درنة بين الخراب والفقدان والوجع
البرلمان اللبناني ينتخب جوزيف عون رئيسا جديدا للبنان بعد ولة انتخابية ثانية ظهر الخميس "99 صوتًا من أعضاء مجلس النواب اللبناني يحسمون جولة الانتخابات الرئاسية" إستعدادات وتحضيرات يشهدها قصر بعبدا بانتظار الرئيس اللبناني الـ14 للبلاد بدء عملية تصويت نواب البرلمان اللبناني بالاقتراع السري في الدورة الثانية لانتخاب الرئيس الجديد بدء جلسة الدورة الثانية في البرلمان اللبناني لانتخاب رئيس الجمهورية نادي وست هام يونايتد يُعلن أقال مدربه الإسباني جولين لوبتيغي بسبب سوء نتائج الفريق هذا الموسم الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون يُقدم العزاء في وفاة أسطورة الملاكمة عبد القادر ولد مخلوفي مقتل 3 وإصابة 3 آخرين جراء تحطم طائرة مائية في جزيرة سياحية أسترالية توقف حركة الطيران بين سوريا والإمارات بعد انطلاق أول رحلة جوية أمس الثلاثاء قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم مدينة الظاهرية جنوب الخليل في الضفة الغربية وتصادر عدداً من المركبات
أخر الأخبار

درنة بين الخراب والفقدان والوجع

المغرب اليوم -

درنة بين الخراب والفقدان والوجع

جبريل العبيدي
بقلم : جبريل العبيدي

درنة الليبية، حاضنة الثقافة والتعايش المجتمعي، التي احتضنت الحضارات وكانت ملجأ للشعوب والمضطهدين؛ درنة التي استقبلت الأندلسيين والمورسكيين الهاربين من الاضطهاد في الأندلس وعاشوا فيها وتعايشوا؛ درنة التي استقبلت فسيفساء الوطن الليبي بشتى قبائله بعد ما عُرف بـ«تجريدة حبيب لعبيدي»، اليوم هدمَ تاريخَها العمرانيَّ «إعصارُ دانيال» وتركها بين الخراب والفقدان والوجع.    

درنة التي ما كادت تنفض غبار «داعش» والإرهاب عنها حتى جرفها الطوفان وحلت بها كارثة الفيضانات التي أيقظها «إعصار دانيال» ليغادرها بعد أن أسلمها للطوفان. روايات ومشاهد مفزعة ينقلها مراسلو وكالات الأنباء من وسط درنة، بعضها من ناجين، وبعضها لمشاهد الجثث والدمار والهلع بين الناجين من فيضانات وادي درنة الليبي، التي تعرضت لأكبر فيضانات شهدتها ليبيا في مائة عام مضت ولم تكن مسبوقة بالقوة والدمار نفسهما، بعد أن تجاوز هطول الأمطار في مناطق جوار درنة 400 ملم وبعلو أمواج الطوفان أكثر من 40 متراً.

فاض الوادي، الذي يبلغ طوله 50 كيلو متراً، ويقع بين جبلين، بسبب غزارة الأمطار، وقوةُ تدفق المياه غير المسبوقة هدمت السدين المؤهلين لاحتجاز 20 مليون متر مكعب من الماء، وما كانا ليصمدا أمام 10 أضعاف الكمية، حتى لو كان السدان في أحسن حاليهما، فما بالك أنهما في حاجة أصلاً للصيانة، التي تمت عرقلتها لأسباب كثيرة نتركها للنائب العام ليفصل فيها، فانهار السدان ليجرف فيضان الوادي الأحياء الواقعة في مجرى الوادي وعلى جانبيه إلى البحر.

ولكن يبقى السؤال: هل المتهم هو انهيار كبرى السدود، خصوصاً في مدينة درنة، وهو السبب وراء الدمار الكارثي وفقدان عائلات بأكملها بعد أن جرفت المياه أكثر من ربع مساحة المدينة بعد أن اختفت أحياء كاملة؟ أم أن للكارثة جذوراً أخرى وأسباباً غير معلنة.

ولكن الحقيقة التي يحاول البعض القفز عليها هي، كما يرى الخبراء في تخطيط المدن، أن مدينة درنة، خصوصاً الجزء القديم والتاريخي منها، مقامة على دلتا وادي درنة، الذي يعد مستقراً للمياه المندفعة من أعلى الجبل إلى دلتا الوادي بقوة وغزارة، خصوصاً في حالة «إعصار دانيال»، حيث إن الوادي في أعلى نقطة له 700 متر عن سطح البحر، وينخفض تدريجياً، حيث كانت غزارة المياه، خصوصاً في جوار درنة، التي تصب وديانها في وادي درنة، مما تسببت في امتلاء الوادي بكميات كبيرة تفوق قدرته الاستيعابية عشرات المرات، مما تسبب في انهيار السدين اللذين هما في الأساس مهملان، ولا صيانة قريبة تمت لهما، مما جعلهما ينهاران في أول اندفاع للمياه وفيضان جرى للوادي.

الخبراء يقولون إنه من الصعوبة تغيير مجرى الوادي لكونه يمر عبر جبلين أو هضبتين، والمدينة بنيت عند انتهاء الوادي، مما جعلها في حالة خطر دائم ومتكرر وضحية لأي فيضان يحدث، ولكن حجم الضحايا يحدده مدى غضب الوادي وحجم المياه التي تجري فيه، الأمر الذي يتطلب إخلاء منطقة مجرى وجنبي الوادي من أي إعمار يمكن أن يجرفه الوادي ولو بعد حين، فالوادي الخامد منذ عام 1968، وقبلها عام 1959، فاضت مياهه اليوم وجرفت معها سكان المدينة وعمرانها، وتحول جزء من المدينة إلى خراب يسكن البحر تسكنه الجثث.

صور الأقمار الاصطناعية والمحلية أظهرت حجم الكارثة والفاجعة غير المسبوقة في تاريخ المآسي والكوارث في ليبيا، فحجم الكارثة أكبر من إمكانات وقدرة الحكومتين الليبيتين المتنازعتين الشرعية في حكم البلاد، اللتين تتبادلان الآن التهم بالتقصير، وأخشى أن ينتهي التحقيق باتهام الضحايا بأنهم السبب في الكارثة، في ظل حديث عن طلبات بإخلاء منطقة مجرى الوادي من السكان، وتعنت البعض، ورفضهم الخروج، الكارثة حدثت ورحم الله من قضى نحبه، ولكن لا بد من محاسبة المقصر من الحكومات والسلطات قبل أي لوم للضحايا.

الروايات التي يرويها الغطاسون، خصوصاً من الفرق الأجنبية، مرعبة ومفزعة عن أكوام الجثث والبنيان المردوم في البحر، كما قال رئيس فرق الغطاسين الأتراك، الذي تحدث عن هول ما رأى تحت الماء لمدينة جرفها الطوفان إلى البحر.

درنة المدينة الجميلة التي يصفها الجميع في ليبيا ببلد الزهور، التي بكاها شاعر عراقي عاش فيها بضع سنين مدرساً بمدارسها قبل 20 عاماً فقال:

حسدوا جمالك درنة الأحباب

فأجاءك الإعصار محض خراب

وقف الدمار بكل باب همه

وأد الحياة بتلكم الأبواب

جثثاً تقلبها الرياح فما نرى

إلا التوجع والأسى برقاب

درنة وأهلها وليبيا والعالم الحر لن يقبلوا أن يكون المتهم هو الضحايا، ولا مناص من معاقبة المهملين والفاسدين، قولاً واحداً... مات الكلام.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

درنة بين الخراب والفقدان والوجع درنة بين الخراب والفقدان والوجع



GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

GMT 07:04 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

وزن تأريخ الأردن في التوجيهي 4 علامات.. أيعقل هذا ؟!

GMT 07:01 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

لكنّها الطائفيّة... أليس كذلك؟

GMT 06:58 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

العلويون جزء من التنوّع الثقافي السوري

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 03:52 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

مواعيد مباريات اليوم الاثنين 23 - 12 - 2024 والقنوات الناقلة

GMT 21:42 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة ناسي تثير التساؤلات قبل مواجهة الرجاء

GMT 21:48 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

لاعبين مغاربة ضمن لائحة الأفارقة الأعلى أجرا في العالم

GMT 23:43 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

كيليان مبابي وصل للقاع بعد إهداره ركلة جزاء أمام بيلباو

GMT 22:13 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

مونزا متذيل ترتيب الدوري الإيطالي يقيل مدربه نيستا

GMT 01:25 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

جافي لاعب برشلونة الإسباني يعترض على أداء ليفاندوفسكي

GMT 00:07 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

روبن أموريم يُعلن أن المحيطون براشفورد يتخذون قرارات خاطئة

GMT 23:56 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

يو إف سي تُعلن عن نزالات بطاقة الرياض رسمياً

GMT 20:33 2019 الجمعة ,06 أيلول / سبتمبر

تواجهك أمور صعبة في العمل
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib