حضارات الضفاف

حضارات الضفاف

المغرب اليوم -

حضارات الضفاف

سمير عطاالله
سمير عطاالله

في مثل هذه الأزمان الصعبة، تكثر التأملات في أوضاعنا وأحوالنا، وتزداد التساؤلات عن موقعنا بين الشعوب والأمم. فأين نحن من سباق الأدوية، وأي دور لنا في محاربة الأوبئة، ومتى نخرج من عصور الكلام لندخل عصور الصناعة، ولو في أبسط بدائياتها؟

لا وجود لنا على أي خريطة صناعية. ولا محاولة ولا هم. كلما حدثت ظاهرة كونية كالطاعون، عدنا إلى ابن سيناء، نتوقف عنده، ونعتبر عدم المباهاة به، جزءاً من المؤامرة علينا. وكلما ابتعد الإنسان في الفضاء، وتنقل مليارات الناس في أجواء العالم، عدنا إلى عباس بن فرناس، وقلنا إنه لولاه لما حلق الإنسان أكثر من قفزة فوق حائط جيرانه.

عندما نقول «دولة كبرى» نعني دولة صناعية. مليار صيني ومليار هندي لم يكونوا يشكلون دولة كبرى قبل دخول العصر الصناعي. ليس صناعة الطائرات أو الدبابات أو الصواريخ، بل السفن مثل اليونان أو بولندا، والأدوية مثل سويسرا، والسيارات مثل تشيكيا. أي شيء ينبئ بأننا بلغنا شيئاً من القرن الثامن عشر. أي تصدير إلى أسواق العالم يتعدى البطاطا والحمضيات والتفاح.

قامت معظم الحضارات حول الأنهر. نحن لا نزال نفاخر بالحضارة الأشورية حول الفرات. ولا تزال ضفاف النيل على ما تركها مصطفى سعيد بطل الطيب صالح في «موسم الهجرة إلى الشمال» الذي أصيب بالصدمة الحضارية في لندن. خذ بالمقابل أي تطور حدث في حوض الراين وعلى ضفاف السين والتيمز والمسيسيبي والفولغا والتيبر (روما).
لكي ننتمي إلى العالم المتقدم يجب أن يكون لدينا خوارزمي آخر وابن سينا معاصر ومصنع يوفر قطع الطائرات لابن فرناس. دورة النهوض لا تتوقف. أميركا التي نحرق أعلامها كل يوم عبارة عن مغامرة خيالية لا تُصدق، والصين ظلت ما بين الأفيون وقصائد ماو تسي تونغ إلى أن دخلت المصنع لتصبح دولة تضم مائة مدينة ومدينة، (فوق المليون نسمة) تعيش بين الكفاية والرخاء.

يكفينا أن نحقق 5 في المائة مما حققته اليابان، و10 في المائة مما بلغته كوريا الجنوبية، و15 في المائة من منجزات سنغافورة. دعك من أميركا وأوروبا، ولنتأمل جيراننا في آسيا الجديدة. وحتى في بعض أفريقيا. الذين يذكرون رواية نجيب محفوظ «ثرثرة فوق النيل» يتساءلون وماذا عن ثرثرة فوق دجلة والفرات والعاصي والليطاني و... «النهر العظيم».

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حضارات الضفاف حضارات الضفاف



GMT 16:02 2024 السبت ,28 أيلول / سبتمبر

إيران ماذا ستفعل بـ«حزب الله»؟

GMT 15:59 2024 السبت ,28 أيلول / سبتمبر

أنطونيو غرامشي... قوة الثقافة المتجددة

GMT 15:57 2024 السبت ,28 أيلول / سبتمبر

الجامد والسائح... في حكاية الحاج أبي صالح

GMT 15:52 2024 السبت ,28 أيلول / سبتمبر

الفرق بين المقاومة والمغامرة

GMT 15:49 2024 السبت ,28 أيلول / سبتمبر

أشياء منى حلمى

نجمات العالم يتألقن بإطلالات جذّابة بأسبوع الموضة في باريس

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 13:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 19:02 2024 الأربعاء ,11 أيلول / سبتمبر

مبابي في قلب حرب باردة داخل المنتخب الفرنسي

GMT 19:59 2024 السبت ,14 أيلول / سبتمبر

ميسي يعود للملاعب بعد غياب شهرين للإصابة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib