بقلم : سمير عطا الله
عام 1929، أصدر الزعيم الهندي جواهر لال نهرو مؤلفاً جميلاً بعنوان «رسائل من أب إلى ابنته»، التي كانت في العاشرة من العمر، وأصبحت فيما بعد أنديرا غاندي، رئيسة الوزراء. في الستينات، صدرت في بيروت ترجمة للكتاب بعنوان «لمحات من تاريخ العالم» تتضمن ثلاثين رسالة، يشرح لها من خلالها الأوضاع السياسية في العالم.
من أجمل وأمتع الهدايا الأدبية التي تلقيتها هذا العام كتاب «300.000 عام من الخوف» للدكتور جمال أبو الحسن، المتحدث الرسمي باسم الأمين العام للجامعة العربية الدكتور أحمد أبو الغيط. والكتاب عبارة عن مجموعة من الرسائل الموجهة إلى ابنته ليلى، يشرح فيها،على طريقة نهرو، وبأسلوبه الأبوي المبسط، وجوه ووسائل الحياة البشرية، خارج نطاق السياسة. هل اتخذ الكاتب الفكرة من نهرو أم لا؟ لست أعرف. ولكن سواء فعل أم لا، فنحن أمام عمل باهر، لا نشهد منه الكثير في مكتبتنا.
مجموعة دروس جذابة في علم الحياة، أو ما يسميه هو «الشِفرة الاجتماعية». ومن خلال الدروس المبسطة التي يعطيها لابنته يعرف قارئ عادي مثلي أن «أرامكو» هي أكبر شركة في العالم وبضاعتها هي النفط. لكن الشركات التي تأتي بعدها مباشرة لا بضاعة لديها للبيع. إنها تبيع شيئاً في الهواء، نسميها المعلومات أو الداتا (آبل، مايكروسوفت... إلخ). تتجاوز قيمة هذه الشركات تريليونات الدولارات، لكن ليس في المصانع والعقار والسدود.
الكومبيوتر تستخدمه ليتجسس عليك، ويعرف الكتب التي تقرأها، والوجبات التي تطلبها، والأفلام التي تحب مشاهدتها، ثم يبيع كل هذه المعلومات إلى شركة أخرى تعرف كيف تسوّق. لم يبدأ عصر المعلومات بالأمس، ولكن منذ زمن قديم. غير أن المذهل فيه أنه يبدأ كل يوم.
العنصر الأهم والأغلى في الكومبيوتر ليس البلاستيك والمعدن، بل «الفكر» أو «الدماغ»، أو «السوفت وير» الذي ينسخ لك في ثوانٍ عشرة كتب، أو يحل عشر عمليات حسابية، أو يعزف عشر قطع من الموسيقى. ولم يكن ما عرفه الإنسان من قبل، هيناً، أو قليلاً. فقد عبد الشمس لأنه عرف أنها تعطي الطاقة وأن كل شيء يدور حولها، ثم إنها تعطيه النهار والنور بينما العكس هوالظلام والعتم.
الأرض هي الكوكب الوحيد الذي يبعد عن الشمس المسافة الحكيمة التي تبقيه حياً. لو اقترب قليلاً لبلغ الماء درجة الغليان وتدمر كل شيء. كم تبلغ هذه المسافة الحكيمة؟ الشمس أكبر مليون مرة من الأرض. وهي تتحكم في مصيرنا من مسافة 150 مليون كلم.
لقد بلغ عدد البشر قبل أيام 8 مليارات نسمة. ولولا التقدم التكنولوجي لما أمكن فهم البقاء «ومن حسن الحظ أن التكنولوجيا ليست مهددة بالنفاد مثل الأشياء المادية، كالنفط مثلاً، أو المعادن. وبعكس ذلك كلما ازداد عدد السكان تطورت آفاق التكنولوجيا».