محاولات لفتح ملفات لوكربي المغلقة

محاولات لفتح ملفات لوكربي المغلقة

المغرب اليوم -

محاولات لفتح ملفات لوكربي المغلقة

جبريل العبيدي
بقلم : د جبريل العبيدي

محاولات فتح ملفات لوكربي المغلقة، بعد مرور 35 عاماً على الحادث المأساوي، تشبه البحث في الدفاتر القديمة. مجدداً قضية لوكربي على طاولة مكتب التحقيقات الأميركي، تمهيداً لمحاكمة الليبي أبو عقيلة مسعود في الولايات المتحدة، وهو المتهم بتصنيع الجهاز المفجِّر الذي أسقط طائرة الـ«بان إم» الأميركية عام 1988 فوق بلدة لوكربي، بعد محكمة أسكوتلندية فوق أرض هولندية حكمت بإدانة أحد رجلين وتبرئة آخر.

وبعدها أغلقت المحكمة أبوابها نهائياً على قطعة أرض هولندية مستأجرة لمحكمة أسكوتلندية؛ حيث أجرت محاكمة فريدة في نوعها في العالم لشخص أُدين بتفجير طائرة فوق بلدة لوكربي الأسكوتلندية، ومقتل 270 راكباً عام 1988.

اليوم مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) يطلق حملة بحث دولية للعثور على جميع ضحايا تفجير طائرة «بان إم»، الرحلة «103» فوق لوكربي، بمن في ذلك الأشخاص الذين تعرضوا لإصابات نفسية، رغم إغلاق ملف القضية باتفاق بين البلدين، وتوقيع رئيس الكونغرس الأميركي في حينها، جو بايدن الرئيس الحالي. ولكن يبدو أن هناك محاولات لحلب البقرة الليبية الحلوب واستدراجها لسلسلة محاكمات جديدة، ودفع تعويضات «نفسية» غير تلك المليارات التي دفعتها الخزينة الليبية تعويضاً لأسر الضحايا؛ إذ طالت التعويضات بعض الكلاب التي تصادف وجودها على متن الطائرة المنكوبة، فدفعت الملايين تعويضاً عن مقتل كلب.

محاولات جمع قائمة بجميع الأفراد الذين يحاولون تصنيفهم ضحايا للتفجير، سواء أكانوا من «الناجين»، رغم أن الطائرة تحطمت وقُتِل جميع من على متنها، بل وقُتِل آخرون في مكان سقوط حطامها، أو جمع من يُسمَّون أقارب الضحايا المفترضين الهدف منها واضح طبعاً؛ هو التعويضات.

السجال حول وجود خطأ كارثي في محكمة لوكربي هو ما جعل «اللجنة الأسكوتلندية لمراجعة الإدانات الجنائية» تقول إنها لا تستبعد وجود خطأ قضائي؛ فالشاهد الأوحد في قضية لوكربي، توني غاوتشي، وهو تاجر من مالطا، تعرف على المدان الليبي من خلال صورة المتهم في مقال صحافي، مما جعل الأدلَّة التي استندت إليها المحكمة ضعيفة، ولا ترقى إلى مستوى الإدانة، وإن المحكمة كانت سياسية، وليست قضائية.

استمرار رفض السلطات البريطانية رفع السرية عن وثائق مرتبطة بالقضية تكشف، وفق صحيفة «ذي غارديان»، عن ضلوع عميل استخبارات دولة عربية في الحادث، وفق تقرير تسلمته المخابرات البريطانية من تلك الدولة، رغم الزعم بوجود متهم ليبي جديد اعترف بتجميع القنبلة، إلا أن هذا العميل لم يكن مرتبطاً بالمقرحي أصلاً، وكثيرون شككوا في جدية الاعترافات التي أدلى بها للسلطات الجديدة في ليبيا.

ملف لوكربي تمَّ إغلاقه تماماً ضمن اتفاق ليبي - أميركي وقّع عليه الرئيس بايدن، عندما كان رئيساً للكونغرس حينها، ونصَّ الاتفاق على عدم فتح الملف أو مطالبة أي شخصية النظام الليبي بشأن هذا الملف الذي انتهى بالتعويضات بمليارات الدولارات لأسر الضحايا.

أما السيد المختطَف (أبو عجيلة محمد مسعود المريمي)؛ فهو يبقى بريئاً إلى أن يثبت العكس، من خلال حكم محكمة نزيهة تتوفر فيها اشتراطات التقاضي العادل، لا أن يتم اختطافه من منزله في طرابلس من قبل ميليشيا من ميليشيات الدفع المسبق في طرابلس لتسلِّمَه لفريق أمني أميركي يعتقله على أرض ليبية، وينتظر خطاب تسليم من حكومة منتهية الولاية، ليكمل تجميل الملف قضائياً، ثم فجأة يمثل مواطن ليبي لا يمتلك تأشيرة دخول الولايات المتحدة أمام القضاء الأميركي، ويجد نفسه، وهو الطاعن في السن، والأمراض تنهك جسده، أمام عسكر وقضاة ووسائل إعلام، ولا يعرف كيف يخاطب ألسنتهم الأعجمية، ولا أحد يعرف هل الاعترافات انتُزِعت منه بالقوة أم بالتهديد؟ خصوصاً أن ظروف خطفه واعتقاله ونقله من ليبيا إلى أميركا تمت بشكل غير قانوني تماماً، ومخالفة حتى للقوانين الأميركية ذاتها.

محاولات فتح ملف لوكربي مجدداً والبحث في الدفاتر القديمة والبحث عن ضحايا جدد وغيرها تُعتبر عملية ابتزازية للدولة الليبية لا علاقة لها بتحقيق العدالة للضحايا، خصوصاً أن الملف أُغلق، وتم التعويض، وقضى المدان عقوبته في السجن حتى وفاته.

وتبقى محاولاتُ مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) إطلاق حملة بحث دولية للعثور على ضحايا محاولاتٍ لا تستند لإجراءات قانونية، بل تُعتبر خلط أوراق وابتزازاً للدولة الليبية في ظروف انقسام وتشظٍّ سياسي تشهده ليبيا وصراع سياسي غير مسبوق، مما يجعل الحقيقة مغيَّبة، وابتزاز الدولة الليبية وحلب خزينتها هو حقيقة ما يجرى من تحقيقات بعيداً عن تحقيق العدالة التي ليست حقاً للضحايا وحدهم، بل هي أيضاً من حق المتهم؛ فقد يكون هو الآخر ضحية مفقودة، فالعدالة ليست فقط في جلب المتهم، كجلب الشاة إلى المسلخ، من دون أن تضمن له أبسطَ درجات التقاضي العادل، في بلد يعتمد نظام المحلّفين للإدانة، وهم جميعهم تحت تأثير الرأي العام بأحكام إدانة مسبقة، فتلك تتنافى مع أبسط حقوق الإنسان.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

محاولات لفتح ملفات لوكربي المغلقة محاولات لفتح ملفات لوكربي المغلقة



GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

GMT 17:27 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب الثاني

GMT 21:28 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

«هي لأ مش هي»!

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 09:21 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات عصرية وجذابة للنجمات بصحية الدنيم
المغرب اليوم - إطلالات عصرية وجذابة للنجمات بصحية الدنيم

GMT 19:04 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر
المغرب اليوم - اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 06:49 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

المغربي سعد لمجرد يُثير الجدل برسالة جديدة لدنيا بطمة
المغرب اليوم - المغربي سعد لمجرد يُثير الجدل برسالة جديدة لدنيا بطمة

GMT 05:47 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

GMT 16:47 2022 الجمعة ,14 كانون الثاني / يناير

حزب التجمع الوطني للأحرار" يعقد 15 مؤتمرا إقليميا بـ7 جهات

GMT 07:32 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية في غرب إفريقيا تجمع بين جمال الطبيعة والثقافة

GMT 14:04 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

ليونيل ميسي يختار نجمه المفضل لجائزة الكرة الذهبية 2024

GMT 13:41 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:28 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

تملك أفكاراً قوية وقدرة جيدة على الإقناع

GMT 06:41 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

هيفاء وهبي بإطلالات متنوعة ومبدعة تخطف الأنظار

GMT 17:35 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

قد تتراجع المعنويات وتشعر بالتشاؤم

GMT 05:08 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

الرئيس الفرنسي وزوجته يزُوران ضريح الملك محمد الخامس
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib