عقد على غيابه صفقوا صفقوا

عقد على غيابه: صفقوا... صفقوا

المغرب اليوم -

عقد على غيابه صفقوا صفقوا

سمير عطاالله
سمير عطاالله

لا أدري إذا كانت نقطة ضعف أنيس منصور أنه كان كل الأشياء معاً أم هي قوّته. لكنه برع في الكثير منها، خصوصاً الزاوية القصيرة، أو «عمود» الصفحة الأخيرة، وهو تقليد أُخذ عن الصحافة الأميركية، حيث صارت الأخيرة في مقام الأولى، ولكن بالتنوع والوجدانية والانطباعات والاعترافات الشخصية. درس أنيس الفلسفة، ثم درّسها. لكنه اكتشف أن هذا العمل الراقي يدرّ عليه 5 جنيهات شهرياً، ما يكفي لوجبتي غداء وعشاء. فيما قرر له كامل الشناوي 60 جنيهاً في الشهر عندما ضمّه إلى صحيفة «الأساس». ومن هو كامل الشناوي هذا؟ هذا أطيب وأكرم وأذكى خلق الله كلهم، كما في وصف أنيس. ومن هو الرجل الثاني بعد كامل، سيد العشاق وأحزنهم وأمير الصحافيين من دون إمارة، الذي يصرف راتبه وقروضه على عشاوات الباشوات

والصحافيين؟ هو أيضاً كامل الشناوي. «وليس أحسن منه راوياً ومحدثاً ومضحكاً. إنه آخر الظرفاء في تاريخ الأدب والصحافة. فهو أستاذ النكتة والشياكة والقفشة الذكية»... وليس له مثيل في تاريخ الصحافة كل «العصور». لن تجد أنيس، الضنين عامة بكل شيء، يغدق كل هذه المشاعر على إنسان آخر. فهو عملي منطقي ديكارتي من أيام الفلسفة وأستاذه عبد الرحمن بدوي. ولا تظهر العاطفة في آلاف المقالات التي كتبها، إلا عندما يتحدث عن أمه، أو عن جمال خالته، التي يبدو أنها كانت سيدة يفوق جمالها، معدل العائلة والمرحلة. لكن طاب له أن يلقَّب بـ«عدو

المرأة»، وأن يُنتقَد ويهاجَم بسبب ذلك من النساء والرجال. لم يلتفت إلى ذلك كثيراً. كان يقول إن الممثل يمل من تكرار الكلام نفسه كل يوم، والضحكات نفسها. لكنه لا يمل أبداً من التصفيق وتكرار التصفيق. وأعتقد أن فيه شيئاً من ذلك. كان يهمه النجاح والتفوق وأن يكون ذكره إلى جانب العمالقة، خصوصاً أساتذته، الذين أحبهم وتعلّم منهم وساعدوه على صنع شهرته. وعلى نحو خاص مصطفى وعلي أمين. وكان معجباً بتجربتهما في تجديد الصحافة، واختصار الخبر والصياغة المباشرة. وهذا يعني أنه لم يكن معجباً بـ«الأهرام» ومدرسة هيكل وحبه التزويقوالاستطراد، مع أنه نقل عموده إلى الصفحة الأخيرة منها. وفي سنواته الأخيرة كان يوزع غزارته اليومية على عمودين، واحد في «الشرق الأوسط» والثاني في «الأهرام». ولم يكن يراعي رغبات هذا الجمهور أو ذاك، وإنما مخزونه الخاص، وفيه رحلته إلى إندونيسيا، أو السهرة عند محمد عبد الوهاب. ولم ينجح الصديق عبد الوهاب في تحاليل العالم النفسي الأنيس. فهذا المطرب الأول في الشرق، كان يعرف أن حياة الحنجرة محدودة، ولذلك ركز على التلحين. وأغنية «من غير ليه» التي كانت آخر ما غنى، لم يضعها لنفسه، بل لعبد الحليم حافظ. لكن عندما توفي «الحليم» وجد عبد الوهاب نفسه أمام خيار واحد، وهو أن يغنيها هو.

وصدف أن غنّاها يومها للمرة الأولى في قاعة «ألبرت هول» في لندن. وذهبتُ لسماع «موسيقار الشرق» يغني أغنيته الأخيرة، لكننا استمعنا إلى رجل في الثامنة والثمانين لم يبقَ في حنجرته إلا القليل من حنجرة «الهوى والشباب». ولم يطرب أحد لهذا الإخفاق. وندمنا أننا شهدنا عليه.
إلى اللقاء...

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عقد على غيابه صفقوا صفقوا عقد على غيابه صفقوا صفقوا



GMT 22:27 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

تل أبيب ــ دمشق... سقوط الضمانات

GMT 19:37 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وانفقأ دُمّل إدلب

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

عمان - المغرب اليوم

GMT 15:56 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الوجهات السياحية المفضلة للشباب خلال عام 2024
المغرب اليوم - الوجهات السياحية المفضلة للشباب خلال عام 2024

GMT 09:56 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

المغرب تصنع أول دواء من القنب الهندي لعلاج الصرع
المغرب اليوم - المغرب تصنع أول دواء من القنب الهندي لعلاج الصرع

GMT 03:18 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أحمد السقا يكشف موقفه من تمثيل ابنته ومفاجأة عن ولاد رزق
المغرب اليوم - أحمد السقا يكشف موقفه من تمثيل ابنته ومفاجأة عن ولاد رزق

GMT 07:41 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

إكس" توقف حساب المرشد الإيراني خامنئي بعد منشور بالعبرية

GMT 09:57 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لتنسيق اللون البني خلال فصل الشتاء بطرق عصرية

GMT 08:19 2022 الثلاثاء ,29 آذار/ مارس

أبرز تصاميم الأبواب الخارجية المودرن لعام 2022

GMT 10:54 2015 الإثنين ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الأميرة سلمى تدشن غداً الثلاثاء مركزًا للسرطان في بني ملال

GMT 12:48 2019 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

الجواهري يُحذر من ضعف ادخار الأسر وارتفاع اكتناز المال

GMT 23:34 2018 الجمعة ,14 كانون الأول / ديسمبر

أليغري يؤكّد أن ديربي "تورينو" يتطلب مهارة فنية

GMT 10:21 2018 السبت ,20 تشرين الأول / أكتوبر

أجمل تصاميم الأرجوحة المناسبة لحديقة منزلك هذا الصيف

GMT 04:51 2017 السبت ,30 كانون الأول / ديسمبر

كيفية منع تطور مرض "السكري" في جسم الإنسان

GMT 02:02 2014 الإثنين ,22 كانون الأول / ديسمبر

عرفة يؤكد "أودي" تغزو الأسواق العالمية بسيارات جديدة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib