كيف تعيش كمنشقّ يقيم «في الحقيقة»
ريال مدريد يدرس ضم أرنولد من ليفربول في يناير القادم تقديم 21 شخصا أمام وكيل الملك بتارودانت على خلفية أحداث شغب مباراة هوارة وأمل تزنيت وزارة الصحة اللبنانية تُعلن سقوط 3365 شهيداً و14344 مصاباً منذ بدء العدوان الإسرائيلي "حزب الله" يجبر طائرتين مسيرتين لقوات الاحتلال الإسرائيلي على مغادرة الأجواء اللبنانية أوكرانيا تعلن مسئوليتها عن اغتيال ضابط روسي في شبه جزيرة القرم جيش الاحتلال الإسرائيلي يقوم ببناء بؤر الاستيطانية وفتح محاور جديدة للبقاء أطول في قطاع غزة إرتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 43,712 أغلبيتهم من الأطفال والنساء منذ بدء عدوان الاحتلال الإسرائيلي فرنسا تستنفر وتمنع العلم الفلسطيني قبل مباراتها مع إسرائيل خشية تكرار أحداث أمستردام حزب الله يُنفذ هجوماً جويًّا بسربٍ من المُسيّرات الانقضاضية على مقر قيادة كتيبة راميم في ثكنة هونين شمال مدينة صفد مقتل مستوطنيين إسرائيليين وإصابة اثنين آخرين جراء سقوط صواريخ لحزب الله في نهاريا
أخر الأخبار

كيف تعيش كمنشقّ يقيم «في الحقيقة»؟

المغرب اليوم -

كيف تعيش كمنشقّ يقيم «في الحقيقة»

حازم صاغية
بقلم - حازم صاغية

في 1968، إبّان «ربيع براغ»، ظهرت «الموجة الجديدة» حيث ازدهرت الحياة الثقافيّة، وظهرت أفلام وكتب ومسرحيّات لم يكن من المتخيّل أن تظهر قبلاً.

التجربة تلك طحنتها الدبّابات صيف العام ذاته، وانطلقت موجة انتقام من المثقّفين وموجة هجرتهم الكثيفة إلى الخارج. يومذاك كان المسرحيّ الشابّ فاكلاف هافل أحد المراهنين على حرّيّات أكبر للبلد والشعب، ولكنْ أيضاً لأعماله المسرحيّة المخنوقة.

بعد عشر سنوات، وكان هافل يعمل في مصنع بيرة، ممنوعاً من النشاط المسرحيّ، كتب مقالة شهيرة (80 صفحة) حول الوضع السياسيّ في تشيكوسلوفاكيا أساساً، لكنْ أيضاً في بلدان أخرى. مقالته المُعنْوَنة «قوّة الذين لا قوّة لهم» تسبّبت بسوقه إلى السجن، لكنّها بعد عشر سنوات أخرى كانت أحد أسباب تولّيه رئاسة الجمهوريّة.

لقد انطلق هافل من سؤاله حول مدى ما يمكن للمجتمع أن يحرزه من سلطة وقوّة في ظلّ نظام كالنظام القائم. وكمحروم من الدفاع عن حقوقه، ساءل مفهوم القوّة: ما الذي تعنيه بالضبط المعارضة لنظام كهذا؟ ماذا تفعل؟ أيّ دور تلعبه في المجتمع، وعلى ماذا تستند؟ ولا تلبث أسئلته أن تقوده إلى استنتاج مفاده ضرورة قيام مَن لا قوّة لهم بفحص طبيعة السلطة التي يعملون في ظلّها.

وبانتقاله إلى التعريف، رأى أنّ وصف «ديكتاتوريّة» قد يطمس أكثر ممّا يوضح، مفضّلاً وصف النظام التشيكوسلوفاكيّ بـ»ما بعد توتاليتاريّ». والمصطلح هذا لا ينزع التوتاليتاريّة عن النظام، لكنّه يؤكّد ما اعتبره هافل اختلافاً عميقاً عن الديكتاتوريّات الكلاسيكيّة وعن التوتاليتاريّة كما نفهمها. ففي داخل النظام، ثمّة شبكة واسعة وكثيفة من الأدوات الحكوميّة التي تجد شرعيّتها في إيديولوجيا شاملة من «الدين المعلمَن». والشبكة هذه، بإخضاعها المواطنين، تؤدّي إلى القمع والخوف ولكنْ أيضاً إلى الرقابة الذاتيّة. هكذا، وفي الحدّ الأدنى، يُفرض الصمت على السكّان، إلاّ أنّ أموراً أخرى قد تُفرض أيضاً. ولإيضاح قصده استخدم الكاتب مَثَل بقّال يثبّت في واجهة دكّانه شعار «يا عمّال العالم اتّحدوا». فما الذي يريده البقّال من ذلك؟ هل هو فعلاً متحمّس لوحدة عمّال العالم؟ يجيب هافل بأنّ أغلبيّة أصحاب دكاكين البقالة لا يستخدمون الشعارات التي يُلصقونها بواجهاتهم للتعبير عن آرائهم، بل هم لا يفكّرون في معناها أصلاً. إنّهم يفعلون ذلك لمجرّد أنهم يفعلونه، ولأنّ كلّ شخص يفعله منذ سنوات، إذ هذه هي الطريقة التي تسير الأمور بموجبها فتُستأنَف الحياة الآمنة من دون متاعب واتّهامات.

والحقّ أنّ هافل لم يقدّم إضافة نوعيّة في فهم التوتاليتاريّة، لكنّه قدّم مساهمة جديدة في ما يخصّ المجتمع المدنيّ والمسؤوليّة الأخلاقيّة بوجهيها الخاصّ والعامّ.

فإذا كان النظام يعيش في كذبة، فارضاً على المواطنين العيش فيها، فإنّ العيش في الحقيقة هو ما يهدّده، إذ يُعَدّ أقوى معارضة لنظام يمنع السياسة.

وما يعنيه هافل بالمصطلح هذا هو الحياة التي تقوم على التعبير الحرّ والعمل، بحيث يسعى الناس أخلاقيّاً إلى تحسين شروطهم، فيما يتعدّى نشاطُهم العامّ السياسةَ إلى «نشاطات قبل سياسيّة».

و»العيش في الحقيقة»، في ظلّ نظام من الكذب، يعني أن يكون الإنسان جيّداً، محترماً ولطيفاً ومهتمّاً بالآخرين. وأمر كهذا قد يبدو تبشيراً مسيحيّاً، أو ربّما عديم التأثير، إلاّ أنّ أهميّته تنبع من أهميّة بناء نُوى جديدة لمجتمع جديد في صلب العلاقات القائمة. لهذا ينبغي دائماً اختيار السلوك الجيّد ومطابقة الأفعال والأقوال والسعي إلى الأفضل في العمل. فأن تُجيد عملك هو أن تتحدّى تلك السلطة، لأنّك تؤكّد بذلك قوّتك داخل بُنية تمنعك من أن تؤكّدها. وإذا كان للعمل السياسيّ تأثيره المؤكّد، فاقترانه بأعمال قبل سياسيّة، تحضنها بُنى موازية، إنّما يعزّزه ويقوّيه. والحال أنّ الحياة المستقلّة والصادقة لا تلبث أن تجد بُناها، أو تغدو هي نفسها بُنى موازية لبنى السلطة، يعيش فيها أولئك الذين يعيشون في الحقيقة، ويتشاركون البحث عن أهداف مشتركة. لهذا، وفي مقابل انعدام التأثير ضمن نقابة قائمة، لا بدّ من إنشاء نقابة أخرى موازية. والشيء نفسه يصحّ في الإعلام والإدارات المحلّيّة وبعض النشاطات الاقتصاديّة. فالبُنى الموازية هذه لا تلبث، مع الزمن، أن تندمج وتتّحد لتغدو مجتمعاً موازياً، تتشكّل فيه سلطة فعّالة من الأدنى إلى الأعلى، وفي النهاية تجبر السلطة على التعامل معها في ظرف ما. ولا بأس هنا بالتذكير بأنّ مقالة هافل سبقت بعامين تأسيس حركة «تضامن» العمّاليّة البولنديّة التي فُرض على السلطة بعد عشر سنوات أن تفاوضها ثمّ تسلّمها السلطة.

بهذا كان هافل ينطق بلسان الطموحات الرفيعة لشعبه، مؤكّداً على المسؤوليّة واحترام الحقيقة والثقة بأنّ التصرّف الفرديّ الحرّ يوسّع احتمالات الحرّيّة للجميع، دافعاً مواطنيه لاحتضان هذه القيم في ذواتهم.

لكنّ اختيار العيش في الحقيقة لا يمرّ من دون مصاعب. وأوّل المصاعب تلك أنّ ما يبدأ أداءً جيّداً للعمل واحتراماً لأخلاقيّة المهنة قد ينتهي اتّهاماً بالعداء للنظام وللمجتمع. لكنْ يبقى للمواطن أن يختار: هل يبقى مقيماً في الأكاذيب أم يعيش في الحقيقة مع ما يرافق ذلك من تضحيات؟ وتفضيل الخيار الثاني هو ما يعلن عن وجود سلطة ذاك المواطن المحروم من السلطة والقوّة!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كيف تعيش كمنشقّ يقيم «في الحقيقة» كيف تعيش كمنشقّ يقيم «في الحقيقة»



GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

GMT 17:27 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب الثاني

GMT 21:28 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

«هي لأ مش هي»!

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 09:50 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة
المغرب اليوم - فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد
المغرب اليوم - أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد

GMT 07:08 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك
المغرب اليوم - الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 00:06 2016 الأربعاء ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

طريقة عمل خبز الذرة للإفطار

GMT 16:46 2014 الثلاثاء ,08 تموز / يوليو

الشوفان سلاح ضد السرطان

GMT 03:39 2017 السبت ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

دخول سيارتين قديمتين لـ"مرسيدس بنز" إلى المزاد العلني

GMT 07:11 2015 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

ارتفاع معدل التلوث جراء حرائق الغابات في إندونيسيا

GMT 19:47 2017 الأربعاء ,04 تشرين الأول / أكتوبر

ميس حمدان تسجّل حلقة رائعة لبرنامج "بيومي أفندي"

GMT 11:02 2022 الأحد ,11 كانون الأول / ديسمبر

بيروت تتوالد من رمادها وتتزين بكُتابها.

GMT 22:37 2020 الإثنين ,18 أيار / مايو

وفاة رجل الأعمال السعودي صالح كامل
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib