المنسي في وادي الملوك

المنسي في وادي الملوك

المغرب اليوم -

المنسي في وادي الملوك

سمير عطاالله
سمير عطاالله

نحن في أسيوط. يتوفى زوج تاركاً خلفه أرملته ووحيدته الصغيرة، عائشة. وسوف نفهم من الفصول التالية في الرواية أننا في بداية القرن الماضي. أما كيف نعرف ذلك فمن اسم اللورد كرومر، سفير بريطانيا. ومن اسم هوارد كارتر البريطاني الذي حقق أهم اكتشاف تحت الأرض: مدفن الفرعون، توت عنخ آمون.

تقرر الأرملة أن تهرب ابنتها عائشة إلى أي مكان، من شقيق زوجها عمران، الذي يتزوج منها، لكن عينه المتوحشة على عائشة. تأخذها إلى مدرسة أجنبية للبنات بعد أن تغير اسمها إلى ماري. وتعود من دونها إلى نجع بني خلف.

هنا تبدأ أوركسترا السرد الروائي في عزف «يوم غائم في البر الغربي». ويبدأ محمد المنسي قنديل في خلط التاريخ القديم بالتاريخ الراهن، وثورة توت عنخ آمون بالثورة العرابية، فيما يتغير عالم عائشة من المدرسة الداخلية إلى مترجمة في منزل اللورد كرومر إلى موظفة إدارية في أحد بيوت الدعارة في القاهرة.في هذا العمل الضخم (450 صفحة، دار الشروق)، يلقننا المنسي دروساً في التاريخ وفي العلاقات البشرية وفي حياة الريف القاسية والمعذبة. أما ما لا يمكن أن نتعلمه منه، فهذا الفن الروائي والسرد المطرز بخيوط من الذهب، والقطن والكتان والدماء، والحب والبؤس والمؤامرة والتمرد والخيانة والحروب.

ساحرٌ المنسي في جميع التفاصيل، وفي تخيلها، وفي رسم وشرح الحالة الإنسانية في مصر. وفي هذا السرد الساحر يتكرر أبطاله عبر التاريخ ومن أسيوط إلى أسوان إلى القاهرة. ويتكرر مشهد الذئاب التي ترضع الفرعون الطفل، ثم تفترس «عمران» العم الذي افترس عائشة بعد وفاة أمها.

كما يحدث لك عندما تؤخذ بمشاهد فيلم وتنسى أنك في السينما بين يدي مخرج وسيناريست، يخطف المنسي مشاعرك في كل صفحة بلا رحمة. دائماً ترى نفسك وأنت تقرأ الصفحة التالية. دائماً أنت ملهوف لمعرفة ماذا يحدث لأبطاله من نفرتيتي إلى عائشة إلى رسام الحركة الوطنية الذي تُغرم به، إلى الزعيم مصطفى كامل الذي يوظفها في جريدة «اللواء» صحيفة الحركة الوطنية.

لكن الخيبة تلاحق عائشة. الرسام يسافر إلى أوروبا، ومصطفى كامل يموت مريضاً، وبمحض الصدفة تعود هي للالتقاء بالرسام والمنقب هوارد كارتر. هنا يجب أن نلاحظ أن الصورة التي يعطيها المنسي للأبطال الحقيقيين في الرواية، مثل كارتر، مختلفة عن التي رسمها لهم المؤرخون. خصوصاً البريطانيين منهم. لكننا نخرج في نهاية المطاف، بكنوز «وادي الملوك» وطرق الطين والتراب في الريف، والنواجع وحكايات التاريخ المصري. وعبثاً نبحث في النهاية عن عائشة. لقد تركها مشردة في مخيلتنا.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المنسي في وادي الملوك المنسي في وادي الملوك



اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 09:11 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

المغرب يستعيد مكانته كأول وجهة سياحية في إفريقيا
المغرب اليوم - المغرب يستعيد مكانته كأول وجهة سياحية في إفريقيا

GMT 08:17 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

ترامب يؤكد أن بوتين يرغب في اجتماع لإنهاء حرب أوكرانيا
المغرب اليوم - ترامب يؤكد أن بوتين يرغب في اجتماع لإنهاء حرب أوكرانيا

GMT 16:36 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

بسمة بوسيل تشوّق جمهورها لأغنيتها الجديدة "لأ ثواني"
المغرب اليوم - بسمة بوسيل تشوّق جمهورها لأغنيتها الجديدة

GMT 13:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 16:47 2022 الجمعة ,14 كانون الثاني / يناير

حزب التجمع الوطني للأحرار" يعقد 15 مؤتمرا إقليميا بـ7 جهات

GMT 01:35 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

مواعيد مباريات اليوم الثلاثاء 24 - 12 - 2024 والقنوات الناقلة

GMT 01:40 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

زين الدين زيدان يرفض عروض التدريب بعد رحيله عن ريال مدريد

GMT 20:05 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

فيسبوك يضيف "عدد المشاهدات" للصور والنص في المنشورات

GMT 02:45 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

حكيم زياش أكثر من سجل للمنتخب المغربي في ملاعب إفريقيا
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib