كتاب بيروت

كتاب بيروت

المغرب اليوم -

كتاب بيروت

سمير عطا الله
بقلم : سمير عطا الله

كتب العميد الوحيد طه حسين في «حديث الأربعاء»: «ولقد كان كثير من الكتّاب الفرنسيين في القرن السابع عشر وفي القرن الثامن عشر ينشرون كتبهم في هولندا حتى لا يمنع السلطان نشرها في باريس. وكنا نظن أن هذا عهد قد انقضى، ولكننا رأينا كتباً مصرية تحظر في مصر فتنشر في لبنان».
افتتح السبت في بيروت معرض الكتاب الرابع والستون. ولا تزال بيروت مدينة الحريّة بين المدن. وقال نابوليون: «ليس لدينا أدب جيّد. لكن تبعة ذلك على وزير الداخلية». فما من أدب حقيقي من دون حريّة. وقد فقدت زرقاء المتوسط كثيراً من رونقها وألقها وأنوارها ونضارتها وشبابها، لكن وسط كل هذا الحزن، تحافظ على حريتها. يحاول المستوى السياسي أن يهبط بالمستوى الثقافي والمعيشي والحياتي والفكري، لكن تقليد الحرية يتمسك ولو متعباً، بعناصر البقاء. وأجمل الصور في المعرض حشد البسطاء والشباب وغالبية الذين لم يعودوا يملكون أثمان الكتب التي يريدون العودة بها.
صدرت لي أخيراً رواية بعنوان «ليلة رأس السنة في جزيرة دوس سانتوس»، استقبلت من النقاد بمحبة شديدة. ونفدت نسخها في مكتبات بيروت والخليج أكثر من مرة. وقد طلب مني الناشر «الدار العربية للعلوم»، أن أوقّع خلال معرض بيروت. تداولنا في الأمر عدة مرات. وبقيت خلالها عند موقفي الأول، وهو أن مناخ المدينة ليس مناخ «احتفاء». فمن أراد الكتاب وجده في المكتبات، أما أن يقال إن هذا الرجل يحتفل «بعشق الشيخوخة»، كما قالت الزميلة سوسن الأبطح، فلا حاجة إلى ذلك.
طبعاً كنت أتمنى العكس. كنت أتمنى لو أن بيروت لا تزال تهزج مع نزار، ومحمود درويش، وأدونيس، والسياب، والبياتي وسائر الفازعين. أو لو أنني على كورنيش البحر أتفرج على ونستون تشرشل نازلاً مع سيجاره من يخت أرسطو طاليس أوناسيس. أو بريجيت باردو عن اليخت نفسه. أو لوي أرمسترونغ يبتسم للكون وهو يغني الجاز الحار.
كنت أتمنى لو أنني على رصيف المرفأ أتأمل شاعر الشيوعية ناظم حكمت يدخل البلد برفقة سعيد عقل برغم منع الأمن العام. أو يوم سعيد عقل يمسك بذراع الروائي السوفياتي العظيم شولوخوف ويُدخله البلد من دون تأشيرة، والدولة تخجل من منعه.
طبعاً كنت أتمنى أن أكون في مبنى الأونيسكو لحضور المناظرة التاريخية بين العميد الوحيد طه حسين والأستاذ رئيف خوري. أو الرئيس السنغالي وشاعر الزنوجية سيدار سنغور يحاضر في الندوة اللبنانية على «ساحة الدباس» فوق «فروج البلدي».
تلك البيروت لن تعود. لكنها سوف تظل تكافح من أجل عبير الماضي يوم كان لبنان موطن الشعر وهي مقام الشعراء وخيمة البائسين.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كتاب بيروت كتاب بيروت



GMT 16:02 2024 السبت ,28 أيلول / سبتمبر

إيران ماذا ستفعل بـ«حزب الله»؟

GMT 15:59 2024 السبت ,28 أيلول / سبتمبر

أنطونيو غرامشي... قوة الثقافة المتجددة

GMT 15:57 2024 السبت ,28 أيلول / سبتمبر

الجامد والسائح... في حكاية الحاج أبي صالح

GMT 15:52 2024 السبت ,28 أيلول / سبتمبر

الفرق بين المقاومة والمغامرة

GMT 15:49 2024 السبت ,28 أيلول / سبتمبر

أشياء منى حلمى

نجمات العالم يتألقن بإطلالات جذّابة بأسبوع الموضة في باريس

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 10:42 2024 الإثنين ,30 أيلول / سبتمبر

داليا البحيري تُبدي إعجابها بمدينة طنجة المغربية
المغرب اليوم - داليا البحيري تُبدي إعجابها بمدينة طنجة المغربية

GMT 20:58 2019 الجمعة ,06 أيلول / سبتمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 08:59 2018 الإثنين ,09 تموز / يوليو

اثر الفساد على الدخل القومي

GMT 21:17 2024 الخميس ,01 آب / أغسطس

كمبيوتر عملاق يكشف أسرار الأدوية

GMT 02:58 2016 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

دراسة تكشف علاجًا جديدًا لمرضى السكري من جلد المرضى

GMT 22:20 2019 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

رسميًا برشلونة يعلن غياب ديمبلي 10 أسابيع للإصابة

GMT 05:48 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

4 أسباب تجعل هولندا "جنة الدراجات الهوائية"

GMT 10:00 2019 الإثنين ,07 تشرين الأول / أكتوبر

" وصايا" للكاتب عادل عصمت الأكثر مبيعًا بالكتب خان
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib