مدن الإسلام مروج الأندلس

مدن الإسلام: مروج الأندلس

المغرب اليوم -

مدن الإسلام مروج الأندلس

سمير عطا الله
بقلم : سمير عطا الله

لم يدم العصر الأموي طويلاً مثل العصر العباسي الذي قام على أنقاضه، ولا مثل مروج الأندلس التي كانت أكثر العصور الإسلامية بهاءً وإثراءً. لكن لا يغيب عن بال أحد أن العصر العباسي، ومن بعده الأندلسي، كلاهما في الأساس من مواليد دمشق. وكانت رحلة عبد الرحمن الداخل لتأسيس الأندلس، أسطورة من الأساطير والحقائق التي يصعب تصديقها. وقد استغرقت رحلة هربه من المطاردة العباسية نحو ست سنوات، تميزت بشجاعة الفرسان الخارقة. ففي عام 750م توجه الناجي الوحيد من السلالة الأموية من العراق إلى فلسطين، ثم إلى سيناء ومنها إلى مصر، وأخذ يجتاز شمال أفريقيا، وصولاً إلى المنطقة التي تُعرف اليوم بالمغرب. وبعد رحلة حارب فيها الجواسيس والمخبرين والقتلة، حط في الجزيرة الإيبيرية في عام 755، وسرعان ما أسس أسرة حاكمة وولاية مسلمة جديدة، وهي إمارة قرطبة، في عام 756، واستمرت هذه الإمارة ثلاثة قرون.
وفيما ازدهرت قرطبة تحت رعاية الأمراء الأمويين، لم تدخل عصرها الذهبي الرائع سوى في القرن العاشر، وأصبحت «زينة العالم»، حسب قول الراهبة الألمانية هروتسفيثا من غاندرشيم (930م - 1002م). ولا شك أن عبد الرحمن هو الذي أسس لهذه المرحلة غير المسبقة من السلام والازدهار والاستقرار السياسي والنمو الثقافي، عبد الرحمن الثالث، الرجل الأبرز في عصره. طيلة فترة حكمه من عام 912 إلى عام 961 أثبت أنه بعيدٌ عن أن يكون جنرالاً مندفعاً، أو رجل دين ذا شخصية مؤثرة، بل كان سياسياً فطناً وعنيداً، ثابر على توسيع نطاق قرطبة، فانتقلت من التزامها حدودها القريبة، إلى حيازتها الأندلس السيادية كلها، سيدة الجماعات المسلمة بأسرها، ومصيبة المسيحيين الدائمة. وكان نجاحه في بناء قوى عسكرية منظمة انطلاقاً من جماعاتٍ فوضوية وتعزيزها، أساسياً في مسيرة فرض وجوده وتجميع قوته.
وكتب ابن حزم الأندلسي الموسوعي، الذي ألف أكثر من 400 عنوان عن موضوعات تتراوح من الاجتهادات القضائية الإسلامية إلى فن الحب، في القرن الحادي عشر، عن عبد الرحمن، معتبراً إياه قائداً عنيفاً لم يكن يتردد أن يزهق الدماء، لا سيما دماء ابنه الذي أعدمه بنفسه. وحسب إحدى الروايات، حدث أنه أمر مرة أن يتم ربط بعض الشبان ذوي العرق المختلط والقليلي الحظ، بعجلات أحد قصوره المائية، حتى لقوا حتفهم. وكان أبو عمران يحيى، سيافه، من أكثر ضباطه انشغالاً، جاهزاً لسحب سيفه وسوطه بأسرع وقتٍ عند رغبة الحاكم.
ويوم الجمعة في السادس عشر من يناير (كانون الثاني) من عام 929، قام عبد الرحمن بخطوة في منتهى الجرأة: بلحظة تخلى عن لقبه كأمير، ونزع عنه طاعته للسلطة العباسية البغدادية البعيدة، وأعلن نفسه خليفة، واتخذ لقب «الناصر لدين الله».
إلى اللقاء...

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مدن الإسلام مروج الأندلس مدن الإسلام مروج الأندلس



GMT 16:02 2024 السبت ,28 أيلول / سبتمبر

إيران ماذا ستفعل بـ«حزب الله»؟

GMT 15:59 2024 السبت ,28 أيلول / سبتمبر

أنطونيو غرامشي... قوة الثقافة المتجددة

GMT 15:57 2024 السبت ,28 أيلول / سبتمبر

الجامد والسائح... في حكاية الحاج أبي صالح

GMT 15:52 2024 السبت ,28 أيلول / سبتمبر

الفرق بين المقاومة والمغامرة

GMT 15:49 2024 السبت ,28 أيلول / سبتمبر

أشياء منى حلمى

نجمات العالم يتألقن بإطلالات جذّابة بأسبوع الموضة في باريس

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 10:42 2024 الإثنين ,30 أيلول / سبتمبر

داليا البحيري تُبدي إعجابها بمدينة طنجة المغربية
المغرب اليوم - داليا البحيري تُبدي إعجابها بمدينة طنجة المغربية

GMT 09:44 2022 الثلاثاء ,05 تموز / يوليو

ملك البحرين يتلقى برقية من رئيس جمهورية الفلبين

GMT 21:14 2019 الجمعة ,06 أيلول / سبتمبر

تجنب اتخاذ القرارات المصيرية أو الحاسمة

GMT 19:13 2018 السبت ,06 تشرين الأول / أكتوبر

مقتل فتاة على يد شخص أربعيني في مدينة أغادير

GMT 05:50 2018 الأربعاء ,12 أيلول / سبتمبر

كيندال جينر تتألق بفستان جذاب باللون الأبيض

GMT 08:06 2018 الخميس ,06 أيلول / سبتمبر

"ليستر " تكشف عن أسرع سيارة للدفع الرباعي

GMT 12:11 2017 الثلاثاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

مقتل عبد الله صالح على يد الحوثيين يشعل الغضب في اليمن

GMT 14:52 2017 الجمعة ,01 كانون الأول / ديسمبر

الرجاء تألق عالميًا قبل مجيء بودريقة

GMT 00:32 2017 الإثنين ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

الدكتور مجدي حمدان يقدم 3 خطوات أساسية لتغيير الذات

GMT 12:07 2016 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

الفأر الجبلي يستطيع مضغ لوح خشبي بكُبر علبة الكوكاكولا
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib