«مارونيَّة سياسيَّة» و«شيعيَّة سياسيَّة»
وزارة الصحة الفلسطينية تُعلن ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي إلى 41 ألفًا و272 شهيدًا، و95 ألفًا و551 إصابة وزارة الصحة اللبنانية تنفي معلومات غير دقيقة حول سقوط 11 شهيداً و4000 مصاب وزير الصحة اللبناني يعلن أن 3 آلاف جريح بانفجار أجهزة النداء بعضها يحتاج إلى العلاج في الخارج طائرة تابعة للخطوط الملكية المغربية تجري هبوطاً اضطرارياً في إسبانيا بسبب سرب من الطيور شركة الخطوط الجوية الفرنسية تُعلق رحلاتها إلى بيروت وتل أبيب حتى الخميس مقتل وإصابة عدد من الأشخاص في قصّف مدفعي شنّة الدعم السريع على الفاشر وزارة الصحة اللبنانية تدعو جميع اللبنانيين للتخلص من أجهزة اتصال "بيجر" شركة ميتا تحظر وسائل الإعلام الروسية الحكومية بسبب نشاط التدخل الأجنبى حزب الله اللبناني يُصدر بياناً جديداُ يحدد فيه هوية الجهة المنفذة لانفجار الأجهزة اللاسلكية الذي أسفر عن عدد من القتلى وآلاف الجرحى مستشفيات جنوب لبنان تخطت قدرتها الاستيعابية والجرحى ينقلون إلى مستشفيات خارج المحافظة
أخر الأخبار

«مارونيَّة سياسيَّة» و«شيعيَّة سياسيَّة»

المغرب اليوم -

«مارونيَّة سياسيَّة» و«شيعيَّة سياسيَّة»

حازم صاغية
حازم صاغية

«المارونيّة السياسيّة» و«الشيعيّة السياسيّة» تعبيران يفتقران إلى الدقَّة. هما لا يقولان أيَّ موارنة وأيَّ شيعة هم المقصودون، ولا ينبّهان إلى خلافات واختلافات بين موارنة وموارنة، أو بين شيعةٍ وشيعة، كما لا يستوقفهما تغيُّر الأزمنة والشروط الاجتماعيَّة وانعكاس هذا التغيُّر عليهم جميعاً.

مع هذا، ولتسهيل المجادلة فحسب، نستعمل التعبيرين للدَّلالة على الحكم اللبنانيّ «المارونيّ» بين 1943 و1975، وعلى الحكم «الشيعيّ»، بمعنى صناعة القرار الأخير، جزئيّاً منذ اتّفاق الطائف في 1989، وخصوصاً منذ الانسحاب السوريّ في 2005، وبالأخصّ منذ رئاسة ميشال عون في 2016.

فهناك ميلٌ إلى التأريخ للبنان الحديث بهاتين الحقبتين، حقبتي «الحكم المارونيّ» و«الحكم الشيعيّ»، علماً بأنَّ واحدنا كان بالطبع يفضّل تعريف الحقب والأنظمة بتمثيلها الاجتماعيّ وخياراتها الآيديولوجيَّة.

والراهن أنَّ «الحكم الشيعيّ»، منوراء واجهات أهمّها إميل لحُّود وميشال عون، وقع ظلمه الأوّل على الشيعة. فالأخيرون، في الفترة السابقة على صعود «حزب الله»، كانوا الطائفة الأشدَّ ديناميَّةً بسبب علاقتها بالإدارة والتعليم والهجرة، وتالياً بإنتاج الكوادر الحديثة. لهذا كان يمكن التعويل، ولو نظريّاً، على أنْ يكملَ الشيعة المشروع الوطنيَّ اللبنانيَّ بعد أن استُنزفَ الموارنة والمسيحيُّون ولم يعد لديهم الكثير ليعطوه. هذا الاستنزاف كان قد دلَّ إليه اختيارهم سليمان فرنجيَّة، في 1970، لرئاسة الجمهوريَّة، ورزوح إنتاجهم الثقافيّ تحت وطأة الخطابيَّة الرومنطيقيَّة الريفيَّة والنوستالجيَّة.

ولم يكن هذا التعويل في غير مكانه، مصحوباً باحتمال السير على طريق تنتهي بخفض درجة الطائفيَّة والحدّ من مركزيَّة جبل لبنان، لصالح دولة أشدّ حداثة ودمقرطةً في آن.
فالشيعة يومذاك باتت تربطهم بالدولة وإدارتها صلة بالغة المتانة، وكانت كتلتهم الوازنة تحوَّلت من ريفيَّة إلى مدينيَّة. وهم بدوا متفوّقين على الموارنة والسنَّة من جهتين: أقلّ من الموارنة رومنطيقيَّةً وانشداداً إلى المفهوم الريفيّ القديم عن الوطنيَّة، وأقلّ من السنَّة تعرُّضاً للإصابة بالقوميَّة العربيَّة ومترتّباتها. ولئن كان ارتباطهم بالنجف، وبدرجة أقلَّ بقم والسيّدة زينب، يكسر عزلتهم وانطواءهم، فإنَّ اقتصار هذا الارتباط على بُعد ثقافيّ وروحيّ لم يشكّل عنصر إضعاف لوطنيّتهم اللبنانيّة.

وقد عبَّر موسى الصدر في بداياته اللبنانيَّة عن هذه التوجُّهات، وهو ما استمرَّ عليه إلى أنْ صدَّه سليمان فرنجيَّة المقفل عن كلّ إصلاح وتغيير. وإذ قفز الصدر إلى الحضن الأسديّ ومخيَّمات التدريب الفلسطينيَّة، تأسّس المسلسل الانحداريّ الذي توَّجَه لاحقاً «حزب الله» وإيران. هكذا صودر الشيعةُ بوصفهم الطرفَ الذي يستأنف المشروع الوطنيَّ اللبنانيَّ وحُوّل أغلبهم أداة هدم للمشروع إيَّاه. بلغة أخرى: بدل احتمال التواصل والاستمراريّة في تاريخ الجمهوريّة، حلّ واقع الانقطاع الحادّ والراديكاليّ.

وفي مراجعة تاريخيَّة، لا تبدو المساواة بين الطائفيَّتين، لمجرّد كونهما طائفيَّتين، بالشيء المنصف. وهناك أسباب ثلاثة على الأقلّ لمثل هذا التمييز: الأوَّل، وتبعاً لروايتها عن نفسها، أنَّ «المارونيَّة السياسيَّة» ابنة الخوف الذي دفع إلى طلب الحماية، قبل استقلال 1943، وإلى طلب «الضمانات»، أو«الامتيازات»، بعده. أمَّا «الشيعيَّة السياسيَّة» فمن طبيعة هجوميَّة، وهي، وفقاً لروايتها عن نفسها، نتاج فعل مقاوم يصل إلى السياسة بقاطرة البنادق والصواريخ. لكنَّ السبب الثاني قد يكون أهمَّ، وهو أنَّ «المارونيَّة السياسيَّة» نهضت بقيام دولة، ومن خلالها، فيما ازدهرت «الشيعيَّة السياسيَّة» عبر تفكيك الدولة، وإقامة دولة موازية يشكّل السلاح عمودَها الفقريَّ. وأخيراً، كانت «المارونيَّة السياسيَّة» تقلّد الغرب، أو في الحدّ الأدنى تزعم ذلك، فيما تنسج «الشيعيَّة السياسيَّة» على منوال إيران الخمينيَّة.

فـ«الحكم المارونيّ» بالتالي لم يكن مجرَّدَ قبضة عسكريّة، أو أمنيَّة، إذ انطوى تقليديّاً على موقع في بناء المؤسَّسات وفي التعليم والاقتصاد والمال، ما نجم عنه نشوء الطبقة الوسطى الأعرض في الشرق الأوسط. «الحكم الشيعيّ»، في المقابل، بقي مجرَّدَ حكم بالبنادق التي تملي على الآخرين إرادةً لا تحظى بقناعتهم، بل يُجمعون على استشعار مخاطرها. الإدارة والجامعة والحياة السياسيَّة ممَّا بُني في الطور الأوَّل فُكّك في الطور الثاني. البلد كما وضعه الطور الأوَّل على خريطة العالم نزعه الطور الثاني منها.

المزاج الدوليُّ اختلف أيضاً: الطور الأوَّل تساوق مع الحرب الباردة والآيديولوجيَّات الكبرى. لقد شاع، في المجتمع وإن لم يكن في السلطة، خجل بالهويَّات الصغرى لمصلحة وطن ما. الطور الثاني تساوق مع انفجار الهويَّات الصغرى والجهر المتفاخر بها. حينذاك كان المطلوب مدينةً يتباهى بها التاجر والسائح والمصرفيّ، وكذلك المتعلّم والمثقَّف. بعد ذاك صار المطلوب ضاحيةً يسوسها ويمجّدها المسلَّح.

في المقابل، انحطَّت «المارونيَّةُ السياسيَّة» عونيّاً، وهو انحطاط ربَّما باشر المسيحيُّون التخلَّص منه بعد جريمة المرفأ، لكنَّ ما يُخشى هو أن يكون الأوان قد فات على المسيحيّين ومعهم سائر اللبنانيّين.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«مارونيَّة سياسيَّة» و«شيعيَّة سياسيَّة» «مارونيَّة سياسيَّة» و«شيعيَّة سياسيَّة»



GMT 23:25 2024 الثلاثاء ,17 أيلول / سبتمبر

قصة الراوي

GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 أيلول / سبتمبر

بمناسبة المسرح: ذاكرة السعودية وتوثيقها

GMT 19:34 2024 الثلاثاء ,17 أيلول / سبتمبر

لماذا نهتم بالانتخابات الأميركية؟

GMT 19:31 2024 الثلاثاء ,17 أيلول / سبتمبر

تغريد دارغوث إذ ترسم ضد تسليع الكارثة

GMT 19:26 2024 الثلاثاء ,17 أيلول / سبتمبر

مصر وحماس؟!

ياسمين صبري بإطلالات أنيقة كررت فيها لمساتها الجمالية

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 13:16 2024 الأربعاء ,18 أيلول / سبتمبر

التعرض إلى الضوء في الليل يُزيد من خطر زيادة الوزن
المغرب اليوم - التعرض إلى الضوء في الليل يُزيد من خطر زيادة الوزن

GMT 18:43 2024 الأربعاء ,18 أيلول / سبتمبر

محمد إمام يتعاقد على فيلم جديد بعنوان "صقر وكناريا"
المغرب اليوم - محمد إمام يتعاقد على فيلم جديد بعنوان

GMT 08:23 2015 الأربعاء ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

هواتف سامسونغ تتصدر الأسواق الناشئة في الربع الثالث

GMT 02:02 2017 الإثنين ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

ضبط عون سلطة متلبس بتلقي رشوة في جرسيف

GMT 01:58 2015 الأربعاء ,09 كانون الأول / ديسمبر

محرر "صن" البريطانية يدعي الهرب من تركيا إلى فرنسا

GMT 02:22 2015 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

عيب خلقي يهدّد حياة طفلة ووالدتها تجمع تبرعات لعلاجها

GMT 18:51 2015 الخميس ,03 كانون الأول / ديسمبر

صدور المجموعة القصصية "نوران" لمحمد المليجي
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib