الشعر القاسي

الشعر القاسي

المغرب اليوم -

الشعر القاسي

سمير عطا الله
بقلم : سمير عطا الله

ظهرت للشاعر اللبناني شوقي بْزَيْع، منذ انضمامه إلى «الشرق الأوسط» قبل سنوات، صورة الناقد المثابر والعادل، إضافة إلى صورة كاتب السِيَر الأدبية التي تكشف الكثير أو القليل من حياة الأدباء والشعراء والنقاد. الأربعاء الماضي كان أجمل وأهم ما قرأت، والأكثر عمقاً وأثراً. يعالج شوقي بْزَيْع بجرأة شديدة وأدب جم حكاية الزواج الفاشل الذي جمع بين «بطريرك الحداثة» يوسف الخال والشاعرة مهى بَيْرقدار، التي أهملها الخال زوجة، وأغفلها شاعرة أو أديبة.
أصدقاء الخال ورفاقه كانوا يعرفون أن الزواج خالٍ من الانسجام. لكن بعد سنوات على وفاته، ها هي تنتقم لذلك الإهمال بالاعتراف بأن الزواج فشل منذ ليلته الأولى، وأن الخال الذي ترك لدى جميع الناس صورة الرجل الطيب والباسم أبداً، هو في المنزل الزوجي رجل قاس، كاره للنساء إلى درجة الاحتقار، يُعنف باستمرار الزوجة الشابة والحسناء الدمشقية، التي بهره جمالها في البداية، لكن منزلهما الزوجي ما لبث أن تحول إلى «بيت بجدران وحيطان كثيرة». تشكو مهى بَيْرقدار من حماس الشاعر للزواج منها، ثم البرودة التي رافقت الزواج من اللحظة الأولى. وتقول مهى إن فارق السن الكبير لم يكن وحده السبب، بل طباع يوسف النَزِقة، وتفضيله «المجتمع الرجالي»، مقتنعاً أن المرأة رفيقة مملة وعلى جانب كبير من السطحية.
يجب أن نتذكر هنا أن حياة الشعراء متشابهة في حالات كثيرة. فهم لم يولدوا من أجل أن يكونوا آباءً وأزواجاً صالحين، بل مجرد رفاقٍ بارعين في السلوى والعشق الهامشي كأنما الزواج عبء حدث لهم على حين غفلة. أو كأنما المرأة هي التي توسَلت الشراكة بين إنسان ضعيف لا مكانة له في المجتمع، وبين رجل تلاحقه الشهرة والإعجاب وتُكتب فيه المدائح. كانت أجواء الشعراء في بيروت، خصوصاً في «حركة شعر» التي أسسها الخال، مختلة اختلالاً واضحاً. وقد تضمنها علاقات أحب فيها الشعراء أنفسهم أكثر مما أحبوا العاشقات أنفسهن. ذلك كان جو الشعراء في المراكز الأدبية حول العالم، وليس فقط في بيروت. وقد تأثر شعراء الحداثة بهذا التقليد، بينما تأثر من سبقهم من شعراء الكلاسيكية، بحب امرأة واحدة طوال العمر والإخلاص لها، سواء كان هناك زواج أو لا. وشاعت أسماء شاعرية كثيرة عُرفت باسم مستعار، حفاظاً على سمعة المعشوق، كما في حال «رندلة» سعيد عقل و«غلواء» إلياس أبو شبكة أحد شعراء الرمز الذي مرت هذا الأسبوع مائة عام على ولادتها.
لم يعد يوسف الخال هنا لكي يدافع عن نفسه. والأرجح أن لا دفاع، ومنذ الانطباع الأول لمجيء مهى بَيْرَقدار من الشام إلى منطقة كسروان، للاستقرار في بيت متعدد الجدران، كان واضحاً لدى جميع من عرفوا الثنائي، أن كليهما يغطيان وراء ابتسامة يوسف الشهيرة، وطيبة مهى الواضحة، حكاية فشل لا يُصَحح.
هناك زيجات شاعرية «نجت» من موضة «البوهيمية»، وبقي أصحابها خارج مناخات «الهورس شو» وشارع الحمراء.
لماذا قررت مهى بيرقدار التحدث الآن في مسألة حميمية إلى هذا المدى. آخر مرة تحدثت إليها كانت منذ حوالي العام عندما اتصلت بي تشكرني على حديث تلفزيوني، عددت فيه أفضال يوسف الخال على الحركة الأدبية والفنية برمتها بلبنان. وأحد هذه الأفضال، ورد ويوسف الابن. الابنة من جمال والدتها، والابن من خلقه الإنساني. وفي كل الحالات فضل المتعة الأدبية هو لشوقي بْزَيْع.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الشعر القاسي الشعر القاسي



GMT 16:02 2024 السبت ,28 أيلول / سبتمبر

إيران ماذا ستفعل بـ«حزب الله»؟

GMT 15:59 2024 السبت ,28 أيلول / سبتمبر

أنطونيو غرامشي... قوة الثقافة المتجددة

GMT 15:57 2024 السبت ,28 أيلول / سبتمبر

الجامد والسائح... في حكاية الحاج أبي صالح

GMT 15:52 2024 السبت ,28 أيلول / سبتمبر

الفرق بين المقاومة والمغامرة

GMT 15:49 2024 السبت ,28 أيلول / سبتمبر

أشياء منى حلمى

نجمات العالم يتألقن بإطلالات جذّابة بأسبوع الموضة في باريس

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 10:42 2024 الإثنين ,30 أيلول / سبتمبر

داليا البحيري تُبدي إعجابها بمدينة طنجة المغربية
المغرب اليوم - داليا البحيري تُبدي إعجابها بمدينة طنجة المغربية

GMT 09:44 2022 الثلاثاء ,05 تموز / يوليو

ملك البحرين يتلقى برقية من رئيس جمهورية الفلبين

GMT 21:14 2019 الجمعة ,06 أيلول / سبتمبر

تجنب اتخاذ القرارات المصيرية أو الحاسمة

GMT 19:13 2018 السبت ,06 تشرين الأول / أكتوبر

مقتل فتاة على يد شخص أربعيني في مدينة أغادير

GMT 05:50 2018 الأربعاء ,12 أيلول / سبتمبر

كيندال جينر تتألق بفستان جذاب باللون الأبيض

GMT 08:06 2018 الخميس ,06 أيلول / سبتمبر

"ليستر " تكشف عن أسرع سيارة للدفع الرباعي

GMT 12:11 2017 الثلاثاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

مقتل عبد الله صالح على يد الحوثيين يشعل الغضب في اليمن

GMT 14:52 2017 الجمعة ,01 كانون الأول / ديسمبر

الرجاء تألق عالميًا قبل مجيء بودريقة

GMT 00:32 2017 الإثنين ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

الدكتور مجدي حمدان يقدم 3 خطوات أساسية لتغيير الذات

GMT 12:07 2016 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

الفأر الجبلي يستطيع مضغ لوح خشبي بكُبر علبة الكوكاكولا
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib