حماية لبنان ليست في «القوّة» أيّة «قوّة»
وقوع زلزال شدته 5.1 درجة على مقياس ريختر قبالة ساحل محافظة أومورى شمال اليابان حزب الله يُعلن تنفيذ هجومًا جويّا بسربٍ من المُسيّرات الانقضاضيّة على قاعدة شراغا شمال مدينة عكا المُحتلّة استشهاد 40 شخصاً جراء مجزرة اتكبتها ميليشيات الدعم السريع بقرية بوسط السودان المرصد السوري لحقوق الإنسان يُعلن استشهاد 4 من فصائل موالية لإيران في غارة إسرائيلية على مدينة تدمر وزارة الصحة في غزة تعلن ارتفاعاً جديداً لحصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي على القطاع منذ السابع من أكتوبر 2023 إغلاق سفارات الولايات المتحدة وإيطاليا واليونان في أوكرانيا خوفاً من غارة روسية منظمة الصحة العالمية تُؤكد أن 13 % من جميع المستشفيات في لبنان توقفت عملياتها أو تقلصت خدماتهاالطبية في القطاع الصحة في غزة تؤكد أن الاحتلال الإسرائيلي أعدم أكثر من 1000 عامل من الكوادر الطبية في القطاع عطل فنى يُؤخر رحلات شركة الخطوط الجوية البريطانية في أنحاء أوروبا وزارة الصحة اللبنانية تُعلن سقوط 3544 شهيداً و 15036 مصاباً منذ بداية العدوان الإسرائيلي على البلاد
أخر الأخبار

حماية لبنان ليست في «القوّة»... أيّة «قوّة»

المغرب اليوم -

حماية لبنان ليست في «القوّة» أيّة «قوّة»

حازم صاغية
بقلم - حازم صاغية

في الكلام الكثير الذي يقال راهناً عن «حماية لبنان»، يردّد كثيرون منّا أنّ الدولة المستعادة وجيشها يحميانه. وهذا قول يصيب كبد الحقيقة لاتّعاظه بالتجارب المُرّة الكثيرة، خصوصاً وقد ثبت أنّ ما تتسبّب به الميليشيا من توريط يفوق أضعافاً مضاعفة ما توفّره من حماية. وهذا ناهيك عن أنّ إيكال الأمر إلى الدولة والجيش يستجيب مبدأً صائباً في رسم مسؤوليّات الدول والجيوش، وفي احتكار الأخيرة أدوات العنف الشرعيّ بدون أيّة شراكة مع أيّ كان.

مع هذا، ينجرّ البعض، مأخوذين بالثقافة التي عمّمتها التيّارات النضاليّة والراديكاليّة المتعاقبة، إلى التلويح بجيش جرّار ينشأ في لبنان ويحميه. لا بل حتّى محازبو «حزب الله» أنفسهم، وفي تبريرهم دورهم بوصفه اضطراراً اضطُرّوا إليه، يقولون أحياناً إنّ بناء ذاك الجيش الجبّار هو وحده ما يجيز الاستغناء عن حزبهم المسلّح. وفي مرّات كثيرة يتبدّى أنّ قولاً كهذا يُقصد به التعجيز وتكبير الحجر لعدم الضرب به، أي قطع الطريق على الجيش الممكن باسم التمسّك بالجيش المستحيل.

والحال أنّ اقتراح الجيش الجبّار، حتّى لو كان حاملوه صادقين فيه، اقتراح خطير، خطورتُه لا تقلّ عن خطورة «حزب الله»، ولو اختلفت طبيعتا التهديدين. ذاك أنّ جيشاً يهيمن على المجتمع ويعسكر الحياة وتُصرف عليه حصّة الأسد من الاقتصاد القوميّ، كي «يحمينا» من إسرائيل، لا يفعل سوى جعلنا مجتمعاً عسكريّاً بما يجافي كلّ تطلّع ديمقراطيّ وكلّ حياة معافاة من الاستبداد. فبعدما عشنا مرحلة زُعم فيها أنّ الميليشيا بديل الجيش، يريد لنا أصحاب هذه الدعوة أن نعيش زمناً يكون فيه الجيش بديل الميليشيا، ينظر إلى العالم نظرة حربيّة ويفكّر فيه نزاعيّاً. ولا تندرج إلاّ في الترّهات شعارات تلازم هذا التصوّر، من نوع «بناء الدولة المقاوِمة» و»كلّنا مقاوَمة»، وغير ذلك ممّا تنمّ التجارب عن إفضائه المؤكّد إلى ثلاثيّة جيش قويّ وحزب حديديّ وعقيدة حاكمة. وبما أنّ معارك الجيوش الجبّارة معارك جبّارة بالضرورة، جاز لنا أن نتوقّع مستقبلاً أسود في ظلّ اقتراح كهذا إذا أتيحت له الحياة.

فالجيش الجبّار لن يحمي لبنان المحارب الذي تسوسه «دولة مُقاوِمة»، لا بل قد يقودنا إلى تسلّح لا يمكن أن يفوق التسلّح الإسرائيليّ فيما يعرّض لبنان إلى مخاطر يمكن تفاديها. بمعنى آخر، لا بدّ، بدل الميليشيا، من جيش يحمي السلم الأهليّ والاستقرار الداخليّ ويضمن استمرار الهدوء على الحدود، كما قد يشكّل مصدراً لواحد من الإجماعات القليلة بين اللبنانيّين. أمّا الحماية الفعليّة فلا تصدر إلاّ عن حياد عسكريّ حيال صراعات الخارج بوصفه سياسة يسهر الجيش على رعايتها. وتوجّهٌ كهذا هو ما يجد تعزيزَه مستقبلاً، ونظريّاً، في عبور المنطقة كلّها إلى سلام يُتوّجُه قيام دولة فلسطينيّة مستقلّة.

وبدورها فالطاقة التي قد يجدها اللبنانيّون في نفوسهم ومبادراتهم فتتوجّه، والحال هذه، إلى إحداث تغييرات سياسيّة واجتماعيّة يطلبها البلد بإلحاح، لا لبناء جيوش جرّارة و»ساحات وغى». ونعلم، من تجربة 17 تشرين التغييريّة، أنّ حاملي شعار «لبنان المقاوم» و»لبنان القويّ» هم أوّل الذين تصدّوا لتغيير من هذا النوع بذريعة القضيّة الواحدة التي لا تتحمّل قضيّة أخرى.

أمّا سياسة الحياد العسكريّ التي تحمي فتفترض ثقافة تلائمها، مفادها أنّ العالم ليس بالضرورة غابة مفتوحة، غابة إن لم تكن فيها قاتلاً فأنت مقتول، وأنّ في الوسع أن نصبو إلى عالم ما بعد الحرب وما بعد نتانياهو، إن لم يكن غداً فبعد غد.

وهذا يستدعي إشاعة ثقافة السلام، الضعيفة تقليديّاً في الفكر السياسيّ العربيّ، ومباشرة القطع مع ثقافة القوّة، تمجيداً لـ «الرجولة» و»البطولة» و»الشهادة» وسواها من مفاهيم ترسّبت عن الملاحم في زمن لم يعد ملحميّاً.

وبعد كلّ حساب، فالقوّة تجافي تركيب لبنان ككيان لم يؤسَّس على القوّة، بل أُسّس على تجنّبها، ولم يتعرّض للانهيار إلاّ في لحظات التشدّق المَرَضيّ بالقتال. وقد تنتهي الحرب الراهنة بطيّ صفحة القوّة وحامليها، لكنّ ما يبقى مطلوباً للمستقبل أن نربّي مناعة ضدّ العنف، كائناً مَن كان المعبّر عنه، دولةً أو ميليشيا، وكائنةً ما كانت طائفته أو عقيدته.

وللّبنانيّين أن يعتبروا بتجربة مُرّة عرفها جوارهم السوريّ، حيث ساد لعقود مبدأ «الجيش العقائديّ» في دولة قويّة ذات حزب واحد. وها هي تلك التجربة تتمخّض عن مأساة لسوريّا والسوريّين جعلتهم أضعف من أيّ وقت في تاريخهم الحديث، وذلك بعد إمعانها في تدمير مجتمعهم وامتصاص حيويّته ومصادرة سعيه. وما انتهى في بلد بحجم سوريّا على شكل مأساة لا بدّ أن يلبس في بلد بحجم لبنان لبوس الملهاة. ولربّما آن أوان الخروج من المآسي والملاهي مرّة واحدة نحو دول طبيعيّة تعالج مشكلاتها وتحسّن أوضاعها بعيداً من المزاعم الكبرى أيّاً كانت. وهذا إذا تمكّن البلد من أن ينفض الركام عنه ويستأنف الحياة من جديد.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حماية لبنان ليست في «القوّة» أيّة «قوّة» حماية لبنان ليست في «القوّة» أيّة «قوّة»



GMT 18:56 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

تحت البحر

GMT 18:53 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب الطامح إلى دور شبه ديكتاتور!

GMT 18:50 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

لا سامح الله من أغلق ملفات الفساد

GMT 18:47 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

انتصرنا!

GMT 18:46 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الفكر السياسي سيرورات لا مجرّد نقائض

GMT 18:41 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

«إنت بتفهم في السياسة أكتر من الخواجه؟!»

GMT 18:39 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس ترمب؟!

GMT 18:36 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

المواصلات العامة (3)

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 07:39 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
المغرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 08:04 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
المغرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 09:49 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
المغرب اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 19:19 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أسماء جلال وأسماء أبو اليزيد تتنافسان في الغناء والسينما
المغرب اليوم - أسماء جلال وأسماء أبو اليزيد تتنافسان في الغناء والسينما

GMT 09:10 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
المغرب اليوم -

GMT 16:11 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

تثق بنفسك وتشرق بجاذبية شديدة

GMT 11:30 2019 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

البطولة المنسية

GMT 13:18 2018 الجمعة ,04 أيار / مايو

نصائح خاصة بـ"يكورات" غرف المعيشة العائلية

GMT 17:37 2018 الإثنين ,12 شباط / فبراير

دار "آزارو" تصدر مجموعتها الجديدة لربيع وصيف 2018

GMT 14:44 2012 الأحد ,14 تشرين الأول / أكتوبر

48 مليار دولار لبريطانيا من تجارة العقار العالمية

GMT 05:22 2017 الجمعة ,19 أيار / مايو

«بلانات شباط» و«بلانات الشينوا» (2/2)

GMT 06:17 2016 الثلاثاء ,05 إبريل / نيسان

دور المثقف في المجتمعات العربية

GMT 15:18 2012 الثلاثاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

"المحرك المميت" أول مسرحية في إطار مهرجان territoria

GMT 05:34 2017 الأحد ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

بن زايد يبحث مع عبد الرازق تعزيز العلاقات الثنائية

GMT 21:40 2014 الإثنين ,20 تشرين الأول / أكتوبر

طنجة من أفضل 10 مدن عالمية للسكن بعد سن التقاعد

GMT 20:47 2020 الإثنين ,21 أيلول / سبتمبر

ماسك الخيار لتهدئة البشرة من الاحمرار
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib