أطفال الحضانة اللبنانيّة
ريال مدريد يدرس ضم أرنولد من ليفربول في يناير القادم تقديم 21 شخصا أمام وكيل الملك بتارودانت على خلفية أحداث شغب مباراة هوارة وأمل تزنيت وزارة الصحة اللبنانية تُعلن سقوط 3365 شهيداً و14344 مصاباً منذ بدء العدوان الإسرائيلي "حزب الله" يجبر طائرتين مسيرتين لقوات الاحتلال الإسرائيلي على مغادرة الأجواء اللبنانية أوكرانيا تعلن مسئوليتها عن اغتيال ضابط روسي في شبه جزيرة القرم جيش الاحتلال الإسرائيلي يقوم ببناء بؤر الاستيطانية وفتح محاور جديدة للبقاء أطول في قطاع غزة إرتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 43,712 أغلبيتهم من الأطفال والنساء منذ بدء عدوان الاحتلال الإسرائيلي فرنسا تستنفر وتمنع العلم الفلسطيني قبل مباراتها مع إسرائيل خشية تكرار أحداث أمستردام حزب الله يُنفذ هجوماً جويًّا بسربٍ من المُسيّرات الانقضاضية على مقر قيادة كتيبة راميم في ثكنة هونين شمال مدينة صفد مقتل مستوطنيين إسرائيليين وإصابة اثنين آخرين جراء سقوط صواريخ لحزب الله في نهاريا
أخر الأخبار

أطفال الحضانة اللبنانيّة

المغرب اليوم -

أطفال الحضانة اللبنانيّة

حازم صاغية
بقلم - حازم صاغية

في اليونان القديمة لعب الإقناع دوراً كبيراً في الحياة العامّة، ما يعني استطراداً أنّ التفكير لعب دوراً كبيراً. فبسبب إنشاء الإغريق الديمقراطيّةَ المباشرة وهيئةَ المحلّفين في المحكمة، بات الطلب حادّاً على الحجج التي يستخدمها مواطنو أثينا في مداولات الساحة العامّة (الآغورا)، كما يستخدمونها تبرئةً لأنفسهم إذا طال أحدَهم اتّهامٌ ما. ولئن كان سقراط يجوب شوارع أثينا وحاراتها كي يقنع الناس بما يراه الصواب، فإنّ خصومه السفسطائيّين تحوّلوا باعةً جوّالين لتعليم الحجج والإقناع، وعن ذلك كانوا يتلقّون مقابلاً ماليّاً.    

والحال أنّ أكثر ما يلغي الحاجة إلى الإقناع، أي إلى التفكير، هو حيث الصواب والحقيقة معروفان سلفاً، وحيث لا قيمة لما يتوصّل إليه تفكير الأفراد وتجاربهم. في مثل تلك الأحوال يكون هناك أبٌ أعلى يرسم من عليائه ما يجوز وما لا يجوز، وتكون هناك فكرة آمن بها ذاك الأب واستولى على السلطة انتصاراً لها، وبها راح يُفتي في الكبيرة والصغيرة: من الزراعة إلى الصحّة ومن السينما إلى السياسات الدفاعيّة، من دون أن ننسى جمع النفايات...

ونحن في لبنان عرفنا شيئاً من هذا وشيئاً من ذاك. فقبل 1975 شرعت فئات معتبرة من السكّان تتخلّى عن أفكار طوائفها وتعتنق أفكاراً غير طائفيّة. وعمليّةٌ كهذه كانت تنجم عن تفكير ومجادلة واقتناع وقراءة كتب ومعرفة بالعالم الخارجيّ. هؤلاء، بالتالي، كانوا يغلّبون الخيار الحرّ على الوراثة الناجزة، كما يغلّبون العقل على العصبيّة. لكنْ بفعل الحروب التي ضربت الدولة والمجتمع، ومعها الفرز السكّانيّ الذي أنتجه التهجير والتوجّه نحو الصفاء الطائفيّ، ضمرَ الخيار والتفكير الحرّ لصالح الولاء الموروث الجاهز، واستذكرت كلّ جماعة «جذورها» وتمسّكت بها، وبها وحدها. إذ مَن الذي يحمي الفرد ويُعيله إن تجرّد من أهله أو تجرّأ عليهم؟ بعدذاك لم تعد «النصيحة بجمل»، كما قالت العرب قديماً. فأحدٌ لم يعد بحاجة إلى نصيحة إذ الحكمة كلّها مقيمة في بيتنا.

مع هذا بقيت هناك فئة صغرى شاءت أن تفكّر وتختار بدل أن تتبع وترث وتتلقّى. وهؤلاء أفراد وليسوا جماعة، أفرادٌ تأثّروا إيجاباً بالتجارب المتقدّمة في العالم بقدر ما تأثّروا سلباً بالتجارب السقيمة في بلدهم، فانحازوا لاقتصاد بلا فساد، ولسياسة بلا تنفيعات، ولثقافة بلا تبجيل زائف، ولقضاء بلا استزلام، كما انحازوا ضدّ تدخّل الطوائف في الحياة العامّة، وضدّ ازدواج السلاح المعطِّل للدولة وللقوانين. وهم، بطبيعة الحال، تمسّكوا بالحرّيّة لأجسادهم وبالحرّيّة لعقولهم في آن معاً.

هؤلاء «يُعالَجون» اليوم بالنهج الآخر الذي شهد ولادته الأولى مع الحرب، أي بإحكام السيطرة على عقولهم وأجسادهم، وباعتماد التلقين بدلاً من الحجّة والمجادلة، وبتوكيد فضائل الثبات على الرأي إلى ما لا نهاية وتدعيمه بآراء تعود إلى أجداد الأجداد.

هكذا يبدو ما يحصل راهناً أشبه بإرجاع اللبنانيّين، وفي طليعتهم هؤلاء الشبّان والشابّات، من المرحلة الجامعيّة إلى مرحلة الحضانة. وفي صفوف الحضانة يُعلَّم الطفل أن يستيقظ باكراً ويغسل وجهه ويطيع أهله، على أمل أن تكرّر المدرسة والجامعة هذه «المعارف» إيّاها بطرق أشدّ حذلقة.

والحضانة في لبنان اليوم تملك إجابات شافية عن الأسئلة كلّها: ما هو السلوك المقبول وما السلوك غير المقبول، ومن هو الوطنيّ ومن غير الوطنيّ، وما المال النظيف وما المال غير النظيف، وكيف أنّ الاستشهاد هو المثال الأعلى لسلوك المجتمع (بوصفه مجتمعاً حيّاً بالتأكيد!).

وفي الحضانة هناك الناظر الذي لا يكفّ عن الصراخ في وجه أطفال يعوزهم التأديب، مهدّداً متوعّداً ومستخدماً بإفراط سبّابته التي لا تتعب. وكما يخاف أطفال الحضانة من تقطيب الناظر حاجبيه، يُفترض باللبنانيّين أن يخافوا من تقطيب ناظرهم الغضوب حاجبيه. فإن لم يفهموا مدى غضبه حضر في التلفزيون والصحافة ووسائل التواصل الاجتماعيّ خبراء في إدراك سرّه المقدّس يفهمونهم ذلك.

لكنْ يبقى أنّ المعطيات والمعلومات التي يجري تلقينها لأطفال الحضانة إن لم تكن تافهة فهي مغلوطة، يغلّط بعضَها العلمُ ويغلّط الواقعُ بعضَها الآخر. وقد وجد الغلط هذا شخصنته المدهشة في وزير كُلّف العناية بالثقافة فإذا به لا أكثر من مساعد ناظر في الحضانة.

وفي غضون ذلك، علينا أن ننسى الكثير من الحقائق التي نعرفها كي تستقيم أمورنا كأطفال حضانة مثلما استقامت أمور الأطفال في بلاد كيم جونغ أون.

نعم، نحن الآن في الحضانة نبلي بلاء حسناً: إنّنا على وشك أن نعرف كلّ شيء. بعد قليل لن تكون لدينا حاجة إلى التفكير والمجادلة والاقناع والاقتناع. كلّ شيء محلول: إسرائيل عدوّ. أميركا عدوّ. إيران صديق. التعاليم السمويّة تفتح الأبواب كلّها في وجوهنا. نستيقظ باكراً، نغسل وجوهنا، نطيع أهلنا، ونفرشي أسناننا أيضاً.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أطفال الحضانة اللبنانيّة أطفال الحضانة اللبنانيّة



GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

GMT 17:27 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب الثاني

GMT 21:28 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

«هي لأ مش هي»!

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 09:50 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة
المغرب اليوم - فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد
المغرب اليوم - أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد

GMT 00:06 2016 الأربعاء ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

طريقة عمل خبز الذرة للإفطار

GMT 16:46 2014 الثلاثاء ,08 تموز / يوليو

الشوفان سلاح ضد السرطان

GMT 03:39 2017 السبت ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

دخول سيارتين قديمتين لـ"مرسيدس بنز" إلى المزاد العلني

GMT 07:11 2015 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

ارتفاع معدل التلوث جراء حرائق الغابات في إندونيسيا

GMT 19:47 2017 الأربعاء ,04 تشرين الأول / أكتوبر

ميس حمدان تسجّل حلقة رائعة لبرنامج "بيومي أفندي"

GMT 11:02 2022 الأحد ,11 كانون الأول / ديسمبر

بيروت تتوالد من رمادها وتتزين بكُتابها.

GMT 22:37 2020 الإثنين ,18 أيار / مايو

وفاة رجل الأعمال السعودي صالح كامل
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib