انكساران الكتف والخاطر

انكساران: الكتف والخاطر

المغرب اليوم -

انكساران الكتف والخاطر

سمير عطا الله
بقلم : سمير عطا الله

كان من عدّة النضال اليساري في الحرب اللبنانية العُبوس الذي يميّز رجال اليسار، مزيناً بشاربين معقوفين على الطريقة الستالينية. وقد اخترق أهل الجدار السميك بعضُ الظرفاء النادرين وأهمهم محسن إبراهيم. كان «أبو خالد» الوحيد الذي يجرؤ على السخرية من تلك المظاهر الجلدية واللغة المحشوّة خشباً وتنكا. حدث ذات مرة أن مجموعة من الفدائيين هاجمت ثكنة الحلو في بيروت فاتصل به أبو عمار يسأله عما حدث: «لا يهمك الأمر، فقد كانت الثكنة مارةً أمام الإخوة الفدائيين مما اضطرهم إلى ردعها».

في بيتنا «ثكنة الحلو» تمرُّ دائما أمامي، وتكسر وركاً من هنا، أو فخذاً من هناك، أو كتفاً كما حصل منذ أسبوع. وفي الحالات الثلاث ذهبتُ إلى طبيبٍ واحد. في المرة الأولى قيل لي إن الرجل «عونيٌ» في السياسة. وبينما أنا ماثلٌ بين يديه قلت له أتمنى أنك لا تقرأ ما أكتبه. وكعادة العونيين لم يبتسم.

قبل أيام ذهبت إلى دكتور حداد «مكسور الخاطر والكتف اليسرى معا». وعندما استدعي إلى غرفة الطوارئ، كاد يضحك وهو يسألني أين كانت الوقعة هذه المرّة، قلت له أنا صاحب مبدأ لا أغير ولا أتغير. فقد سقطتُ في نفس المكان ونفس الساعة التي أقوم فيها إلى النوم. أي في ثكنة الحلو. ولم يخذلني الرجل هذه المرة أيضاً فقد أصلح العظام وهي شبه رميم.

وعندما شاهدت وجوه الممرضين والممرضات من حولي يستغربون هذا الإصرار على تفقدهم بين حين وآخر، قدمتُ لهم الاعتذار الكامل، وأكدت أن الأمر ليس مقصوداً على الإطلاق. وما بين الدهشة والشفقة والتعجب، راحوا جميعاً يبحثون عن خرزةٍ زرقاء تحمي من العين الحاسدة. ولكن حاسدة من أي شيء؟! فأنا لست مثلا على لائحة المكافآت الشهرية، والثانوية، أو الدهرية، التي خص بها رياض سلامة قطاعاً كبيراً من اللبنانيين. وللمناسبة لست على أي لائحةٍ أخرى والحمد لله. ولحسن الحظ أن طبيبي عونيٌ، ولكنهُ دكتور حداد الذي قال يهون علي الانكسارين الخاطر والكتف: احمد الله أنها الكتف اليسرى وليست كتف الكتابة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

انكساران الكتف والخاطر انكساران الكتف والخاطر



GMT 16:02 2024 السبت ,28 أيلول / سبتمبر

إيران ماذا ستفعل بـ«حزب الله»؟

GMT 15:59 2024 السبت ,28 أيلول / سبتمبر

أنطونيو غرامشي... قوة الثقافة المتجددة

GMT 15:57 2024 السبت ,28 أيلول / سبتمبر

الجامد والسائح... في حكاية الحاج أبي صالح

GMT 15:52 2024 السبت ,28 أيلول / سبتمبر

الفرق بين المقاومة والمغامرة

GMT 15:49 2024 السبت ,28 أيلول / سبتمبر

أشياء منى حلمى

نجمات العالم يتألقن بإطلالات جذّابة بأسبوع الموضة في باريس

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 00:41 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

نصائح لإتقان فن إختيار المعاطف التي تلائم إطلالتك في شتاء 2025
المغرب اليوم - نصائح لإتقان فن إختيار المعاطف التي تلائم إطلالتك في شتاء 2025

GMT 00:20 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

دليلك الشامل لإختيار الكرسي المُميز المناسب لديكور منزلك
المغرب اليوم - دليلك الشامل لإختيار الكرسي المُميز المناسب لديكور منزلك

GMT 06:21 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

استشهاد المذيعة السورية صفاء أحمد في قصف إسرائيلي على دمشق
المغرب اليوم - استشهاد المذيعة السورية صفاء أحمد في قصف إسرائيلي على دمشق

GMT 20:58 2019 الجمعة ,06 أيلول / سبتمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 08:59 2018 الإثنين ,09 تموز / يوليو

اثر الفساد على الدخل القومي

GMT 21:17 2024 الخميس ,01 آب / أغسطس

كمبيوتر عملاق يكشف أسرار الأدوية

GMT 02:58 2016 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

دراسة تكشف علاجًا جديدًا لمرضى السكري من جلد المرضى

GMT 22:20 2019 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

رسميًا برشلونة يعلن غياب ديمبلي 10 أسابيع للإصابة

GMT 05:48 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

4 أسباب تجعل هولندا "جنة الدراجات الهوائية"

GMT 10:00 2019 الإثنين ,07 تشرين الأول / أكتوبر

" وصايا" للكاتب عادل عصمت الأكثر مبيعًا بالكتب خان
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib