سيارتان

سيارتان

المغرب اليوم -

سيارتان

سمير عطا الله
بقلم : سمير عطا الله

في العقد الأول من القرن الماضي، وفيما العالم أجمع منبهر ومأخوذ باختراع جديد، هو سيارة بلا خيول ولا علف ولا شعير، قرر البريطانيان تشارلز رولز وهنري رويس، صناعة سيارة تتميز عن الجميع بفخامتها ومتانتها وكلفتها. من أجل هذا الهدف دربا أكثر الميكانيكيين مهارة. وبحثا عن ساعة السيارة لدى أهم الشركات السويسرية، واستعانا للمقاعد بأفضل صناع الجلد. وفي نهاية عام 1907 كان قد بيع من التحفة المتحركة نحو 8000 سيارة سميت «الشبح الفضي».
في الوقت نفسه قرر الأميركي هنري فورد، أن يصنع في مدينة ديترويت سيارة تكون في متناول الجميع، خصوصاً بُسطاء الحال أمثاله، أو أمثال والده المزارع. وبحث عن ميكانيكيين قادرين على صنع أفضل القطع بأرخص الأسعار. وهكذا، خرجت إلى الأسواق سيارة «فورد تي» وكلفتها آنذاك نحو 300 دولار، فهرع الأميركيون من جميع الطبقات لاقتنائها. وبدل أن تُصنع مكوناتها باليد، اخترع «خط التجميع»، فصارت السيارة تبدأ بقطعة واحدة من أول الخط، وتنتهي وقد ضمت مائة قطعة في آخره. من المحرك إلى الكرسي إلى الزجاج إلى المقود إلى العَجَل.
توصل فورد في البداية إلى صنع 15 سيارة في اليوم. وفي عام 1913 حدثت «الأعجوبة» عندما أصبح خط التجميع متحركاً يحمل القطع بدل أن يحملها العمال. وصار كل يوم تقريباً يحمل اختراعاً جديداً في هذه الصناعة. ومع كل اختراع كان فورد يخفض من سعر سيارته بحيث نزل عن 850 دولاراً عام 1908 إلى 345 دولاراً في 1916، ومن ثم إلى رقم مذهل هو 260 دولاراً في 1925. وفيما راح هنري رويْس يكافح من أجل العثور على زبائن في إنجلترا واسكوتلندا وأميركا، كان هنري فورد قد توصل إلى بيع 16 مليون سيارة وضعها في متناول الجميع.
طبعاً استعان هنري فورد بخبرة وعبقرية الكثيرين من المخترعين في الولايات المتحدة والسويد وألمانيا، وأصبح واحداً من أغنى الأثرياء في العالم. وكان بين هؤلاء كارل إدوارد جوهانسن، السويدي، الذي عُرف بلقب «سيد المقاييس الدقيقة»، وسيد الدقة في العالم، ووصفه آخرون بأنه «أديسون السويد».
كانت تلك الدقة العنصر الأهم في نجاح مصانع فورد. وتطور خط الإنتاج السريع إلى إنجاز سيارة كاملة كل 45 دقيقة. وفتح فورد الباب أمام الروبوت الآلي الذي يتكفل إنتاج السيارات في كل العالم اليوم. قرأت مؤخراً أن شركة فورد سوف تدخل مجال السيارات الكهربائية. وقد تأخرت في ذلك بالطبع، وكان الرائج في هذا الحقل الجديد الأميركي إيلون ماسك الذي لم يغير فقط في الصناعة وإنما أيضاً في خفض التلوث الذي يتعرض له الكون. وأصبح ماسك من كبار الأغنياء الأسطوريين في هذا العصر إلى جانب عمالقة التكنولوجيا الآخرين. ولم يعد خط الإنتاج في المصانع يُحصي بضائعه بالعشرات والمئات والآلاف. لقد بدأ المستر فورد صورة لم يكن يتحملها بالتأكيد، لا هو ولا والده المزارع، الذي كان معجباً بقدرة ابنه على تصليح الآلات الزراعية التي تساعده في تحسين مواسمه، فإذا به يقيم ثورة في حياة الإنسان.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سيارتان سيارتان



GMT 16:02 2024 السبت ,28 أيلول / سبتمبر

إيران ماذا ستفعل بـ«حزب الله»؟

GMT 15:59 2024 السبت ,28 أيلول / سبتمبر

أنطونيو غرامشي... قوة الثقافة المتجددة

GMT 15:57 2024 السبت ,28 أيلول / سبتمبر

الجامد والسائح... في حكاية الحاج أبي صالح

GMT 15:52 2024 السبت ,28 أيلول / سبتمبر

الفرق بين المقاومة والمغامرة

GMT 15:49 2024 السبت ,28 أيلول / سبتمبر

أشياء منى حلمى

نجمات العالم يتألقن بإطلالات جذّابة بأسبوع الموضة في باريس

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 09:44 2022 الثلاثاء ,05 تموز / يوليو

ملك البحرين يتلقى برقية من رئيس جمهورية الفلبين

GMT 21:14 2019 الجمعة ,06 أيلول / سبتمبر

تجنب اتخاذ القرارات المصيرية أو الحاسمة

GMT 19:13 2018 السبت ,06 تشرين الأول / أكتوبر

مقتل فتاة على يد شخص أربعيني في مدينة أغادير

GMT 05:50 2018 الأربعاء ,12 أيلول / سبتمبر

كيندال جينر تتألق بفستان جذاب باللون الأبيض

GMT 08:06 2018 الخميس ,06 أيلول / سبتمبر

"ليستر " تكشف عن أسرع سيارة للدفع الرباعي

GMT 12:11 2017 الثلاثاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

مقتل عبد الله صالح على يد الحوثيين يشعل الغضب في اليمن

GMT 14:52 2017 الجمعة ,01 كانون الأول / ديسمبر

الرجاء تألق عالميًا قبل مجيء بودريقة

GMT 00:32 2017 الإثنين ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

الدكتور مجدي حمدان يقدم 3 خطوات أساسية لتغيير الذات

GMT 12:07 2016 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

الفأر الجبلي يستطيع مضغ لوح خشبي بكُبر علبة الكوكاكولا
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib