بقلم - سمير عطا الله
انجذب كثير من الفلسطينيين نحو هذا المستشفى، وغيره من المستشفيات، على أمل أن يمثل ملاذاً من العنف –وكانوا مخطئين.
تدفق الناس إلى المستشفى: يعيشون في الممرات، وممرات السلالم، وحتى حجرات التخزين. الممرات التي كانت واسعة سابقاً، والتي صمَّمها «الاتحاد الأوروبي» لاستيعاب حركة المرور المزدحمة للموظفين، والنقالات والمعدات، جرى الآن تقليصها إلى ممر واحد. وعلى كلا الجانبين، كانت هناك بطانيات معلَّقة من السقف لتطويق مناطق صغيرة لعائلات بأكملها، مما يوفر قدراً من الخصوصية. ويواجه المستشفى المصمَّم لاستيعاب نحو 300 مريض، الآن رعاية أكثر من 1000 مريض ومئات آخرين من الباحثين عن ملجأ.
كان هناك عدد محدود من الجراحين المحليين المتاحين. وقيل لنا إن الكثير منهم قُتلوا، أو اعتُقلوا، وإن مكان وجودهم، أو حتى وجودهم، غير معروف. وكان آخرون محاصرين في مناطق محتلة في الشمال، أو في أماكن مجاورة، حيث كان السفر إلى المستشفى محفوفاً بالمخاطر.
لم يتبقَّ سوى جراح تجميل محلي واحد، وكان يغطي المستشفى على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع. لقد تم تدمير منزله، لذلك عاش في المستشفى، وتمكن من وضع جميع ممتلكاته الشخصية في حقيبتين صغيرتين لليد.
أصبحت هذه الرواية شائعة جداً بين بقية الموظفين في المستشفى. كان هذا الجراح محظوظاً، لأن زوجته وابنته ما زالتا على قيد الحياة، على الرغم من أن جميع العاملين في المستشفى تقريباً كانوا في حالة حداد على فقدان أحبائهم.
بدأتُ العمل على الفور، حيث أجريتُ من 10 إلى 12 عملية جراحية يومياً. وعملتُ من 14 إلى 16 ساعة في المرة الواحدة. غالباً ما كانت غرفة العمليات تهتز من جراء القصف المتواصل، الذي كان يحدث أحياناً كل 30 ثانية. لقد أجرينا العمليات في ظروف غير معقمة، لم يكن من الممكن تصورها في الولايات المتحدة.
كانت قدرتنا على الوصول إلى المعدات الطبية الحيوية محدودة: كنا نُجري عمليات بتر للأذرع والأرجل يومياً.
كان من الممكن تجنب كثير من عمليات البتر إذا كانت لدينا إمكانية الوصول إلى المعدات الطبية القياسية. لقد كان صراعاَ كبيراً في محاولة رعاية جميع المصابين في إطار نظام الرعاية الصحية الذي انهار تماماً.