أدلر أو التحليل النفسيّ الأكثر تقدّميّة
ريال مدريد يدرس ضم أرنولد من ليفربول في يناير القادم تقديم 21 شخصا أمام وكيل الملك بتارودانت على خلفية أحداث شغب مباراة هوارة وأمل تزنيت وزارة الصحة اللبنانية تُعلن سقوط 3365 شهيداً و14344 مصاباً منذ بدء العدوان الإسرائيلي "حزب الله" يجبر طائرتين مسيرتين لقوات الاحتلال الإسرائيلي على مغادرة الأجواء اللبنانية أوكرانيا تعلن مسئوليتها عن اغتيال ضابط روسي في شبه جزيرة القرم جيش الاحتلال الإسرائيلي يقوم ببناء بؤر الاستيطانية وفتح محاور جديدة للبقاء أطول في قطاع غزة إرتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 43,712 أغلبيتهم من الأطفال والنساء منذ بدء عدوان الاحتلال الإسرائيلي فرنسا تستنفر وتمنع العلم الفلسطيني قبل مباراتها مع إسرائيل خشية تكرار أحداث أمستردام حزب الله يُنفذ هجوماً جويًّا بسربٍ من المُسيّرات الانقضاضية على مقر قيادة كتيبة راميم في ثكنة هونين شمال مدينة صفد مقتل مستوطنيين إسرائيليين وإصابة اثنين آخرين جراء سقوط صواريخ لحزب الله في نهاريا
أخر الأخبار

أدلر... أو التحليل النفسيّ الأكثر تقدّميّة

المغرب اليوم -

أدلر أو التحليل النفسيّ الأكثر تقدّميّة

حازم صاغية
بقلم - حازم صاغية

غالباً ما تُقدَّم النساء بوصفهنّ سبب الشرّ كلّه في العالم، كما في قصّة التوراة عن الخطيئة الأصليّة، أو في إلياذة هوميروس حيث كانت امرأة واحدة تكفي لإغراق شعب كامل في البؤس (...) كذلك يُعبَّر عن نقص احترام النساء في الأجور التي تُدفع للمرأة وتقلّ كثيراً عن أجور الرجال حتّى حين يكون عملهنّ مساوياً في قيمته لعمل الرجال».
هذه الفقرة بعض ما كتبه المحلّل النمسويّ ألفرِد أدلر في 1927، فبدا بلا قياس أشدّ تقدّماً من سيغموند فرويد وكارل يونغ. والحال أنّ ثمّة من رأى أنّ المحلِّلين النفسيّين لموجة ما بعد الفرويديّة، ككارِن هورنَي وأريك فروم، هم «نِيو أدلريّين» كونهم تبنّوا، إلى هذا الحدّ أو ذاك، مفاهيمه.
وأدلر أحد أهمّ المحلّلين النفسيّين الذين أنتجهم القرن العشرون، فإذا كان فرويد ويونغ قد فاقاه شهرة، بقى أنّه «لن يكون من السهل»، كما كتب هنري إلِّنبرغر، «أن نجد مؤلِّفاً آخر استعار منه الجميع، ودون إقرار بذلك، كما نجد مع ألفرد أدلر».
لكنّ تقدّميّة الأخير لا تتجلّى فقط في مسألة المرأة. فهو جادل بأنّ المحرّك الأساس في حياة الأفراد اجتماعيّ. وفي انشقاقه عن فرويد عام 1911 رأيناه يركّز على أنّ مفتاح فهم الفرد ليس الماضي، كما علّم المؤسّس، بل الحاضر والمستقبل اللذان يمكّناننا من تعقّل كيف صرنا ما صرناه. فالماضي قد يزيد الاحتمالات أو يُنقصها لكنّه ليس حتميّ التأثير، وبالتالي فالغائيّة (teleology) ، أي دراسة الغاية وراء ظاهرة محدّدة، تفوق منظومة الأسباب (etiology) أهميّةً.
أمّا الجنس عنده فبدا أقرب إلى استعارة أو طريقة للفهم، فيما العُصاب لا ينجم عن دوافع جنسيّة مكبوتة بقدر ما يُنجبه الشعور بالنقص. وبدوره فاللاوعي ليس كياناً منفصلاً، بل هو الجزء المجهول من سعي الفرد نحو هدفه. ولئن رأى فرويد أنّ كبتنا هو طريقنا إلى التكيّف، رأى أدلر أنّنا نملك قدرة فطريّة على أن نكون اجتماعيّين، وما علينا سوى أن ننمّيها عبر تنمية حسّنا الاجتماعيّ. ذاك أنّ غياب الحسّ هذا يعني غياب الرغبة في التكيّف والاجتماع، ما يُعَدّ حالة مَرضيّة تحمل صاحبها على طلب التفوّق المطلق.
هكذا احترم أدلر الأفراد وقدرتهم على التغيّر والتغيير، ومسؤوليّتهم عن أحوالهم، بحيث أخذ عليه معلّمه السابق مدى تعويله على الوعي وعمليّاته.
وهو اهتمّ فعلاً بالسعي إلى التفوّق، لكنّ التفوّق الأدلريّ، الذي لم تغب عنه التأثيرات النيتشويّة، بقي مضبوطاً اجتماعيّاً. فهو الدافع العميق وراء السعي الإنسانيّ، إذ نحن مدفوعون إلى تحسين أوضاعنا و»التحوّل من وضعيّة الناقص إلى وضعيّة الزائد».
فمن «المثال الذاتيّ»، الذي يختاره الفرد لنفسه ويتشكّل في فترة مبكرة من الطفولة، يُنتَقى الهدف الذي يُسعى إليه ويناط به توفير التفوّق لصاحبه. أمّا نقاط الضعف التي تعترض مسيرتنا إلى ذاك التفوّق فتحرّكُ فينا مشاعر الدونيّة التي تنبع من تقييمنا لنفوسنا ولتجاربنا. وفضلاً عن جوانب القصور الجسمانيّ، كثيراً ما يثير شعورَنا بالدونيّة «دونياتٌ موضوعيّة»، كأنْ يربط المرء تفوّقه بامتلاكه المال فيما يكون فقيراً وشديد الإحساس بفقره. لكنّ ثمّة حالات أخرى من الدونيّة تصدر عن تصوّر الناس لأنفسهم على نحو مغلوط يفتقر إلى أيّ أساس واقعيّ.
والشعور بالدونيّة ليس مرضاً، إلاّ أنّه يغدو كذلك حين لا يُعترف به ولا يواجَه: فإذا خسرنا عملاً بحثنا عن عمل آخر، وإذا أعوزتنا مهارة كي نحصل على عملٍ ما تعلّمنا هذه المهارة، وقد نعوّض عن ضعف بأن نقوّي أنفسنا في مجال آخر، فنطوّر قدرتنا على قراءة الشفاه إذا أصابنا ضعف في السمع. هكذا نواجه دونيّتنا مع ما يستدعيه ذلك من امتلاكنا شجاعة التغيير.
لكنّنا قد نتجنّب المشكلة بإنكارها وباللجوء إلى سلوك حمائيّ يردّ الفشل إلى عوائق تقع خارج السيطرة (ممّا تزخر بمثله الثقافة السياسيّة العربيّة). وقد يلجأ صاحب السلوك الحمائيّ إلى أسباب مزعومة، فيزيائيّة (وجع الرأس أو تعب مزمن) أو نفسيّة (غضب، توتّر)، أو يبحث عن مسافة تعفيه من الاحتكاك وتُبقيه في حيّزه المريح والمألوف (comfort zone)، مُشكّلةً ذرائعه التي تجنّبه المواجهة. إلاّ أنّ هؤلاء الحمائيّين مثيرون للشفقة إذ يستخدمون خِدعاً للهرب من تحدّيات الحياة، لكنّها مع تكرارها تخسر فعاليّتها، لتؤثّر سلباً في صحّتهم النفسيّة وفي نوعيّة حياتهم.
ويلجأ كثيرون من المنكرين إلى مبالغة تعويضيّة (overcompensation)، كالتقليل من أهميّة الآخرين وتصغيرهم واستصغارهم، أو التباهي بإنجازات حقّقوها هم في الماضي، مع تجنّبهم التعرّض لأوضاع قد تكشفهم كأشخاص زائفين، وهنا تنشأ عقدة التفوّق بمعناها المَرَضيّ.
وجادل أدلر بأنّ ثمّة هدفاً واحداً في الحياة يمكّننا من تذليل تصوّرنا عن أنفسنا كضعفاء ودونيّين، هو التعاون مع آخرين لتوكيد أهداف مشتركة، أو ما سمّاه «الحسّ الجمعيّ» (gemeinschaftsgefuhl) وصفاً للرغبة بحياة جماعيّة وللطاقة التي تُبذل للغرض هذا. فغالباً ما لا يكون مصدر ألمنا تحدّيات الحياة، بل الحلول التي نعتمدها في مواجهة التحدّيات تلك، إذ نحن محكومون بتجاربنا أقلّ ممّا بالمعنى الذي نعطيه لها.
وهذا التعويل على الرابط الاجتماعيّ مدّه أدلر إلى عالم الأطفال الذين عمل معهم فرديّاً وفي العيادات الطبيّة. فالصغار يرون إلى أنفسهم كضعفاء وتابعين قياساً بالكبار، وهم يدركون أنّ حياتهم رهن عثورهم على موقع آمن ومَحميّ في العائلة. وإنّما إبّان الطفولة، يخلق الطفل لنفسه «هدف حياةٍ» تبعاً لفهمه كيف يحسّن موقعه في العائلة. وما هدف سلوكنا كأطفال، وكراشدين بالتالي، بما في ذلك «نمط الحياة» المعتَمَد، سوى تقريبنا من ذاك الهدف الذي اخترناه في الطفولة. وهكذا فالتحدّي الأساسيّ المطروح على تربية الأطفال هو بالضبط تشجيعهم على «الحسّ الجمعيّ» بوصفه الطريقة الوحيدة التي بها يستطيعون تجاوز إحساسهم بدونيّتهم، وهذا إنّما يرقى إلى مُحرّك أساسيّ للبشر على مدى حياتهم.
أفكار كهذه كانت أكثر من كافية لدفع أدلر إلى الانشقاق عن فرويد ولاشتغاله على تأسيس ما بات يُعرف بـ»علم النفس الفرديّ» - عِلمه.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أدلر أو التحليل النفسيّ الأكثر تقدّميّة أدلر أو التحليل النفسيّ الأكثر تقدّميّة



GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

GMT 17:27 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب الثاني

GMT 21:28 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

«هي لأ مش هي»!

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 09:50 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة
المغرب اليوم - فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد
المغرب اليوم - أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد

GMT 07:08 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك
المغرب اليوم - الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 13:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 01:46 2024 الأحد ,27 تشرين الأول / أكتوبر

أخوماش يهزم أملاح بالدوري الإسباني

GMT 00:14 2024 الجمعة ,18 تشرين الأول / أكتوبر

صندوق النقد يتوقع مستقبلا عصيباً للاقتصاد العالمي

GMT 03:11 2024 الجمعة ,18 تشرين الأول / أكتوبر

إنستغرام تطلق تجارب جديدة على ريلز لدعم المبدعين

GMT 06:18 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحمل الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 00:16 2024 السبت ,19 تشرين الأول / أكتوبر

داو جونز يرتفع 36 نقطة ليحقق مكاسب قياسية

GMT 03:05 2024 الجمعة ,18 تشرين الأول / أكتوبر

مايكروسوفت تُعلن لوحة ألعاب للاعبين ذوي الهمم

GMT 10:03 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

المغرب التطواني يتعاقد مع عزيز العامري لقيادة الفريق

GMT 02:56 2024 الجمعة ,18 تشرين الأول / أكتوبر

تستعد شركة شاومي لإصدار النسخة العالمية من هاتف Redmi Note 14 5G

GMT 19:28 2016 الثلاثاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

برج التنين.. قوي وحازم يجيد تأسيس المشاريع

GMT 15:20 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

رشيد العلمي يُفجِّر فضيحة مدوية تطال وزراء سابقين

GMT 23:56 2015 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

علماء "ناسا" يؤكدون وجود نوع من الحياة على كوكب المريخ

GMT 14:50 2013 الثلاثاء ,23 تموز / يوليو

سرير من خشب الجوز المتوهج يحكي تاريخ النحت

GMT 14:42 2022 الإثنين ,12 كانون الأول / ديسمبر

الدولار يرتفع مع استمرار الضغوط التضخمية في أميركا
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib