أسرع من الصمت

أسرع من الصمت

المغرب اليوم -

أسرع من الصمت

بقلم -سمير عطاالله

تتابعت أخبار وقف الرحلات الجوية بسبب «كورونا»؛ شركة تلو أخرى. ولم تشكل عشرات ومئات الشركات شبه المحلية حدثاً في تاريخ الطيران. لكن عندما أعلنت «طيران الإمارات» وقف جميع رحلاتها، شعرت بأن هذه الصناعة المذهلة أقعدها حقاً الوباء الغاشم. لقد أصبح الإنسان مخلوقاً طائراً بعدما ظل لعصور كائناً برياً. ثم اكتشف الملاحة في البحار، فطارد مغارب الشمس ظاناً أنه سوف يلحق بها. لكن حلمه الأكبر كان الطيران. وأول من تحدى العلم جدياً كان القرطبي عباس بن فرناس (القرن التاسع) الشاعر والموسيقي وعالم الحساب. وقد حسب عالمنا الحساب لكيفية الإقلاع كما تفعل الطيور، وفاتَه، كعربي، حساب الهبوط، فلم ينتبه إلى أن الطيور تستخدم مخالبها مثل فرامل لإبطاء النزول. فحلّق وعلا، ووقع محطماً أضلاعه.
لكن تجارب الطيران استمرت حتى أصبح من أهم صناعات الدنيا. وتقوم 250 طائرة في أسطول «الإمارات» بـ3.600 رحلة حول العالم كل أسبوع، فيما تزيد الرحلات الجوية على 45 مليون رحلة كل عام.
لحق «كورونا» بالإنسان براً، وبحراً، وجوياً، وطارده إلى غرفة النوم، وعطّل حركته، وحقّر إنجازه بالطيران أسرع من الصوت. إنه، هذا الداشر القاهر الفاجر، أسرع من الصمت. حتى دور العبادة أغلقها في وجه الناس. حتى عيد الأم، أقدس أعياد البشر، مرّ من دون الغناء لِسِتّ الحبايب. الأبناء أنساهم الخوف ما لا ينسى، لكن الأم وحدها قالت لهم: انسوا العيد واسلموا لي. العيد هو قربكم مني.
لأول مرة أرتضي أن أشاهد ابني وابنتي عبر الفيديو. أنا لا أحب الصور في عالم الأحبّاء. هم أجمل الحقائق. لكن بين الصورة والبعد، استسلمت لحوار الصورة. فلا سفر هذه الأيام. كل في معزله. العالم برمّته مجموعة معازل مغلقة مثل أسوار المدن القديمة. بدل الإنسان التائه هناك اليوم الإنسان الموقوف، المعتقل بدون سبب ومن دون موعد زمني بالانفراج. والناس تهرب من أحلامها التي تحوّلت إلى كوابيس. كنت أغبط زميلاً عزيزاً لأنه يعيش بين روما ومدريد. والأولى أجمل إطار عمراني يستيقظ الإنسان على مرآه. وفي الأيام الأخيرة أقدم على الفرار من روما لأن مدريد أقل خطراً بقليل. ولم نعد نسأل الأصدقاء الذين نتفقدهم: كيف أنت؟ بل: أين أنت؟ وفي زمن الأوبئة تُستعاد الأمثال في الأحاديث. ويكرر الكبار حكمة القدامى بأن «الصحة تاج على رؤوس الأصحاء». وقد أفرغ الهلع مخزنين؛ الغذاء والدواء. ولم يعد المرء حرّاً؛ بل مأموراً. الطوارئ تحدد طريقه، والشرطة ساعات تجوُّله.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أسرع من الصمت أسرع من الصمت



اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 03:55 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

رامي صبري يكشف أمنيته في العام الجديد
المغرب اليوم - رامي صبري يكشف أمنيته في العام الجديد

GMT 02:13 2024 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

قائمة المنتخب المغربي لمواجهة الغابون وليسوتو

GMT 01:48 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

بايرن ميونيخ يسحق رازن في ختام رائع لعام 2024

GMT 01:27 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

برشلونة وأتلتيكو يستعدان لحسم معركة القمة

GMT 01:34 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

ميلان يعيد سكة الانتصارات بهدف تيجاني

GMT 01:17 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

ليفربول يخوض منعطفاً صعباً في حملته أمام توتنهام

GMT 03:37 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

أتلتيكو مدريد يراهن على الفوز بلقب الدوري الإسباني
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib