مدن الإسلام بقاء القيروان

مدن الإسلام: بقاء القيروان

المغرب اليوم -

مدن الإسلام بقاء القيروان

سمير عطا الله
بقلم : سمير عطا الله

في القرن الثاث عشر، أعطى بنو حفص المسجد مظهراً أكثر تحصيناً، حيث أضافوا دعامات لدعم الجدران الخارجية المتساقطة، وهي ممارسة استمرت في القرون اللاحقة، ففي عام 1294 قام الخليفة المستنصر بترميم الفناء وإضافة بوابات ضخمة: مثل باب الماء في الشرق، وباب للا رجانة في الغرب. كما بنيت بوابات إضافية في القرون اللاحقة.
كان الجامع الكبير، بمعنييه الحرفي والمجازي، في قلب نشاط القيروان ونموها ومكانتها. رغم أن المسجد يقع الآن بالقرب من أسوار المدينة الشمالية الغربية التي تم إنشاؤها في القرن الحادي عشر، عندما أسس سيدي عقبة القيروان، فإنه كان على الأرجح أقرب إلى وسط المدينة، بالقرب من مقر الحاكم آنذاك والطريق الرئيسية. بحلول منتصف القرن العاشر، ازدهرت القيروان مع الأسواق والزراعة المستوردة من المدن المجاورة، وشبكة صهريج المياه الشهير، ومناطق تصنيع المنسوجات والسيراميك. كانت عاصمة سياسية، ووجهة حج، ومركزاً فكرياً، لا سيما للمدرسة المالكية للإسلام والعلوم.
شكّل تأسيس مدينة القيروان، أساساً للفتح الإسلامي للمغرب العربي، الذي أصبح ولاية «أفريقية». في عام 654، بعد محاولات عدة، تمكن معاوية بن حدايج، بعد ثلاث حملات عسكرية، من إنشاء أول معسكر محصن. أطلق اسم «القيروان» على معسكره، ثم على المدينة فيما بعد. عُهد بعده إلى القائد العربي عقبة بن نافع بمواصلة فتح أفريقيا. في عام 682، نقل الموقع الأصلي للمعسكر إلى موقع أكثر استراتيجية كان نقطة التقاء مهمة للقوافل، بعيداً عن السواحل التي تحرسها البحرية البيزنطية، ولم يكن قريباً جداً من الجبال.
وشكل المعسكر القاعدة العسكرية لغزو أفريقيا، حيث واجهت القوات العربية، لمدة ثلاثين عاماً، كلاً من البيزنطيين والبربر. ووجدت القيروان نفسها العاصمة الإقليمية لإمبراطورية إسلامية آخذة في التوسع. وعلى غرار عمرو بن العاص الذي فتح مصر وانطلق من معسكر الفسطاط، الذي أصبح فيما بعد القاهرة، قصد عقبة بن نافع إنشاء مدينة جديدة، لذلك بدأ ببناء مسجد كبير لا يزال يحمل اسمه حتى اليوم. حول المسجد، تم بناء منازل دائمة لإيواء الجنود الأوائل، مقسمة إلى مناطق حسب أصولهم. كان المسجد مكاناً جامعاً قصده الجميع لأداء صلاة الجمعة.
أول مدينة عربية في شمال أفريقيا، دمجت القيروان بأراضي الخلافة الأموية، ثم السلالة العباسية التي خلفتها. لكن في عام 800، حرر الأمير الأغلبي نفسه من سلطة الخليفة في بغداد ليؤسس سلالته الخاصة، سلالة الأغالبة، التي كانت أول سلالة عربية محلية. سيطر الأمير على منطقة تمتد حتى شرق الجزائر وتونس وطرابلس.على الرغم من الاستقلال الرسمي، واصل خلفاؤه قسم الولاء للخليفة العباسي. تتوافق فترة الأغالبة (800 - 909) مع ذروة القيروان التي كانت مركزاً رئيسياً لأفريقيا والمغرب العربي، ومركز الفتح العربي في الأندلس 1. ويفسر الصحوة الاقتصادية للمنطقة موقعها الجغرافي على مفترق طرق القوافل، وازدهار الزراعة والحِرف اليدوية فيها.
إلى اللقاء...

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مدن الإسلام بقاء القيروان مدن الإسلام بقاء القيروان



GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

GMT 07:04 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

وزن تأريخ الأردن في التوجيهي 4 علامات.. أيعقل هذا ؟!

GMT 07:01 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

لكنّها الطائفيّة... أليس كذلك؟

GMT 06:58 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

العلويون جزء من التنوّع الثقافي السوري

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 03:07 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

الولايات المتحدة تسجل أول وفاة بشرية بسبب إنفلونزا الطيور
المغرب اليوم - الولايات المتحدة تسجل أول وفاة بشرية بسبب إنفلونزا الطيور

GMT 07:09 2018 الإثنين ,29 كانون الثاني / يناير

مستحضرات تجميل تساعدك في تكبير شفتيك خلال دقائق

GMT 03:29 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

ديكورات ثلاجات يُمكن أن تستوحي منها إطلالة مطبخك

GMT 01:08 2018 الأربعاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

عطيات الصادق توضح كيفية التعامل مع أهل الزوج

GMT 00:10 2018 الخميس ,11 تشرين الأول / أكتوبر

التشكيلي رشيد بنعبد الله يحتفي بالفرس في معرض فردي

GMT 07:30 2018 الإثنين ,03 أيلول / سبتمبر

مصممة تضفي لمسة جمالية على منزل قديم في إنجلترا

GMT 05:49 2018 الإثنين ,18 حزيران / يونيو

تعرفي على أحدث تصاميم "الحنة البيضاء"
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib