بقلم : سمير عطا الله
اثنان من كبار زعماء الغرب خرجا من مقعد القيادة قبل عام: دونالد ترمب، مكرهاً، بعد ولاية واحدة، وأنجيلا ميركل بعد 16 عاماً وثلاث ولايات. هو 74 عاماً، وهي في السابعة والستين. كل منهما استكمل طريقه وأسلوبه وطباعه. هو إلى الحرب الدائمة والإعداد للمرحلة السياسية المقبلة، وهي إلى شقتها الزوجية في برلين. هو كان يستخدم «تويتر» لكي يهاجمها، وهي كانت تستخدم التغريدات لكي تتجاهل طريقته في معاملته. هي، بذلت كل ما تستطيع للتقرب من الرئيس الأميركي الجديد عام 2017، عندما سافرت إلى واشنطن للقائه. وقرأت عنه كل ما تستطيع. ودرست مقابلته الشهيرة مع «بلاي بوي» (1990) التي اعتبرت مبادئه الشخصية. وقرأت في تأنٍ كتابه «فن الصفقة»، وشاهدت حلقات من البرنامج التلفزيوني الذي كان يقدمه.
وصلت المستشارة الألمانية إلى المكتب البيضاوي في البيت الأبيض في 17 مارس (آذار)، ومدت يدها تصافح مضيفها، لكن رئيس الولايات المتحدة لم يمد لها يداً. تصرفت هي بكل عقل وكل برودة. أكملت الاجتماع وعرضت عليه القضايا في خلاصات ميسرة يسهل عليه حفظها. البعض قال إنه تعمد إهانة المستشارة بسبب كرهه للنساء، البعض الآخر بسبب نرجسيته، البعض الثالث قال غيرة من شعبيتها حول العالم. بعد 18 شهراً من رئاسته أعلنت المستشارة أنه للأسف ليس من الممكن إقامة علاقة مثمرة مع الرجل.
ثم جاءت قمة الدول السبع في كندا. وتقدمت ميركل لمصافحة ترمب، لكنه ظل جالساً وعابساً. وتناقلت تلفزيونات وصحف العالم الصورة التي التقطها مصور الحكومة الألمانية الرسمي. عاد الزعماء إلى بلدانهم لكن مساعداً للمستشارة أيقظها من النوم خلال رحلة العودة يبلغها أن ترمب مزق البيان المشترك عن القمة بسبب كلمة قالها رئيس وزراء كندا جاستن ترودو، ثم أعلن الحرب التجارية على كندا.
خرج زعيم أقوى دولة في الغرب من البيت الأبيض بعدما رفض نتائج الانتخابات، ومن خلفه أميركا شبه مقسمة، ورفض تسليم أوراق الرئاسة إلى خَلَفه. وخرجت زعيمة الدولة الثانية في الغرب من دار المستشارية في وداع لم يعرف العالم مثله من قبل. لم تكن ميركل أول امرأة مستشارة فحسب، بل كانت الأكثر نجاحاً وشعبية منذ الحرب. وقد هاجمها ترمب بالمسألة الأكثر شجاعة من حكمها: فتح الباب أمام مليون لاجئ سوري. وقال إن هؤلاء سوف يغيرون الثقافة الألمانية، فيما يطلق معظمهم على المولودات الجديدات اسم أنجيلا.