تحية إلى سعادة الداشي

تحية إلى سعادة الداشي

المغرب اليوم -

تحية إلى سعادة الداشي

بقلم : سمير عطاالله

كان العرب ينظرون إلى المستعربين بالكثير من الحذر، بل والكثير من الخوف. وفي العقل العربي الذي نشأ في ظل الاستعمار، فإن من يتكلف دراسة العربية وصعوبتها، ليس سوى جاسوس يريد التلصص على شؤوننا وقضايانا. وقد أنشأ البريطانيون معهداً لتدريس العربية للدبلوماسيين في قرية شملان القريبة من بيروت، فسمّي بكل بساطة «معهد الجواسيس».
المستعربون من الاتحاد السوفياتي والدول الاشتراكية اعتبروا رفاقاً في النضال وأبطالاً وليسوا جواسيس. وأنشأت موسكو معهد العربية في ديارها بعيداً عن شبهة ديارنا وتلامذة لورانس العرب. وفي أي حال، أغلق معهد شملان منذ سنوات. فلم يعد هناك عربي لا يتحدث الإنجليزية، خصوصاً في البادية التي كان أهلها بعيدين عن المدارس والتعليم عندما جاب فيها «الإنجليز».
كان يجمع بين المستعربين، من جميع الجنسيات واللغات، الثقل اللفظي والتصارع مع العربية وعينها وضادها وحائها وأخواتها. كل واحد يضع من لغته لحنها عندما يتحدث العربية. وبمجرد أن يلفظ الجملة الأولى تعرف إن كان روسياً من بلاد الفولغا، أو بريطانياً من بلاد التيمز، أو فرنسياً من ضفاف السين.
وعندما يتحدث أحدهم إليك، تشعر أنه مُتعب وأن عليك مساعدته واستلحاقه بالكلمات التي يتخبط في مخاضها وصورها. حتى كبار المستشرقين الذين نقلوا عن العربية أصعب الأعمال وأدقها، كانوا عندما يتحدثونها، يتلعثمون، ويتعثرون ويرتطمون، بالحاء، ويرخمّون الصاد، ويشتبكون عبثاً مع الضاد.
ثم أطلت «كورونا». ومن جملة ما فتحت وأغلقت من أبواب، أننا أصبحنا نشاهد سعادة الداشي وانغ كيجيان. تحية طيبة يا سعادة الداشي. لا لكنة ولا لحن ولا ارتباك ولا بحث يائس عن كلمة مفقودة. طلاقة وطلاوة وثراء مدهش في المفردات، والحاء ليس خاءً، والصاد على ما يرام، والضاد كأنك من تميم.
مع تقديري للجهد الذي يبذله الأجانب في الاستعراب، فإنني أفضل غالباً أن يخاطبونا بلغتهم لكي نفهم عليهم أكثر. وكي لا يبدو الحوار بينهم وبيننا مثل حوار المطابخ. إن بعض «الناطقين» الرسميين الأجانب يسيئون إلى العلاقات العامة التي يريدون خدمتها. وما لم يكن المتحدث في كفاءة الداشي وانغ كيجيان، فالأفضل للجميع أن يحافظ كل فريق على كرامة لغته. هلكتنا يا خواجة بيجو

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تحية إلى سعادة الداشي تحية إلى سعادة الداشي



GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

GMT 07:04 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

وزن تأريخ الأردن في التوجيهي 4 علامات.. أيعقل هذا ؟!

GMT 07:01 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

لكنّها الطائفيّة... أليس كذلك؟

GMT 06:58 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

العلويون جزء من التنوّع الثقافي السوري

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 07:09 2018 الإثنين ,29 كانون الثاني / يناير

مستحضرات تجميل تساعدك في تكبير شفتيك خلال دقائق

GMT 03:29 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

ديكورات ثلاجات يُمكن أن تستوحي منها إطلالة مطبخك

GMT 01:08 2018 الأربعاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

عطيات الصادق توضح كيفية التعامل مع أهل الزوج

GMT 00:10 2018 الخميس ,11 تشرين الأول / أكتوبر

التشكيلي رشيد بنعبد الله يحتفي بالفرس في معرض فردي

GMT 07:30 2018 الإثنين ,03 أيلول / سبتمبر

مصممة تضفي لمسة جمالية على منزل قديم في إنجلترا
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib