريس من دون الوصول إلى أي رئاسة. كان دائم الوجوم. ودائماً على حق.

ألقيت التحية على الأستاذ صلاح، ففوجئ بعربي آخر وسط أولئك الآلاف لكنه لم يتساءل من يكون الضيف الآخر، وانصرفت أنا أتابع القبائل والأقنعة الملونة، وصخب الغابات، وقد تجمع يلعلع فرحاً هاتفاً خلف عملاق أفريقيا جومو كينياتا: هارامبي.

كل شارع في نيروبي خرج «يحتفل». عالم ينطوي وعالم يبدأ. أفريقيا السمراء تنهض لكن الطريق صعب وطويل. وعندما أسأل مضيفة طيران «شرق أفريقيا» إن كانت فرحة بالاستقلال أجابت في جفاف: «على الإطلاق. كان على هؤلاء البريطانيين أن يعلمونا المزيد قبل أن يهربوا من كينياتا».

كان كل شيء لا يزال صغير المساحات. حتى الساحة التي جرى فيها الحفل الرسمي، وألقى فيه دوق إدنبرة كلمة الملكة، وكينياتا كلمة المناضلين. كان مكاني بين الحاضرين في الصف الثالث. من إلى جانبي هذه المرة؟ خصم كينياتا ونائب الرئيس توم مبويا، الذي كان ودوداً متواضعاً وخصوصاً متفاجئاً بوجود صحافي عربي تعرف إليه من الصورة. بعد فترة سوف يسمع العالم نبأ اغتيال الشاب توم مبويا في وسط المدينة الفائق الحداثة. الاستقلال لا يحتمل زعيمين. ولا الحرية هي أيضاً.

كانت الجاليات الأوروبية قد بدأت تستعد للمغادرة. وكذلك الآسيوية. والغرابة أن اللبنانيين كانوا الأقلية على عكسهم في كل مكان. استضافنا تجار يمنيون تعرفنا إليهم. وأبلغونا أنهم الجالية الكبرى. وحدثونا تاريخاً وشعراً وعاربة ومستعربة.

إلى اللقاء...

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مدن الصيف سمرة الحرية مدن الصيف سمرة الحرية



GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

GMT 07:04 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

وزن تأريخ الأردن في التوجيهي 4 علامات.. أيعقل هذا ؟!

GMT 07:01 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

لكنّها الطائفيّة... أليس كذلك؟

GMT 06:58 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

العلويون جزء من التنوّع الثقافي السوري

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 07:09 2018 الإثنين ,29 كانون الثاني / يناير

مستحضرات تجميل تساعدك في تكبير شفتيك خلال دقائق

GMT 03:29 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

ديكورات ثلاجات يُمكن أن تستوحي منها إطلالة مطبخك

GMT 01:08 2018 الأربعاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

عطيات الصادق توضح كيفية التعامل مع أهل الزوج

GMT 00:10 2018 الخميس ,11 تشرين الأول / أكتوبر

التشكيلي رشيد بنعبد الله يحتفي بالفرس في معرض فردي

GMT 07:30 2018 الإثنين ,03 أيلول / سبتمبر

مصممة تضفي لمسة جمالية على منزل قديم في إنجلترا

GMT 05:49 2018 الإثنين ,18 حزيران / يونيو

تعرفي على أحدث تصاميم "الحنة البيضاء"
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib