بقلم : سمير عطا الله
ما زالت الآراء تتدلى في مقتل أيمن الظواهري الذي اغتيل بالريموت كونترول في عملية أبعد من الخيال السينمائي. القتل نفسه كان عادياً كما هو الحال دائماً مع الرجل (أو المرأة) الثاني. فقد مر نواب رئيس في أميركا بالكاد حفظ اسمهم في البيت الأبيض، والسيدة كمالا هاريس ليست بعيدة عن هذه الفئة.
أهمية الظواهري الوحيدة أنه كان من عائلة مهمة جداً، عائلة علم وثقافة وخير، بينما اختار هو علم القتل والشر ودماء الأطفال. هكذا أعطيت الأهمية كلها للرجل الأول الذي ساهم في إعدامه الرئيس الأميركي بنفسه. وذلك عكس المألوف في التاريخ، خصوصاً منه الرئيس الذي هو من يتعرض عادة للاغتيال. لذلك بقي بن لادن الأكثر شهرة، قاتلاً ومقتولاً.
سجل الظواهري للمرة الأولى في تاريخه الطويل، شيئاً من الأهمية ورفع شيئاً من معنويات المستر بايدن الهابطة حول العالم. ودخل التاريخ مثل كلينت إيستوود على أنه الرجل الذي ثأر من آخر مجرمي الزمرة القاتلة، وعلى موسيقى «من أجل حفنة من دولارات».
المؤسف جداً أنهم هم الذين كتبوا عن رجل الشرفة في كابل، بأسلوبه وتعابيره وضحالته. أكثر من العادة انقسم الكتاب وأدعياء الكتابة، بين رجال فكر وعقل وثقافة، وبين لغاة يجولون على أقفاص الببغاوات قبل أن يكتبوا شيئاً، لكي يستعيروا ما تم اجتراره وتكراره.
في مثل هذه المفترقات يكون امتحان صعب للجميع: هل يجوز أن يتحمل المنبر الصحافي، أو الإذاعي، الفقر المتعدد الذي يعاني منه الدعي، الذي يستخدم القسوة والشراسة واللفظيات الملفوظة، الذي لا يعرف الظواهري غيرها؟ ألا يستحق المقال، في مثل هذه الحالات، لحظة جهد وتفكر وتأنٍ، تميز بين صاحبه وبين استسهال الهمجيات والقاعدة الوحيدة: التزلف؟
هل ما زال هذا النوع من الخطابين يخدع أحداً؟ لا أعرف. أعرف ماذا يترك أهل الفئة الأخرى في النفوس. أهل المستويات والرقي واحترام النفس واحترام الآخرين، وخصوصاً احترام مهنتهم. وهؤلاء كثر وأعلام. وهم مجموعة من الشباب الذين يتعلم منهم باستمرار من هم مثلي سبقوهم في سنين العمر والعمل. تواقيعهم وحدها تفرح القلب وتعيد الثقة والإعجاب إلى النفوس.
كنت أتمنى لو أستطيع التسمية كقارئ لا يكف عن التعلم لما رأى شجرة محنية بثمارها الجميلة، لكنني أخشى عليها من العيون الفارغة واللغة الفارعة وغلظة الغرور.