هل الإسكندر تجليطة «موته وإرثه وسلوقس»

هل الإسكندر تجليطة؟: «موته وإرثه... وسلوقس»

المغرب اليوم -

هل الإسكندر تجليطة «موته وإرثه وسلوقس»

سمير عطا الله
بقلم : سمير عطا الله

في القرن الرابع ق.م، أكمل الإسكندر بنفسه حملاته من دون انقطاع، مستديراً عبر الهندوكوش، نزولاً في وادي الإندوس، وأسس حصوناً جديدة وثكنات كعادته، ولكن في حينها، كانت قد بدأت تعلو صيحات المعارضة من جهة رجاله المنهكين والتائقين للعودة إلى أوطانهم. ومن وجهة نظرٍ عسكريّة، يمكن اعتبار الإنجازات التي أتمّها قبل وفاته في بابل عن عمر اثنين وثلاثين عاماً، في العام 323 ق.م في ظروفٍ ما زال يلفّها الغموض، أكثر من مذهلة، لا سيّما بسرعتها القياسية وامتدادها العظيم. وما لا يقل عن ذلك عظمة، ولكن يُنسى أحياناً، هو حجم الإرث الذي تركه، والتأثير اليوناني القديم الذي اندمج بإرث بلاد فارس، والهند، وآسيا الوسطى، وحتّى الصين.
ورغم أن موت الإسكندر المفاجئ، تلته فترة من الاضطرابات والنزاعات بين كبار قوّاده، فإنه سرعان ما ظهر قائدٌ للنصف الشرقي من الأراضي الجديدة، وهو ضابطٌ وُلد في شمال مقدونية يدعى سلوقس، كان قد شارك في رحلات الإسكندر الاستكشافيّة المهمّة كلّها. وفي غضون بضع سنواتٍ على موت الإسكندر، وجد سلوقس نفسه حاكماً على أراضٍ تمتد من العراق إلى نهر إندوس، فالأراضي كانت واسعة لدرجة أنها كانت أقرب إلى إمبراطورية منها إلى مملكة. وأسس سلالة تُعرف بـ«السلوقيين»، حكمت طيلة ثلاثة قرون. إذاً، غالباً ما تعد انتصارات الإسكندر مجرد سلسلة من الربح القصير الأمد، وإرثه زائلاً ومؤقتاً، ولكنها كلها لم تكن إنجازات انتقالية، بل كانت انطلاقة لفصلٍ جديد للمنطقة الواقعة بين البحر المتوسط وجبال الهيمالايا.
وشهدت العقود التي أعقبت موت الإسكندر، هيئة مبرمجة واضحة، تم فيها تعريف الشرق على الأفكار والموضوعات والرموز الإغريقيّة القديمة. وكان المتحدرون من الألوية يتذكرون أصولهم الإغريقية ويتمسكون بها، حتى إنهم جسّدوها بالعملات التي كانت تصب في النقاط الاستراتيجية على الطرق التجارية وفي الأوساط المزدهرة زراعياً. وبات شكل هذه العملات موحداً: فهي كانت تحمل على أحد وجهيها صورة الحاكم الحالي مع إكليلٍ من الجدائل، ينظر إلى اليمين كما فعل الإسكندر، وعلى الوجه الآخر، صورة أبولو واسمه مكتوبٌ باليونانية. وكان يمكن سماع اللغة اليونانية ورؤيتها في أرجاء آسيا الوسطى كلها، وفي وادي إندوس، وفي آيخانم الواقعة في شمال أفغانستان، وهي مدينة جديدة أسسها سلوقس، وتمّ حفر حِكَم من أقوال دلفي على أحد المعالم، من بينها:
في طفولتك كُنْ مؤدباً، وفي شبابك كُنْ منضبطاً،
وفي رشدك كُنْ عادلاً، وحين تشيخ كُنْ حكيماً،
وعند الموت كُنْ من دون ألم.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل الإسكندر تجليطة «موته وإرثه وسلوقس» هل الإسكندر تجليطة «موته وإرثه وسلوقس»



GMT 16:02 2024 السبت ,28 أيلول / سبتمبر

إيران ماذا ستفعل بـ«حزب الله»؟

GMT 15:59 2024 السبت ,28 أيلول / سبتمبر

أنطونيو غرامشي... قوة الثقافة المتجددة

GMT 15:57 2024 السبت ,28 أيلول / سبتمبر

الجامد والسائح... في حكاية الحاج أبي صالح

GMT 15:52 2024 السبت ,28 أيلول / سبتمبر

الفرق بين المقاومة والمغامرة

GMT 15:49 2024 السبت ,28 أيلول / سبتمبر

أشياء منى حلمى

نجمات العالم يتألقن بإطلالات جذّابة بأسبوع الموضة في باريس

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 10:42 2024 الإثنين ,30 أيلول / سبتمبر

داليا البحيري تُبدي إعجابها بمدينة طنجة المغربية
المغرب اليوم - داليا البحيري تُبدي إعجابها بمدينة طنجة المغربية

GMT 09:44 2022 الثلاثاء ,05 تموز / يوليو

ملك البحرين يتلقى برقية من رئيس جمهورية الفلبين

GMT 21:14 2019 الجمعة ,06 أيلول / سبتمبر

تجنب اتخاذ القرارات المصيرية أو الحاسمة

GMT 19:13 2018 السبت ,06 تشرين الأول / أكتوبر

مقتل فتاة على يد شخص أربعيني في مدينة أغادير

GMT 05:50 2018 الأربعاء ,12 أيلول / سبتمبر

كيندال جينر تتألق بفستان جذاب باللون الأبيض

GMT 08:06 2018 الخميس ,06 أيلول / سبتمبر

"ليستر " تكشف عن أسرع سيارة للدفع الرباعي

GMT 12:11 2017 الثلاثاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

مقتل عبد الله صالح على يد الحوثيين يشعل الغضب في اليمن

GMT 14:52 2017 الجمعة ,01 كانون الأول / ديسمبر

الرجاء تألق عالميًا قبل مجيء بودريقة

GMT 00:32 2017 الإثنين ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

الدكتور مجدي حمدان يقدم 3 خطوات أساسية لتغيير الذات

GMT 12:07 2016 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

الفأر الجبلي يستطيع مضغ لوح خشبي بكُبر علبة الكوكاكولا
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib