المخبأ السويسري

المخبأ السويسري

المغرب اليوم -

المخبأ السويسري

سمير عطا الله
بقلم : سمير عطا الله

كل مصارف العالم محلية إلَّا مصارف سويسرا. حتى أزمات المصارف الأميركية الكبرى يمكن الحد من خسائرها مهما بلغت، لكن الإصابة في مصرف سويسري تصل إلى السوق المالية، وإلى النظام المالي، وإلى سمعة الدولة السويسرية نفسها. خلال أسبوع واحد وقع البنك الأميركي «سيليكون فالي»، وبنك «كريدي سويس»، في مأزق كبير. لكن في سويسرا تدخلت الدولة نفسها، وفرضت على «اتحاد البنوك السويسرية» شراء منافسه القديم بنحو 3.25 مليار دولار، كما صرفت المليارات الأخرى في دعم السوق، لأن الحياة المصرفية هي شريان الحياة في البلاد. لا سويسرا من دون مصارفها. وبرغم أن السرية المصرفية لم تعد قائمة، فإن بنوك سويسرا لا تزال تحمل في خزائنها مليارات أسطورية من الثروات التي أخفاها أصحابها عن العيون الشرعية، وصارت مع تقادم السنين، ملكاً لتلك الخزائن الحديدية والأرقام السرّية.

انهار النظام المصرفي في لبنان، لكن الضرر ظلَّ على هوله، محلياً. كان لبنان قد قلَّد سرية المصارف السويسرية، واجتذب الودائع من كل العالم، لكنه نسي أن مثل هذا النظام في حاجة إلى دولة تحميه وتحمي الأمانات، وليس أن يكون بعض مسؤوليها شركاء في عملية سطو معلن لا مثيل لها في التاريخ.
كان لبنان يسمى «سويسرا الشرق»، بسبب جباله وجماله ونظامه الحر. وكم تأكد الآن قول روديار كيبلنغ أن الشرق شرق والغرب غرب. ولن يلتقيا. وها هو لبنان يشرِّق، بلا توقف، وحاكم البنك المركزي فيه يشرف على إفلاسه وانهياره، ويقف «شاهداً» أمام محققي الدول الأوروبية. وينصحه مدير الأمن العام السابق اللواء جميل السيد، بأن «يسمي أعضاء العصابة قبل أن يقتلوك».
ليست المسألة مسألة مقارنة بين لبنان وسويسرا، أو بين الشرق والغرب. المسألة كيف أن حفنة من البشر، هنا أو هناك، تهدد في سوء إدارتها، أو سوء أخلاقها، أو السوأين معاً. معيشة الناس وحياتهم. فريق له مؤسسات تحميه وفريق يسرقه الذين يفترض أن يكونوا حُماته والمؤتمنين على أرزاقه. صرفت الحكومة السويسرية نحو 100 مليار دولار في دعم السوق المالية لكي تحمي مواطنيها من آثار الأزمة، وتحد من تدهورها، فيما تتدحرج عملة سويسرا الشرق كل يوم من قاع إلى قاع، ولا حكومة توقفها، ولا دولة، ولا جمهورية، ولا رئيس، و«ما في حدا - لا تندهي ما في حدا». دائماً تشهد أغاني فيروز على أحزان بلدها.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المخبأ السويسري المخبأ السويسري



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 07:16 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
المغرب اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
المغرب اليوم - المغرب يفقد 12 مركزاً في تصنيف مؤشر تنمية السياحة والسفر لعام 2024

GMT 15:34 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

سعد لمجرد يكشف عن عمل جديد مع الفنانة إيلي أفرام
المغرب اليوم - سعد لمجرد يكشف عن عمل جديد مع الفنانة إيلي أفرام

GMT 13:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:14 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 18:57 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيّدة

GMT 14:11 2015 السبت ,23 أيار / مايو

العمران تهيئ تجزئة سكنية بدون ترخيص

GMT 17:38 2022 السبت ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنيه الذهب يسجل رقماً قياسياً لأول مرة في مصر

GMT 15:13 2018 الأحد ,03 حزيران / يونيو

تغلبي على الخوف من عيوب جسدك مع ارتداء الحجاب

GMT 15:12 2018 الثلاثاء ,08 أيار / مايو

عمران فهمي يتوج بدوري بلجيكا للمواي تاي

GMT 08:03 2018 الأربعاء ,14 آذار/ مارس

ما الذي سيقدمه "الأسطورة" في رمضان 2018؟

GMT 20:50 2018 السبت ,24 شباط / فبراير

خفيفي يعترف بصعوبة مواجهة جمعية سلا

GMT 17:06 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

وليد الكرتي جاهز للمشاركة في الديربي البيضاوي

GMT 06:59 2018 الجمعة ,26 كانون الثاني / يناير

كليروايت تغزو السجادة الحمراء بتشكيلة متميزة

GMT 17:54 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

الفالح يُعلن أهمية استمرار إجراءات خفض إنتاج الخام

GMT 19:57 2018 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

مهرجان أسوان لأفلام المرأة يفتح باب التسجيل بشكل رسمي

GMT 05:45 2018 الخميس ,18 كانون الثاني / يناير

ابتكار روبوت مصغر يتم زراعته في الجسم

GMT 23:06 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

مشروع الوداد يؤخر تعاقده مع غوركوف
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib