مدن الإسلام تهاوي الأسوار

مدن الإسلام: تهاوي الأسوار

المغرب اليوم -

مدن الإسلام تهاوي الأسوار

سمير عطا الله
بقلم : سمير عطا الله

كان سقوط القسطنطينية وأسوارها تحت قصف مدافع السلطان محمد (الفاتح لاحقاً) حدثاً مفصلياً في تاريخ الإسلام والمسيحية وأوروبا وآسيا، وبداية النهاية للإمبراطورية الرومانية. بعد ذلك السقوط المدّوي في تاريخ الحروب والعمليات العسكرية، لم تبقَ خريطة على ما كانت عليه.
قبل ذلك، لم تتزعزع أسوار القسطنطينية أمام أحد. ولم يبقَ أحد إلا وحاول، منذ 442 إلى 1452 من الروس إلى معاوية. 23 محاولة فشلت جميعها. أجمل وأعظم مدن أوروبا من منتصف القرن الخامس إلى أوائل القرن الثالث عشر. عندما وصل إليها الرحالة المغربي ابن بطوطة عام 1332، منحه الإمبراطور البيزنطي أندرونيكوس الثالث، فرساً وفرقة من الخيّالة وقارعي الطبول يجوب المدينة «التي لا مثيل لمناظرها».
سوف تنهارالمدينة التي طلبها العالم أجمع على يد السلطان الذي كان في الحادية والعشرين عندما توفي والده، وانتقل الحكم إليه، (مارس/ آذار 1430 – مايو/ أيار 1481). توفي محمد الفاتح، أو «أبو الفتوح» قبل أن يبلغ الخمسين من العمر، تاركاً للتاريخ يروي إحدى أهم حكاياته السياسية والعسكرية وفي الصلابة والدهاء.
كتب ستيفان زفايغ: «مبارزة انطلقت بين جدران إمبراطورية روما الشرقية التي تخطى عمرها الألفيّة من جهة، ومدفع السلطان الجديد من جهةٍ أخرى». تأهبت جيوش السلطان محمّد مع مدفعيّاتها التي يصل عددها إلى سبعين مدفعاً، من ضمنها آليّات «أوربان» الضخمة، وانطلقت تقصف جدران المدينة بصورة متواصلة، وتحديداً الحائط الوسطيّ من دون توقف، من الثاني عشر إلى الثامن عشر من أبريل (نيسان). وكان ذلك أول قصفٍ مدفعيّ متواصل في التاريخ، بثّ الرعب في قلوب المدافعين عن القسطنطينية. ولم يكن السلطان يترك أي أمرٍ للحظ، بل إنه كان قد خطط لهجومه الكامل براً وبحراً، وجمع أسطولاً ضخماً تمركز على الساحل الأوروبيّ للبوسفور، وتحديداً على الميناء الثنائيّ الأعمدة، حيث يقوم اليوم قصر طولمة باغجة في مدينة بشكطاش، شرق ميدان تقسيم. وكان عدد السفن نحو 140 سفينة، منها القوادس الحربيّة، وصنادل النقل، والمراكب الشراعيّة، اتخذت موقعها بقيادة الأدميرال بالتأوغلو. وفي الثامن عشر من أبريل، أطلق هجومه الأول، وحاول من دون جدوى أن يخترق القرن الذهبيّ. وبعد يومين على ذلك، أبحرت قافلة إغاثة جنويّة نحو القسطنطينية. واستشاط السلطان غضباً، وأمر الأدميرال أن يتصرّف ببسالةٍ أكبر، وهدّده بألاّ يعود حياّ، إن لم يسيطرعلى القادمين من جنوى.
وأحاط العثمانيون السفن الأوروبية من كل جهة، واحتدمت المعارك المباشرة لساعات طويلة، شاهدها اليونانيّون من داخل جدران المدينة باندهاشٍ كبير، وراقبها العثمانيّون من الشاطئ المقابل، فيما فتحت كل جهة النار على الجهة المعادية.
وكان توازن القوى يميل تارةً لصالح الجنويين وتارةً لصالح العثمانيين. إلى أن هبّت رياحٌ مواتية للسفينة الجنوية ومنحتها الفرصة لشق طريقها نحو المدينة، في عرضٍ استثنائيٍ لمهارة الإبحار الأوروبي المتفوق، فأوصلت الإمدادات التي كانت المدينة بأمسّ الحاجة إليها.
إلى اللقاء...

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مدن الإسلام تهاوي الأسوار مدن الإسلام تهاوي الأسوار



GMT 22:27 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

تل أبيب ــ دمشق... سقوط الضمانات

GMT 19:37 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وانفقأ دُمّل إدلب

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

عمان - المغرب اليوم

GMT 15:56 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الوجهات السياحية المفضلة للشباب خلال عام 2024
المغرب اليوم - الوجهات السياحية المفضلة للشباب خلال عام 2024

GMT 09:56 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

المغرب تصنع أول دواء من القنب الهندي لعلاج الصرع
المغرب اليوم - المغرب تصنع أول دواء من القنب الهندي لعلاج الصرع

GMT 03:18 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أحمد السقا يكشف موقفه من تمثيل ابنته ومفاجأة عن ولاد رزق
المغرب اليوم - أحمد السقا يكشف موقفه من تمثيل ابنته ومفاجأة عن ولاد رزق

GMT 07:41 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

إكس" توقف حساب المرشد الإيراني خامنئي بعد منشور بالعبرية

GMT 09:57 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لتنسيق اللون البني خلال فصل الشتاء بطرق عصرية

GMT 08:19 2022 الثلاثاء ,29 آذار/ مارس

أبرز تصاميم الأبواب الخارجية المودرن لعام 2022

GMT 10:54 2015 الإثنين ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الأميرة سلمى تدشن غداً الثلاثاء مركزًا للسرطان في بني ملال

GMT 12:48 2019 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

الجواهري يُحذر من ضعف ادخار الأسر وارتفاع اكتناز المال

GMT 23:34 2018 الجمعة ,14 كانون الأول / ديسمبر

أليغري يؤكّد أن ديربي "تورينو" يتطلب مهارة فنية

GMT 10:21 2018 السبت ,20 تشرين الأول / أكتوبر

أجمل تصاميم الأرجوحة المناسبة لحديقة منزلك هذا الصيف

GMT 04:51 2017 السبت ,30 كانون الأول / ديسمبر

كيفية منع تطور مرض "السكري" في جسم الإنسان

GMT 02:02 2014 الإثنين ,22 كانون الأول / ديسمبر

عرفة يؤكد "أودي" تغزو الأسواق العالمية بسيارات جديدة

GMT 06:38 2022 الثلاثاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

ألوان مميزة ومختلفة مع فساتين السهرة

GMT 13:20 2022 السبت ,15 تشرين الأول / أكتوبر

المغربي كريم البركاوي يتميز في "فريق الرائد السعودي"
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib