هاتِ مخطوطةً خُذْ قطاراً

هاتِ مخطوطةً خُذْ قطاراً

المغرب اليوم -

هاتِ مخطوطةً خُذْ قطاراً

إنعام كجه جي
بقلم : إنعام كجه جي

من عادة الملوك والرؤساء أن يتبادلوا الهدايا في الزيارات الرسمية. لكن هدية حافظ الأسد لضيفه جاك شيراك كانت «ثقيلة» قيمة ووزناً. قدم له أثاثاً تقليدياً سورياً كاملاً، مصنوعاً من الخشب المنقوش والمطعم بالأصداف. أرائك ومقاعد بمساند وبدون مساند وطاولة وسطية كبيرة ومناضد جانبية صغيرة. ودهش الرئيس الفرنسي للهدية وتقبلها شاكراً. وعند العودة إلى باريس استدعى مدير البروتوكول وطلب منه أن يتفاهم مع نظرائه رؤساء التشريفات الأجانب قبل كل زيارة. لا بد أن يعرفوا أنه لا شيء يجعله سعيداً أكثر من هدية صغيرة سهلة النقل، يمكنه أن يحملها في حقيبته ويضعها على مكتبه.
في مذكراته الصادرة حديثاً في باريس، يقول السفير دانييل جوانو، مدير البروتوكول السابق في «الإليزيه»، إن هدية الأسد ذهبت إلى المتحف المخصص لهدايا الدولة. لم يكن طرازها الشرقي يناسب القصر الرئاسي. عدا عن أن شيراك لم يكن يملك بيتاً خاصاً ليفرشها فيه. وهي على أي حال هدية جميلة لم ترافقها أزمة مثل هدية ميتران إلى زعيم كوريا الجنوبية، صيف 1993.
كانت تلك أول زيارة يقوم بها رئيس فرنسي إلى سيول. أراد أن يحيي دولة شقت طريقها نحو الديمقراطية بعد زمن طويل من الديكتاتورية، وأن يعبّر عن تقديره لأول رئيس مدني يحكم البلد، وللنهضة العلمية والصناعية التي نقلت كوريا الجنوبية من دولة نامية إلى واحدة من النمور الآسيوية الصاعدة.
اصطحب ميتران معه وفداً كبيراً: 4 وزراء بينهم ألان جوبيه وزير الخارجية، و31 مدعواً من رؤساء المؤسسات الصناعية والشخصيات السياسية والثقافية، بينهم الممثلة صوفي مارسو التي تتمتع بشعبية كبيرة في كوريا. وقد تودد عدد من أعضاء الوفد لمدير البروتوكول لكي يجلسهم بجوار النجمة الشابة في رحلة السفر. لكن أثمن ما في الطائرة كان الهدية الرئاسية.
تضمن برنامج الزيارة افتتاح الجناح الفرنسي في معرض دولي أقيم في مدينة تايغون. ولم تكن عين باريس على المعرض بل منافسة اليابان على صفقة مليارية لبيع كوريا قطارات «تي جي في» السريعة، فخر الصناعة الفرنسية. وبالمقابل، أراد الكوريون أن يستعيدوا 287 مخطوطة ملكية تعود للقرن الرابع عشر، نهبتها البحرية الفرنسية من بلادهم. إنها محفوظة في المكتبة الوطنية الفرنسية وفق مبدأ مقدس يمنع التصرف في مقتنيات الأرشيف الوطني.
كان الكوريون واضحين: لا قطارات بدون مخطوطات. وارتأى ميتران أن يحمل معه مخطوطة واحدة يقدمها للرئيس الكوري، على أن تتبعها المخطوطات الأخرى، كل واحدة مقابل قطار. لكن فات الوفد أن يحسب حساب مسؤولة المكتبة الوطنية الفرنسية. لقد وصلت سيول ومعها الهدية محفوظة في حقيبة مقفلة من الخشب. قيل لها إنها ستكون للعرض الرمزي فحسب، وهي ستعود معها إلى باريس.
عرفت المديرة حقيقة الصفقة فرفضت تسليم الحقيبة. وتدخل وزير الخارجية ألان جوبيه لإقناعها، دونما جدوى. لم يستطع إجبارها لأنها لا تأتمر بأمره بل تتبع وزارة الثقافة. وكان على مدير البروتوكول أن يتصل بوزير الثقافة في باريس ويوقظه من نومه لكي يأمر الموظفة العنيدة بتسليم المخطوطة. انصاعت للطلب والدموع في عينيها. وتم نقل الحقيبة إلى جناح الرئيس ميتران الذي كان يتابع بمتعة كبيرة، أولاً بأول، تفاصيل النزاع.
هل انتهت مشكلة هدية فرنسا لكوريا الجنوبية؟ في اللحظة الأخيرة يكتشف مدير البروتوكول أن مديرة المكتبة احتالت عليه وأعطته الحقيبة بدون مفتاح. وتدخل شرطي مكلف بحراسة الرئيس وكسر القفل وتمت المراسم وفازت باريس بالصفقة. لكن كان على كوريا الانتظار حتى عام 2010 لاسترداد كامل المخطوطات في زيارة قام بها الرئيس ساركوزي.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هاتِ مخطوطةً خُذْ قطاراً هاتِ مخطوطةً خُذْ قطاراً



GMT 07:04 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

وزن تأريخ الأردن في التوجيهي 4 علامات.. أيعقل هذا ؟!

GMT 07:01 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

لكنّها الطائفيّة... أليس كذلك؟

GMT 06:58 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

العلويون جزء من التنوّع الثقافي السوري

GMT 06:54 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

سوريا والصراع على الإسلام

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 03:01 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

الدفاع الجديدي يهزم حسنية أكادير

GMT 17:39 2024 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

إنستغرام تطلق تحسينات كبيرة على قنوات البث

GMT 03:53 2017 الإثنين ,04 كانون الأول / ديسمبر

فئات الرجاء البيضاوي العمرية تعيش وضعية مزرية

GMT 05:47 2019 الإثنين ,14 تشرين الأول / أكتوبر

الملكية البرلمانية

GMT 05:37 2019 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

أفضل الفنادق في فيينا ذات القيمة الجيدة

GMT 07:40 2019 الإثنين ,15 إبريل / نيسان

إلينا سانكو تفوز بلقب "ملكة جمال روسيا" لعام 2019

GMT 04:53 2019 السبت ,19 كانون الثاني / يناير

مواطن عراقي يُغرّم شرطة المرور في أربيل 30 ألف دينار

GMT 11:35 2019 الإثنين ,07 كانون الثاني / يناير

فنانات سرقن أزواج زميلاتهن بعد توقيعهم في "شِبال الحب"

GMT 08:41 2018 الأربعاء ,10 تشرين الأول / أكتوبر

إليك أجمل التصاميم لطاولات غرف المعيشة

GMT 21:41 2018 الثلاثاء ,19 حزيران / يونيو

مهرجان وجدة للفيلم يكرم الممثلة المصرية ليلى طاهر

GMT 11:16 2018 الأحد ,14 كانون الثاني / يناير

سعر الريال القطري مقابل دينار اردني الأحد

GMT 04:03 2017 السبت ,30 كانون الأول / ديسمبر

دونالد ترامب يُشدّد على عدالة وإنصاف القضاء الأميركي

GMT 16:19 2017 الثلاثاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

تطورات الحالة الصحة لـ"الزفزافي" عقب أزمة مفاجئة

GMT 12:34 2017 الإثنين ,04 كانون الأول / ديسمبر

توقيف رجل مسن وهو يغتصب طفلًا في الخلاء في أغادير
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib