مدن الصيف مقرن النيلين

مدن الصيف: مقرن النيلين

المغرب اليوم -

مدن الصيف مقرن النيلين

سمير عطا الله
بقلم - سمير عطا الله

كانت الرحلة إلى نيروبي تبدأ من القاهرة، لا بيروت. ومن القاهرة إلى الخرطوم حيث تمضي بضعة أيام جميلة في العاصمة المثلّثة، ومن بعدها نيروبي. نحن في عام 1963، على مسافة أيام قليلة من العام التالي. وطائرات «الكويت» النفاثة محدودة الوقود والمسافات... إذن؛ هاكُمُ الخرطوم مدخلاً إلى أفريقيا. وفي الخرطوم كان الباب العالي. رئيس تحرير «الأيام»، ويدعى محجوب، مثل جميع السودانيين، وأعتذر من نسيان اسم العائلة... كان لائقاً ولطيفاً، أيضاً مثل جميع أهل السودان. تفضَّل وأعطاني فكرة موضوعية عن الحالة السياسية، وعن الصحافة، وعن تعلق السودان بعروبته. وتحدث عن الجنوب. وقال إن الاستعمار تركه متخلفاً، والآن ينخر فيه تخلفه. وروى لي، على سبيل المثال، أن الجنوبيين لا يزالون يأتون إلى الخرطوم بعادات الغابات الداخلية. مثلاً؛ يمشون في خط مستقيم لكي يحمي بعضهم بعضاً. ومنهم من يأتي العاصمة وليس له اسم يُعرف به، فينتقي الاسم الذي يعجبه: شلفون. بوليس. حكومة. شاويش. وغالباً ما تسمع أحدهم ينادي الآخر في الشارع بمثل هذه الرتبة.

اقترح الأستاذ محجوب أن أفضل مشهد يمكن لزائر الخرطوم أن يمتع به النفس هو ملتقى النيلين؛ الأبيض والأزرق، ويُدعى «الغابة». صباح اليوم التالي أوصاني الفندق بأفضل سائق تاكسي في عموم البلدان السودانية... العمّ محجوب عثمان المحجوب.

سألني العمّ باللطف السوداني، الذي لا يُغلب، من أين أنا. فلما ذكرت لبنان، قال إنه لا «يعرفها». وهي عادة قديمة عند أهل وادي النيل؛ أي تأنيث لبنان رغم كل المناشدات. ثم إن فريقاً من السودانيين يؤنث المذكر أيضاً، وعليك أن تتفهم الطيبة حين يقول لك أحدهم: «إنتي سِبْتِي لبنان من زمان؟».

إذا كان مشهد نيل واحد مبهراً، فكيف إذا التقيا؟ كان الملتقى لا يزال بدائياً، هو وبحّارته ونخيله السامق، وصوت هدير المقرنَين؛ يأتيان ويمضيان، وينبعان ويتفرعان، ويخصبان ويَطْمُوَان، ويعظمان، ويحولان الرمال معاً إلى وادٍ أزلي من الحياة.

آه؛ نسيت منظر الطيور في الغابة. إنه المساء، وهي تنتظم إلى مضاجعها. قوائمها طويلة مثل البحارة العمالقة، وأصواتها خافتة من تعب النهار.

إلى اللقاء...

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مدن الصيف مقرن النيلين مدن الصيف مقرن النيلين



GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

GMT 07:04 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

وزن تأريخ الأردن في التوجيهي 4 علامات.. أيعقل هذا ؟!

GMT 07:01 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

لكنّها الطائفيّة... أليس كذلك؟

GMT 06:58 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

العلويون جزء من التنوّع الثقافي السوري

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 03:07 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

الولايات المتحدة تسجل أول وفاة بشرية بسبب إنفلونزا الطيور
المغرب اليوم - الولايات المتحدة تسجل أول وفاة بشرية بسبب إنفلونزا الطيور

GMT 07:09 2018 الإثنين ,29 كانون الثاني / يناير

مستحضرات تجميل تساعدك في تكبير شفتيك خلال دقائق

GMT 03:29 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

ديكورات ثلاجات يُمكن أن تستوحي منها إطلالة مطبخك

GMT 01:08 2018 الأربعاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

عطيات الصادق توضح كيفية التعامل مع أهل الزوج

GMT 00:10 2018 الخميس ,11 تشرين الأول / أكتوبر

التشكيلي رشيد بنعبد الله يحتفي بالفرس في معرض فردي

GMT 07:30 2018 الإثنين ,03 أيلول / سبتمبر

مصممة تضفي لمسة جمالية على منزل قديم في إنجلترا

GMT 05:49 2018 الإثنين ,18 حزيران / يونيو

تعرفي على أحدث تصاميم "الحنة البيضاء"
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib