إنّها ثقافة سياسيّة طُرد منها المدنيّون
ريال مدريد يدرس ضم أرنولد من ليفربول في يناير القادم تقديم 21 شخصا أمام وكيل الملك بتارودانت على خلفية أحداث شغب مباراة هوارة وأمل تزنيت وزارة الصحة اللبنانية تُعلن سقوط 3365 شهيداً و14344 مصاباً منذ بدء العدوان الإسرائيلي "حزب الله" يجبر طائرتين مسيرتين لقوات الاحتلال الإسرائيلي على مغادرة الأجواء اللبنانية أوكرانيا تعلن مسئوليتها عن اغتيال ضابط روسي في شبه جزيرة القرم جيش الاحتلال الإسرائيلي يقوم ببناء بؤر الاستيطانية وفتح محاور جديدة للبقاء أطول في قطاع غزة إرتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 43,712 أغلبيتهم من الأطفال والنساء منذ بدء عدوان الاحتلال الإسرائيلي فرنسا تستنفر وتمنع العلم الفلسطيني قبل مباراتها مع إسرائيل خشية تكرار أحداث أمستردام حزب الله يُنفذ هجوماً جويًّا بسربٍ من المُسيّرات الانقضاضية على مقر قيادة كتيبة راميم في ثكنة هونين شمال مدينة صفد مقتل مستوطنيين إسرائيليين وإصابة اثنين آخرين جراء سقوط صواريخ لحزب الله في نهاريا
أخر الأخبار

إنّها ثقافة سياسيّة طُرد منها المدنيّون

المغرب اليوم -

إنّها ثقافة سياسيّة طُرد منها المدنيّون

حازم صاغية
بقلم - حازم صاغية

في عقود سابقة كان «الانعزاليّون» في لبنان يوصفون بـ»الحفنة» و»الزمرة» التي تستمدّ أسباب قوّتها من «عمالتها للاستعمار». وكان تعبير «الانعزال» نفسه مقصوداً به الإيحاء بالضآلة وبالهامشيّة. فـ»الزمرة» تلك إنّما هي انعزال عن حالة جماهيريّة جارفة ومُجمعة على زجّ لبنان في المعارك المصيريّة الكبرى.

والآن، وربّما بفعل الشعبيّة التي أظهرتها حركتا 14 آذار 2005 ثمّ 17 تشرين الأوّل 2019، بات الناطقون بلسان المعارك المصيريّة في الصحافة والتلفزيون ووسائل التواصل الاجتماعيّ، يُقرّون بأنّ من يخالفونه الرأي في لبنان هم «نصف سكّانه»، وعند بعضٍ منهم، هم «أكثر من نصف سكّانه». مع هذا فتغيير التسمية لم يغيّر الوصف، إذ بات هؤلاء «جبهة إسناد للعدوّ الصهيونيّ». أهمّ من هذا، أنّ تغيير التسمية لم يغيّر السلوك، إذ السياسة التي يتّبعها دعاة معارك المصير ثابتة خالدة لا تحول ولا تزول، سيّان أكان في مواجهتها «حفنة» و»زمرة» أم كان في مواجهتها «أكثر من نصف السكّان».

ووراء هذا الثبات عوامل كثيرة بطبيعة الحال، لكنّ واحداً منها أنّ المواطنين المدنيّين لا يُحسب لهم أدنى حساب. فما دام الأخيرون مدنيّين، أي غير مسلّحين، وكانوا بالتالي أضعف من أن يهدّدوا قوّة الطرف المسلّح، أو يتحدّوه، جاز المضيّ في نهج لا يأخذهم بعين الاعتبار. أمّا الديمقراطيّة، بوصفها ناظماً للعلاقة معهم، فحديث خرافة تلهج به الألسنة إلاّ أنّ النوايا تسخر منه.

وعدم الاكتراث بالمدنيّين، كثيرين كانوا أم قليلين، تقيم فيه بذور جريمة محتملة دائمة بحقوق الإنسان، لأنّ مَن لا يُكترث بهم لدى اتّخاذ قرار الحرب لن يُكترث بهم عند مباشرة الحرب وتساقط القتلى وتوسّع نطاق الدمار. أمّا ما يتذرّع به أصحاب هذا السلوك تبريراً لسلوكهم فلا يعدو كونه فكرة ينعتونها بالصواب، بل بالقداسة. لكنّ كلُّ فكرة قابلة لأن تُثبت الأيّام خطأها، بحيث لا يتبقّى لنا، والحال هذه، غير إهالة التراب على الراحلين والترحّم عليهم بوصفهم ضحايا الخطأ الذي انطوت عليه فكرة الذين فكّروا.

والاستخفاف بالمدنيّين له في ثقافتنا السياسيّة السائدة أشكال كثيرة أخرى، عهدْنا بعضها في سوريّا حين كان السكّان الذين تتساقط عليهم البراميل يوصفون بأنّهم قوى تتصدّى للمؤامرة على شعب سوريّا. ويُلاحَظ اليوم كم يُستَفزّ دعاة المعارك المصيريّة عند الحديث عن الألم الذي يصيب مواطني غزّة المدنيّين بسبب الضربات الإسرائيليّة المجرمة، أو لدى التقاط محطّة تلفزيونيّة صورة لطفل يبكي أو لامرأة أو رجل تمكّنَ منهما اليأس والإحباط. فكلّ حديث أو صورة من هذا الصنف يُرذَلان بوصفهما شراكة في المؤامرة على غزّة وعلى صمودها. ذاك أنّ إبداء الألم لا يكون مقبولاً إلاّ في حدود قابليّته للتوظيف السياسيّ، أي لتوكيد الوحشيّة الإسرائيليّة وإدانتها. أمّا ما خلا ذلك، ودرءاً للمؤامرة وللتخاذل، فإنّ الطفل الغزّاوي إنّما يزهو فرحاً بسبب تضوّره جوعاً، فيما لا تعبّر الأمّ الحامل التي تُجهضها عمليّة جويّة إسرائيليّة إلاّ عن بهجة ومتعة لا توصفان.

وفي هذا، ترتسم صورة للبشر، كما يتصوّرهم دعاة القضايا المصيريّة، بوصفهم مقاتلين فحسب. لا الألم يؤلمهم ولا الموت يخيفهم ولا الجوع والعطش يهدّان عزائمهم، أمّا الذين يؤلمهم الألم ويجهرون بذلك فلا يستحقّون الحياة أصلاً، مثلهم مثل أطفال إسبارطة الذين كانوا يُعرّضون لامتحان الطبيعة والوحشة، فإذا كُتبت لهم الحياة باتوا في شبابهم محاربين، وإذ قضوا تكفّلت آلة الإنجاب تعويضنا خسارتهم. وآلة الإنجاب هي المرأة التي لا معنى لها في مجتمع حربيّ خارج هذه الوظيفة ما دام أنّها ليست محاربة.

فالمدنيّ، في آخر المطاف، لزوم ما لا يلزم، ومَن يساوره الشكّ فليسأل المثقّفين ممّن يُفترض أنّهم خزّان النقد لأخطاء أهلهم، بما فيها أخطاؤهم في مواجهة حرب الإبادة الإسرائيليّة. بيد أنّهم، وعلى عكس المفترض، تحوّلوا ويتحوّلون كتيبةً في جيش المجتمع العسكريّ المتطلّب للحرب. ومن يتطلّب الحروب شرطاً لوجوده ولاستمراره يكون يتطلّب العدوّ على نحو دائم، لأنّه ببساطة لا حرب من دون عدوّ.

في الأحوال كافّة فإنّ البشر، كما ترسمهم اللوحة النضاليّة، شيء آخر غير البشر كما هم فعلاً. فبشر الحالة النضاليّة الذين لا يفعلون غير القتال والصمود، ولا يعلنون ألمهم أو جوعهم إلاّ لفضح العدوّ وأفعاله، بشر غير موجودين، وإذا وُجدوا كانوا كائنات مخيفة للبشر الفعليّين، أو كائنات لا تملك في مواجهة الحياة سوى الانتحار.

وإبّان معركة أوكيناوا، آخر معارك الحرب العالميّة الثانية، نُظر باحتقار إلى كلّ تعبير عن الحزن والألم، وقيل إنّ تعابير كهذه تجافي روح أمّة حربيّة مقاتلة كالأمّة اليابانيّة. أمّا أحد الشعارات الشعبيّة الذي رُفع حينذاك فيدعو إلى انتحار الأمّة اليابانيّة كلّها لأنّنا «كلّنا كاميكازيّون».

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إنّها ثقافة سياسيّة طُرد منها المدنيّون إنّها ثقافة سياسيّة طُرد منها المدنيّون



GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

GMT 17:27 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب الثاني

GMT 21:28 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

«هي لأ مش هي»!

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 07:08 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك
المغرب اليوم - الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 07:41 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

إكس" توقف حساب المرشد الإيراني خامنئي بعد منشور بالعبرية

GMT 09:41 2023 الإثنين ,17 إبريل / نيسان

لعب المغربي وليد شديرة مع المغرب يقلق نادي باري

GMT 13:28 2019 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

افتتاح مهرجان موسكو السينمائي الدولي الـ41

GMT 09:55 2019 الثلاثاء ,15 كانون الثاني / يناير

عيادات تلقيح صناعي تُساعد النساء في عمر الـ 60 علي الإنجاب

GMT 06:16 2018 الثلاثاء ,13 شباط / فبراير

رِجل الحكومة التي كسرت وليست رجل الوزير

GMT 07:43 2018 الإثنين ,05 شباط / فبراير

اختاري العطر المناسب لك بحسب نوع بشرتك

GMT 16:33 2018 الثلاثاء ,23 كانون الثاني / يناير

الهلال السعودي يتشبث بنجم الوداد أشرف بنشرقي

GMT 10:22 2013 السبت ,26 كانون الثاني / يناير

سمك السلور العملاق يغزو الراين الألماني وروافده

GMT 18:06 2017 الجمعة ,29 كانون الأول / ديسمبر

مفاجأة سارة للراغبين بالتعاقد في قطاع التعليم المغربي

GMT 08:07 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

وفاة الفنان السعودي أبو بكر سالم بعد صراع طويل مع المرض

GMT 09:55 2017 الأحد ,03 كانون الأول / ديسمبر

جولن لوبيتيغي يؤكد أن إسبانيا ستتعذب بحثا عن التأهيل

GMT 09:56 2017 الأحد ,03 كانون الأول / ديسمبر

الأسود يقطعون 2600 كلم بين ملاعب مونديال روسيا
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib