ما اسمك يا سيد نوبل

ما اسمك يا سيد نوبل؟

المغرب اليوم -

ما اسمك يا سيد نوبل

إنعام كجه جي
بقلم : إنعام كجه جي

حمل الروائي الحاصل على جائزة «نوبل» معه إلى معرض الشارقة للكتاب الالتباس في طريقة نطق لقبه العائلي أو كتابته. قرنح. قرناح. قرنة، قرناه. قورنا؟ تطرح عليه السؤال فيجيب بما يشبه كل الاجتهادات السابقة. يقول إن اسمه الأول أسهل: عبد الرزاق. أديب لم يتعود بهرج الشهرة بعد. يمر بين رواد المعرض رمحاً يمانياً نحيلاً. وجه أسمر مثل آلاف الوجوه المتوارية وراء الكمامات، لا يتعرف عليها الناظر.
لم يتقرب منه في الفندق أحد. تسلم عليه ويفرح للسلام، ولأن هناك من تعرّف عليه. يتكلم بلطف جم وصوت خجول. «نوبل»؟ يبتسم ويؤكد بدعابة إنجليزية أنه ما زال حياً بعدها. تتردد في أن تمارس معه فضول الصحافي لأنك لم تقرأ له شيئاً من قبل، وأيضاً لئلا تخدش تلك الشرنقة الشفيفة التي تغلف حضوره. وسيكون على القارئ العربي الانتظار قليلاً لكي يطلع على ترجمات رواياته، التي استحق عليها أرفع جائزة للأدب في العالم.
يقول عبد الرزاق قرناح، الأديب التنزاني البريطاني من أصول حضرمية، إنه يكتب عن عذابات المهاجرين. ويبدو لي أن هناك اليوم باباً واسعاً في أغراض الأدب بات مخصصاً لتجارب الروائيين المقتلعين من مساقط الرؤوس ومن البيئات الأم. ترى أسماء هندية وليبية وباكستانية تلمع في الأدب المكتوب بالإنجليزية. وأسماء مغربية وسنغالية وأفغانية ولبنانية تبلي بلاء حسناً في الروايات المكتوبة بالفرنسية. تجارب تتزايد مع اشتعال النزاعات وتواتر الهجرات. أدباء يكتبون بلغة المستعمر القديم، لأن الاستعمار، حسبما يؤكد قرناح، لم ينته. وفي الندوة التي أفردها له معرض الشارقة قال إن الاستعمار الأوروبي، على وجه الخصوص، غيّر وجه العالم لأنه امتد إلى كل مكان. لقد أعيد تشكيل الخرائط، وظهرت دول جديدة، وليس ما نعيشه اليوم سوى آثار تلك التحولات. وستبقى عواقب الاستعمار قائمة تتفاعل بشتى الطرق. لنأخذ الشرق الأوسط، مثلاً، والطريقة التي تم بها تقسيم الدول وما نتج عنها من صراعات. فكثير من الحروب في أفريقيا تدور حول المواقع والحدود والملكيات، وهي من نتائج تدخلات استعمارية. إن على الأوروبيين أن يفهموا ذلك.
يطرح الأدباء المهاجرون، أيضاً، قضية الهوية. وعندما فاز قرناح بـ«نوبل» في الشهر الماضي وجد حفاوة من أطراف عدة. فقد احتفل به البريطانيون باعتباره نتاجهم ويقيم بينهم، واستبشر به الأفارقة لأنه أمضى صباه في تنزانيا، وفرح به العرب لأنه يحمل اسماً عربياً ولديه أصول يمنية. أين هو من هذه الهويات؟ يرى أن ليس من الخطأ أن يمتلك الفرد أكثر من هوية، شرط أن يستطيع تحديد أولوياتها. فإذا طرح أحدهم عليه السؤال التقليدي: من أين أنت؟ سيرد على السائل بأنه من زنجبار، من دون أن ينكر حقيقة أنه يعيش في المملكة المتحدة منذ نصف قرن وفيها ولد أبناؤه. يقول: «لا أود أن يطالبني أحد بالخروج من بريطانيا لأنني لست إنجليزياً».
ليس من يكتب عن الاقتلاع من الخارج مثل من يكتب عنه ممن اكتوت روحه بناره. وهناك مرويات شفاهية كثيرة يتناقلها الأبناء عن الآباء ولم تدوَّن. كان قرناح يكتب على قصاصات تحولت إلى قصص. وصل إلى بريطانيا شاباً وعرض حكاياته على العديد من دور النشر، إلى أن عثر على ناشر يقبل بها. أصبحت الرواية نافذته على العالم. يدعو قارئه إلى إطلالة من تلك النافذة، أن يمنحه متعة ما. خاف أن يفشل ولا تصل الرسالة. لكنه واصل ولم يتقهقر. يعترف بأنه لا يستطيع تغيير حياة الآخرين بالكتابة، لكنه يتمنى.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما اسمك يا سيد نوبل ما اسمك يا سيد نوبل



GMT 07:04 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

وزن تأريخ الأردن في التوجيهي 4 علامات.. أيعقل هذا ؟!

GMT 07:01 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

لكنّها الطائفيّة... أليس كذلك؟

GMT 06:58 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

العلويون جزء من التنوّع الثقافي السوري

GMT 06:54 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

سوريا والصراع على الإسلام

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 03:01 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

الدفاع الجديدي يهزم حسنية أكادير

GMT 17:39 2024 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

إنستغرام تطلق تحسينات كبيرة على قنوات البث

GMT 03:53 2017 الإثنين ,04 كانون الأول / ديسمبر

فئات الرجاء البيضاوي العمرية تعيش وضعية مزرية

GMT 05:47 2019 الإثنين ,14 تشرين الأول / أكتوبر

الملكية البرلمانية

GMT 05:37 2019 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

أفضل الفنادق في فيينا ذات القيمة الجيدة

GMT 07:40 2019 الإثنين ,15 إبريل / نيسان

إلينا سانكو تفوز بلقب "ملكة جمال روسيا" لعام 2019

GMT 04:53 2019 السبت ,19 كانون الثاني / يناير

مواطن عراقي يُغرّم شرطة المرور في أربيل 30 ألف دينار

GMT 11:35 2019 الإثنين ,07 كانون الثاني / يناير

فنانات سرقن أزواج زميلاتهن بعد توقيعهم في "شِبال الحب"

GMT 08:41 2018 الأربعاء ,10 تشرين الأول / أكتوبر

إليك أجمل التصاميم لطاولات غرف المعيشة

GMT 21:41 2018 الثلاثاء ,19 حزيران / يونيو

مهرجان وجدة للفيلم يكرم الممثلة المصرية ليلى طاهر

GMT 11:16 2018 الأحد ,14 كانون الثاني / يناير

سعر الريال القطري مقابل دينار اردني الأحد

GMT 04:03 2017 السبت ,30 كانون الأول / ديسمبر

دونالد ترامب يُشدّد على عدالة وإنصاف القضاء الأميركي

GMT 16:19 2017 الثلاثاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

تطورات الحالة الصحة لـ"الزفزافي" عقب أزمة مفاجئة

GMT 12:34 2017 الإثنين ,04 كانون الأول / ديسمبر

توقيف رجل مسن وهو يغتصب طفلًا في الخلاء في أغادير
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib