التشديق والتقعيب

التشديق والتقعيب

المغرب اليوم -

التشديق والتقعيب

سمير عطا الله
بقلم : سمير عطا الله

... وما زلنا في رحاب مولانا ومعلمنا، أبي المراجع وسيد التبيين أبي عثمان عمرو بن بحر، المولود في البصرة (775) يوم كانت أكبر حواضر العلم والأدب فقط بعد بغداد. وفي أيامه لم يكن للأديب أن يكون ملماً بالأدب فحسب، بل أن يكثر قطافه مما تيسَّر له من علوم كالهندسة والحساب، فضلاً عن الفقه والاجتماع والتاريخ، وزاد الجاحظ إليها معرفته باللغات والثقافات اليونانية والفارسية والتركية والهندية. وقد كان يريد أن يكون من كبار الأدباء فأصبح أكبرهم، لا ذكاء في مثل ألمعيته، ولا كدوداً في مثل كدّه واجتهاده، وأخذ من أخبار الأدب عن أبي عبيدة، الذي قال فيه الجاحظ: «لم يكن في الأرض (أعلم بجميع العلوم منه)». والملح والنوادر، وأبو زيد الأنصاري من أئمّة الأدب والمعارف، وأبو الحسن الأخفش أحد أكابر الصرف والنحو في البصرة. غير أن أهم ما فيه كان تقديره لأهمية الوقت، وقد صرفه كله في القراءة والكتابة، وقيل إنه كان ينام في دكاكين الوراقين «من أجل المنظر».
لم يترك شيئاً إلا وكتب فيه، ولا ترك تفصيلاً إلّا وأتى على ذكره وشرحه. إذ بيَّن نعمة الفصاحة، عدَّد في المقابل عيوب اللسان مثل العي (الحصر في النطق)، واللَّحَن (الخطأ في الإعراب)، واللُكنة (الثقل في اللسان)، والفأفأة (الإكثار من الفاء والتردد فيها)، والتمتمة (التعجيل في الكلام من غير إفهام)، والتشديق (أن يلوي المتكلم شدقه للتفصح)، والتقعير (إخراج الكلام من الحلق)، والتقعيب (إخراج الكلام من قعر الحلق). ومن شروط البلاغة أيضاً ما تعلق بالخطابة وبعض عيوبها من نحنحة وسعال وعلاقة الأسنان باللفظ.
كأنه في زمننا اليوم، يذهب إلى طبيب الأسنان لتقويم اعوجاجها أو ملء فوارقها، أو حتى تلمع بياضها.
لكن ذلك كان الجاحظ. والجاحظ كان عالم العلماء، فرد عبقري فقير له طاقة مؤسسة أو أكثر. لم يكن في زمنه بحاثون يساعدونه، ولا نساخون ولا كان لديه مال يدفعه للحجّاب وحملة الكتب التي يستعيرها. كان معجزة من البصرة جعلها في حجم بغداد. تلك كانت أيام المدينتين.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التشديق والتقعيب التشديق والتقعيب



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 07:16 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
المغرب اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
المغرب اليوم - المغرب يفقد 12 مركزاً في تصنيف مؤشر تنمية السياحة والسفر لعام 2024

GMT 15:34 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

سعد لمجرد يكشف عن عمل جديد مع الفنانة إيلي أفرام
المغرب اليوم - سعد لمجرد يكشف عن عمل جديد مع الفنانة إيلي أفرام

GMT 13:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:14 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 18:57 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيّدة

GMT 14:11 2015 السبت ,23 أيار / مايو

العمران تهيئ تجزئة سكنية بدون ترخيص

GMT 17:38 2022 السبت ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنيه الذهب يسجل رقماً قياسياً لأول مرة في مصر

GMT 15:13 2018 الأحد ,03 حزيران / يونيو

تغلبي على الخوف من عيوب جسدك مع ارتداء الحجاب

GMT 15:12 2018 الثلاثاء ,08 أيار / مايو

عمران فهمي يتوج بدوري بلجيكا للمواي تاي

GMT 08:03 2018 الأربعاء ,14 آذار/ مارس

ما الذي سيقدمه "الأسطورة" في رمضان 2018؟

GMT 20:50 2018 السبت ,24 شباط / فبراير

خفيفي يعترف بصعوبة مواجهة جمعية سلا

GMT 17:06 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

وليد الكرتي جاهز للمشاركة في الديربي البيضاوي

GMT 06:59 2018 الجمعة ,26 كانون الثاني / يناير

كليروايت تغزو السجادة الحمراء بتشكيلة متميزة

GMT 17:54 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

الفالح يُعلن أهمية استمرار إجراءات خفض إنتاج الخام

GMT 19:57 2018 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

مهرجان أسوان لأفلام المرأة يفتح باب التسجيل بشكل رسمي

GMT 05:45 2018 الخميس ,18 كانون الثاني / يناير

ابتكار روبوت مصغر يتم زراعته في الجسم

GMT 23:06 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

مشروع الوداد يؤخر تعاقده مع غوركوف
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib