عن «الأصالة والحداثة» إنّما في بريطانيا
ريال مدريد يدرس ضم أرنولد من ليفربول في يناير القادم تقديم 21 شخصا أمام وكيل الملك بتارودانت على خلفية أحداث شغب مباراة هوارة وأمل تزنيت وزارة الصحة اللبنانية تُعلن سقوط 3365 شهيداً و14344 مصاباً منذ بدء العدوان الإسرائيلي "حزب الله" يجبر طائرتين مسيرتين لقوات الاحتلال الإسرائيلي على مغادرة الأجواء اللبنانية أوكرانيا تعلن مسئوليتها عن اغتيال ضابط روسي في شبه جزيرة القرم جيش الاحتلال الإسرائيلي يقوم ببناء بؤر الاستيطانية وفتح محاور جديدة للبقاء أطول في قطاع غزة إرتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 43,712 أغلبيتهم من الأطفال والنساء منذ بدء عدوان الاحتلال الإسرائيلي فرنسا تستنفر وتمنع العلم الفلسطيني قبل مباراتها مع إسرائيل خشية تكرار أحداث أمستردام حزب الله يُنفذ هجوماً جويًّا بسربٍ من المُسيّرات الانقضاضية على مقر قيادة كتيبة راميم في ثكنة هونين شمال مدينة صفد مقتل مستوطنيين إسرائيليين وإصابة اثنين آخرين جراء سقوط صواريخ لحزب الله في نهاريا
أخر الأخبار

عن «الأصالة والحداثة»... إنّما في بريطانيا

المغرب اليوم -

عن «الأصالة والحداثة» إنّما في بريطانيا

حازم صاغية
بقلم - حازم صاغية

كثيراً ما انشغل الفكر السياسيّ العربيّ بما سمّاه «الأصالة والحداثة»، وبالتوفيق بينهما. قبل أيّام شهدنا في بريطانيا، مع وفاة الملكة إليزابيث وتنصيب نجلها تشارلز ملكاً، مهرجاناً مدهشاً لـ«الأصالة والحداثة»: تقاليد وعادات ومراسم وأزياء وصيحات تعود إلى القرون الوسطى متعايشةً مع التلفزيونات والتليفونات المحمولة والوجوه والأزياء غير التقليديّة، والأهمّ، مع قيم الديمقراطيّة البرلمانيّة والمجتمع التعدّديّ...
«الحداثة» شعبيّة و«الأصالة» كذلك: أعداد الذين أحزنتهم الوفاة وأفرحهم التنصيب لم تكن بسيطة، ولم تكن هناك أجهزة أمن تأمرهم بأن يحزنوا ويفرحوا ويحتشدوا في الساحات العامّة. في عداد هؤلاء كان أرستوقراطيّون وأبناء طبقات وسطى ومتفرّعون عن الطبقة العاملة. وهم كانوا رجالاً ونساء وذوي منازع جنسيّة شتّى، وشملوا صغاراً وكباراً، يمينيّين ويساريّين، بيضاً وملوّنين...
وبعيداً من الضجيج العربيّ بالمصطلح الفارغ، فإنّ «الأصالة» لا تعني في الحالة البريطانيّة إلاّ الرمز والاستمراريّة. ذاك أنّ المجتمعات، كلّ المجتمعات، بحاجة إلى رموز تلتقي حولها، وقد تكون الرموز كثيرة وقد تتعدّد مصادرها الاجتماعيّة وتتضارب دلالاتها السياسيّة. إنّها تطلّب إنسانيّ وطَمأنَة يحتاجها البشر، لا سيّما في أزمنة عاصفة بالتحوّلات ومهدِّدة لكلّ يقين كزمننا الراهن. وفي بريطانيا، خيضت حروب واختفت الإمبراطوريّة «التي لا تغيب عنها الشمس» لكنْ بقيت الملكيّة. وصار البلد جزءاً من أوروبا ثمّ لم يعد جزءاً منها، وبقيت الملكيّة. وقد تستقلّ اسكوتلندا عن المملكة المتّحدة وقد لا تستقلّ، فيما يتراجع الدين وتتفسّخ العائلة، بما فيها عائلة الملكة نفسها، وتبقى الملكيّة. وهذا ليس «أبداً» بالمعنى الذي استخدمه الأسديّون في وصف حافظ الأسد: فالملكيّة لا تتدخّل في حياة السكّان الذين يملكون كلّ الحقّ في إعادة النظر بها. إنّ السلطة الفعليّة للبرلمان، أي لإرادة الشعب.
والاستمراريّة ليست مجرّد تعبير عن «مصالح تخدمها الملكيّة». فلا «الهيمنة» ولا «الصناعة الثقافيّة»، أو «أجهزة الدولة الآيديولوجيّة» قادرة وحدها على فعل ذلك. إنّها لا تستطيع وحدها أن تصنع وعي الشعب كلّه، وأن توالي صنعه جيلاً بعد جيل، أي خداعه كلّه جيلاً بعد جيل.
أغلب الظنّ أنّ التماسك الوطنيّ يتطلّب الرمز والاستمراريّة، كما يحضّ عليهما شيء من النقص الإنسانيّ الذي يولّد الخوف من المجهول. والتجربة البريطانيّة، ضدّاً على أفكار القطع الراديكاليّ، إنّما تشهد لحقيقة أنّ الاستمراريّة تخلق الطقوس كما الطقوس تخلق الاستمراريّة، وأنّ الاجتماع الوطنيّ بحاجة إلى تقاليد، أكانت «مخترعة»، أم لم تكن، تماماً كما هو بحاجة إلى مؤسّسات.
في هذه «الحداثة» لا يشعر القدامى و«الرجعيّون» بأنّهم مستبعَدون ومرذولون، لكنّهم لا يستطيعون، في المقابل، وقف التقدّم والتطوّر اللذين يراعيانهم ويأخذانهم بعين الاعتبار. فـ«الأصالة» هذه لا تعيش إلاّ في كنف «الحداثة» الديمقراطيّة وفي ظلّ انتصارها، فتكون «أصالة» وديعة ومتواضعة ومؤنْسَنة وأحياناً فولكلوريّة... وهذا ما لا توفّره «الأصالة» حين تكون قويّة ومستفحلة ونضاليّة على الطريقة الإيرانيّة التي لا تتيح لـ«الحداثة» الديمقراطيّة أيّ مكان منظور.
لهذا عاشت الملكيّة البريطانيّة مهجوسة باللهاث وراء الجديد ووراء معاصرة العصر. تكيّفْ وإلاّ اندثر... هذا ما كانه شعارها الضمنيّ. في 1917، وصل الأمر بالعائلة المالكة لأن تغيّر اسمها من «كوبورغ غوثا» الألمانيّ إلى وندسور. السبب أنّ البريطانيّين أزعجهم أن يكون اسم حكّامهم ألمانيّاً فيما هم يقاتلون ألمانيا في الحرب العالميّة الأولى. جورج الخامس أُنزل إلى الشارع، وبدأ، للمرّة الأولى في تاريخ الملكيّة، يختلط بالناس ويناقشهم في أمورهم الحياتيّة. قريباه وليم الثاني في ألمانيا ونقولا الثاني في روسيا خسرا عرشيهما مع الحرب الأولى وتداعياتها. هو، على عكسهما، بقي على عرشه. ابنه جورج السادس، والد إليزابيث، لم يغادر لندن في الحرب العالميّة الثانية، رغم أن قصر باكنغهام نفسه تعرّض للقصف شأنه شأن باقي العاصمة. في 2012، مثّلت إليزابيث في فيلم قصير مع دانيال كريغ (جيمس بوند) عُرض في الحفل الافتتاحيّ للألعاب الأولمبيّة. في ذاك الفيلم بدت وهي تهبط بالمظلّة (باراشوت) لتحيّي الجمهور.
والأمر يبدو أحياناً فرجة، وهو ينطوي فعلاً على كثير من عناصر الفرجة. في «الغارديان» رأى سايمون جنكينز في أدوار العائلة المالكة شيئاً روبوتيّاً. لكنّ الثقافة السياسيّة البريطانيّة تقول ما هو أكثر من ذلك. فعلى عكس فرنسا، لم تتحوّل المَلكيّة والدين إلى حزبيّة تواجهها حزبيّة مناهضة للملكيّة. حصل هذا في أربعينات القرن السابع عشر وحربه الأهليّة، مع كرومويل والبيوريتانيّين، ثمّ اكتُشف بالتجريب أنّه غير مُجدٍ وأنّ كلفته الدمويّة هائلة. ومن تلك التجربة المُرّة ولدت أفكار توماس هوبز وجون لوك اللذين استولى عليهما السؤال الحارق: كيف نتجنّب الحرب الأهليّة، فقدّما عنه جوابين مختلفين. وبعد قرن، انشغل إدموند بيرك بطريقته بتجنّب الثورة الفرنسيّة وتجنيب عنفها وآلامها. ومن آدام سميث إلى جون ستيوارت ميل ثمّ جون ماينارد كينز، بقي نزع أسباب التطرّف والعنف من المجتمع دافعاً متمكّناً من الثقافة السياسيّة لبريطانيا. وبدورها عبّرت الأحزاب الكبرى عن هذا النزوع: فقد ضمّ «العمّال» متطرّفين يساريّين كتوني بنّ وجيريمي كوربن، وضمّ «المحافظون» متطرّفين يمينيّين كإينوخ باوِل، فحال الحزبان دون ظهور القوى المتطرّفة يميناً ويساراً، فيما جذبا الكثير من التطرّف الأقصى إلى الوسط البرلمانيّ وإجماعاته.
إنّ تجربة كهذه في «الحداثة والأصالة» تستحقّ اهتماماً عربيّاً لم تحظ مرّةً بمثله.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن «الأصالة والحداثة» إنّما في بريطانيا عن «الأصالة والحداثة» إنّما في بريطانيا



GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

GMT 17:27 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب الثاني

GMT 21:28 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

«هي لأ مش هي»!

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 07:08 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك
المغرب اليوم - الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 07:41 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

إكس" توقف حساب المرشد الإيراني خامنئي بعد منشور بالعبرية

GMT 09:41 2023 الإثنين ,17 إبريل / نيسان

لعب المغربي وليد شديرة مع المغرب يقلق نادي باري

GMT 13:28 2019 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

افتتاح مهرجان موسكو السينمائي الدولي الـ41

GMT 09:55 2019 الثلاثاء ,15 كانون الثاني / يناير

عيادات تلقيح صناعي تُساعد النساء في عمر الـ 60 علي الإنجاب

GMT 06:16 2018 الثلاثاء ,13 شباط / فبراير

رِجل الحكومة التي كسرت وليست رجل الوزير

GMT 07:43 2018 الإثنين ,05 شباط / فبراير

اختاري العطر المناسب لك بحسب نوع بشرتك

GMT 16:33 2018 الثلاثاء ,23 كانون الثاني / يناير

الهلال السعودي يتشبث بنجم الوداد أشرف بنشرقي

GMT 10:22 2013 السبت ,26 كانون الثاني / يناير

سمك السلور العملاق يغزو الراين الألماني وروافده

GMT 18:06 2017 الجمعة ,29 كانون الأول / ديسمبر

مفاجأة سارة للراغبين بالتعاقد في قطاع التعليم المغربي

GMT 08:07 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

وفاة الفنان السعودي أبو بكر سالم بعد صراع طويل مع المرض

GMT 09:55 2017 الأحد ,03 كانون الأول / ديسمبر

جولن لوبيتيغي يؤكد أن إسبانيا ستتعذب بحثا عن التأهيل

GMT 09:56 2017 الأحد ,03 كانون الأول / ديسمبر

الأسود يقطعون 2600 كلم بين ملاعب مونديال روسيا
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib