فندق متروبول

فندق متروبول

المغرب اليوم -

فندق متروبول

سمير عطاالله
سمير عطاالله

من المصادفات النادرة قراءة كتابين خلال أسبوع واحد، متباعدين في التواريخ، وفي النوع وفي نوعية المؤلفَين، ويجمع بينهما، لا عاصمة واحدة، بل فندق واحد أيضاً هو متروبول موسكو. الكتابان هما سيرة الكاتبة لودميلا بتروشفسكايا، ورواية أمور تاولز «جنتلمان في موسكو».

ليست أحداث السفر جميلة كلها. لم أكن أتوقع مفاجأة ممتعة في متروبول موسكو العام 1972. يومها لم يكن زائر المدينة هو من يختار الفندق الذي يحل فيه، وإنما وكالة «انتوريست» الرسمية التي هي، مثل كل شيء آخر، فرع من (الكي جي بي)، الاستخبارات، التي تضم مليون عضو، لهم مهمة واحدة: الخوف. وليس من الضروري إطلاقاً أن يكون لديك ما تخاف منه، أو تخاف عليه، لكن المواطن الصالح هو الذي يخاف بلا سبب. أما الذي لديه سبب، فقد أصبح في سيبيريا منذ زمن.

كان المتروبول كئيباً معتماً قديم الأثاث، ضيق الغرف، موظفوه قلائل كأنك في بيت أشباح، وإذا ظهروا فعابسون بعكس العمل الفندقي. ويخيّل إليك أن سبب كل ذلك وجودك في المدينة. لكنك سوف تقرأ فيما بعد في الكتب والروايات أن هؤلاء فقراء وأشقياء، وإن صحن السلاطة الذي تقذفه لك النادلة، كثير البيض، نادر الخضراوات، لا تحصل هي عليه إلا بعد الوقوف طويلاً في طابور الخس وطابور الملفوف وطابور الفجل.

في الروايات، أن المتروبول كان قبل الثورة رمز الرفاهية والجمال، مثل «جورج سانك» في باريس و«السان جورج» في بيروت، و«الوالدروف استوريا» في نيويورك. لم تنجح الشيوعية السوفياتية إلا في شيء واحد: الخوف!

في «الجاسوس والخائن» قصة العقيد أولغ غورديفسكي الذي تطوع لنقل أسرار روسيا إلى البريطانيين، نعرف أن والد الرجل كان موظفاً قديماً في (الكي جي بي) وكذلك شقيقه الأكبر. ثم هو. ولم يعرف أحدهم بالآخر.

عندما أشاهد الآن أفلاماً مصورة أتساءل أين المتروبول؟ أين ذلك النزل القائم في هذه المباني الجميلة والشوارع الرائعة والواجهات الخلابة. لقد استعادت روسيا من زمن القتوم جمالها الأول، واستعادت سانت بطرسبرغ بهاء الهندسة الأوروبية و«الحقبة الجميلة»، ويأتي إليها أهالي روما وباريس ولندن للانبهار بواحدة من أهم مراكز الفنون في العالم.

«المتروبول» كان اسم علم لحقبتين، جمال الحقبة القيصرية مع الفقر والرعب والظلم، وفظاظة الحقبة السوفياتية مع رثاثة الحياة والخلو من أي جمال أو كفاية. من روسيا القديمة تستعيد روسيا الراهنة ملامح الجمال وتجددها. وفي إمكان أي روسي السفر إلى أي مكان لأن الدولة لم تعد تخشى ألا يعود. ذات يوم بنت ألمانيا الشرقية جداراً أشبه بسور برّي ومائي لكي تمنع مواطنيها من القفز إلى الغرب. 1.5 مليون فرّوا ولولا الجدار لما بقي أحد. إنهم يسافرون اليوم والأجانب يتمتّعون «بحريَّة» المتروبول.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فندق متروبول فندق متروبول



GMT 16:02 2024 السبت ,28 أيلول / سبتمبر

إيران ماذا ستفعل بـ«حزب الله»؟

GMT 15:59 2024 السبت ,28 أيلول / سبتمبر

أنطونيو غرامشي... قوة الثقافة المتجددة

GMT 15:57 2024 السبت ,28 أيلول / سبتمبر

الجامد والسائح... في حكاية الحاج أبي صالح

GMT 15:52 2024 السبت ,28 أيلول / سبتمبر

الفرق بين المقاومة والمغامرة

GMT 15:49 2024 السبت ,28 أيلول / سبتمبر

أشياء منى حلمى

نجمات العالم يتألقن بإطلالات جذّابة بأسبوع الموضة في باريس

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 09:44 2022 الثلاثاء ,05 تموز / يوليو

ملك البحرين يتلقى برقية من رئيس جمهورية الفلبين

GMT 21:14 2019 الجمعة ,06 أيلول / سبتمبر

تجنب اتخاذ القرارات المصيرية أو الحاسمة

GMT 19:13 2018 السبت ,06 تشرين الأول / أكتوبر

مقتل فتاة على يد شخص أربعيني في مدينة أغادير

GMT 05:50 2018 الأربعاء ,12 أيلول / سبتمبر

كيندال جينر تتألق بفستان جذاب باللون الأبيض

GMT 08:06 2018 الخميس ,06 أيلول / سبتمبر

"ليستر " تكشف عن أسرع سيارة للدفع الرباعي

GMT 12:11 2017 الثلاثاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

مقتل عبد الله صالح على يد الحوثيين يشعل الغضب في اليمن

GMT 14:52 2017 الجمعة ,01 كانون الأول / ديسمبر

الرجاء تألق عالميًا قبل مجيء بودريقة

GMT 00:32 2017 الإثنين ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

الدكتور مجدي حمدان يقدم 3 خطوات أساسية لتغيير الذات
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib