ليبيا وبدعة «القاعدة الدستورية»

ليبيا وبدعة «القاعدة الدستورية»

المغرب اليوم -

ليبيا وبدعة «القاعدة الدستورية»

جبريل العبيدي
بقلم : جبريل العبيدي

في ظل الخلاف القانوني حول مفهوم «القواعد الدستورية» من حيث كونها تمثل قواعد قانونية أم لها مفاهيم أخرى غير قانونية «سياسية» مثلاً كما هو الحال في طبيعة الدستور، وهل هي تمثل دستوراً متكاملاً أم اجتزاء منه... في ظل هذا الخلاف القديم المستجد نقلنا مجلسا النواب والدولة إلى بدعة خلاف جديد هي «القاعدة الدستورية»، فقد دأب مجلسا النواب والدولة في ليبيا على تبادل الأدوار في الاتفاق على استمرار الخلاف بينهما، لضمان البقاء في السلطة أطول فترة ممكنة، ففي خلافهما لا اتفاق يضمن إمكانية الذهاب إلى الانتخابات التي لو انعقدت لكانت بداية النهاية للجسمين السياسيين التشريعيين البائسين في البلاد، وهما اللذان استمرا في السلطة لقرابة عشر سنوات إلا قليلاً لا يمارسان سوى الاتفاق على الخلاف، وإطالة الأزمة.
اختزال الأزمة الليبية في «خلاف» دائم أو «اتفاق» نادر الحدوث حول ما يسمى «القاعدة الدستورية» هو تضليل حقيقي لطبيعة الأزمة وحقيقتها في ليبيا، فالأزمة مركبة بتعدد هوياتها من خلاف حقيقي بين من يرغب في العيش السلمي في دولة وطنية بجغرافيا محددة بحدود الوطن وبين من يريد دولة بنكهة غبار كهوف تورا بورا والاغتيالات والقتل والسحل والذبح كنسخة «داعش»، فالخلاف في ليبيا كان بين تناقضات هوية وطنية، ففي ليبيا الإسلام السياسي جلب المرتزقة والمقاتلين الأجانب للاستقواء بهم وترهيب الوطنيين، بعد أن أيقن عرابو الإسلام السياسي أن لا مكان لهم في ليبيا إلا بالاستقواء بالمرتزقة والمقاتلين الأجانب وهذا ما حدث فعلاً.
فالوطنيون في ليبيا سواء كانوا « فبرايريين» أو «سبتمبريين» أو حتى فيدراليين جميعهم بينهم نقاط تجمعهم ويمكن التقارب بينهم لأن الخلاف بينهم لا يتجاوز الخلاف عن كيفية إدارة البلاد سواء بسلطة الفرد (مركزي مطلق) أو جزئي بسلطة مركزية أو بسلطة فيدرالية بين الأقاليم التاريخية الثلاثة.
اتفاق مجلس النواب على «قاعدة» دستورية من مائتي مادة هو بدعة سياسية وقانونية، فمشروع القاعدة الدستورية المقدم من مجلس الدولة، هو محاولة خبيثة لخلط الأوراق وتمرير مسودة الدستور المعطلة عبر ما سمي «القاعدة الدستورية» التي هي استنساخ لمسودة الدستور التي رفضها العديد من الأطراف السياسية، وما إعادة إنتاجها مجدداً عبر خديعة «القاعدة الدستورية» إلا إحدى محاولات الإسلام السياسي وخاصة جماعة «الإخوان» التي تسعى إلى إنتاج دولة «ثيوقراطية» في ليبيا تكون نواة لدولة المرشد التي تتقاطع فيها مع من تبقى من التنظيم العالمي الذي شهد سقوطاً مروعاً في الجوار الليبي في مصر وتونس، مما جعل التنظيم العالمي يسعى إلى محاولة إقامة دولة المرشد في ليبيا لاستعادة ما فقد في جوارها من حكم عبر استغلال أموال ليبيا للتآمر وشراء ضعاف النفوس والمخربين.
الأزمة في ليبيا أكبر من «خلاف» مفتعل بين مجلسي النواب والدولة حول بدعة «القاعدة الدستورية»، بل هي عميقة متجذرة خلطت الأوراق فيها التدخلات الأجنبية بينما الشعب البسيط الذي سئم من رؤية وجوه السياسيين القابعين على رأس السلطتين التشريعية والتنفيذية، يقف محتاراً تائهاً.
استمرار وعودة الخلاف، هو بمثابة العودة إلى الحالة الصفرية، واستمرار حالة الوصاية واستمرار الخلاف الدولي على رؤية حل في ليبيا، هي مجتمعة ما يعرقل أي توافق ليبي - ليبي لحل الأزمة محلياً.
هل ستكون «القاعدة الدستورية» مفتاح الحل؟ لا أعتقد وهي قاعدة غلب عليها الجمل والفقرات المفخخة القابلة للتأويل بشكلين وثلاثة، بل إن مشروع القاعدة الدستورية ألغى عربية ليبيا التاريخية التي تشكل اللغة العربية هوية ولغة لأغلبية سكان ليبيا على حساب لهجات محلية بعضها اندثر مع الزمن.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ليبيا وبدعة «القاعدة الدستورية» ليبيا وبدعة «القاعدة الدستورية»



GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

GMT 07:04 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

وزن تأريخ الأردن في التوجيهي 4 علامات.. أيعقل هذا ؟!

GMT 07:01 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

لكنّها الطائفيّة... أليس كذلك؟

GMT 06:58 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

العلويون جزء من التنوّع الثقافي السوري

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 09:11 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

المغرب يستعيد مكانته كأول وجهة سياحية في إفريقيا
المغرب اليوم - المغرب يستعيد مكانته كأول وجهة سياحية في إفريقيا

GMT 08:17 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

ترامب يؤكد أن بوتين يرغب في اجتماع لإنهاء حرب أوكرانيا
المغرب اليوم - ترامب يؤكد أن بوتين يرغب في اجتماع لإنهاء حرب أوكرانيا

GMT 16:36 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

بسمة بوسيل تشوّق جمهورها لأغنيتها الجديدة "لأ ثواني"
المغرب اليوم - بسمة بوسيل تشوّق جمهورها لأغنيتها الجديدة

GMT 13:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 16:47 2022 الجمعة ,14 كانون الثاني / يناير

حزب التجمع الوطني للأحرار" يعقد 15 مؤتمرا إقليميا بـ7 جهات

GMT 01:35 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

مواعيد مباريات اليوم الثلاثاء 24 - 12 - 2024 والقنوات الناقلة

GMT 01:40 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

زين الدين زيدان يرفض عروض التدريب بعد رحيله عن ريال مدريد

GMT 20:05 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

فيسبوك يضيف "عدد المشاهدات" للصور والنص في المنشورات

GMT 02:45 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

حكيم زياش أكثر من سجل للمنتخب المغربي في ملاعب إفريقيا

GMT 03:52 2024 السبت ,14 كانون الأول / ديسمبر

المنتخب المغربي يسحق نظيره اللاتفي بسداسية

GMT 11:52 2012 الخميس ,20 كانون الأول / ديسمبر

تونس تحتضن المهرجان الدولي للموسيقى الأندلسية 21 الجاري

GMT 23:56 2019 الأحد ,12 أيار / مايو

أغذية تساعدك على الإقلاع عن التدخين
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib