قبرص ونموذجها أمام «الحالة الذعريّة» اللبنانيّة
سقوط نحو 300 قتيل في اشتباكات عنيفة بين قوات سورية الديمقراطية وفصائل مسلحة مدعومة من تركيا في محيط سد تشرين وزارة الصحة في غزة تكشف أن عدد ضحايا عدوان الاحتلال الإسرائيلي على القطاع ارتفع إلى 45,259 شهيداً و107,627 مصاباً من 7 أكتوبر 2023 تسجيل 76 حالة وفاة و768 إصابة جراء إعصار شيدو الذي ضرب مقاطعات "كابو" و"ديلغادو" و"نابولا" و"نياسا" في شمال موزمبيق زلزال متوسط بقوة 5.3 درجة غرب يضرب جنوب إفريقيا تكريم الفنان الكوميدي محمد الخياري في الدورة العاشرة لمهرجان ابن جرير للسينما وفاة الفنان المغربي القدير محمد الخلفي عن عمر يناهز 87 عامًا بعد معاناة طويلة مع المرض ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي إلى 45227 شهيد و107573 جريح منذ السابع من أكتوبر 2023 توقف مؤقت للعمليات في مطار قازان الروسي إثر هجوم أوكراني ارتفاع عدد ضحايا الانهيار الأرضي إلى 40 شخصاً في أوغندا المكتب الحكومي لدولة فلسطين تعلن احصائيات حرب الإبادة الجماعية التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة لليوم 440
أخر الأخبار

قبرص ونموذجها أمام «الحالة الذعريّة» اللبنانيّة

المغرب اليوم -

قبرص ونموذجها أمام «الحالة الذعريّة» اللبنانيّة

حازم صاغية
بقلم - حازم صاغية

حين هدّد زعيم «حزب الله» جزيرة قبرص، عبّر لبنانيّون كثيرون عن امتعاضهم. فقبرص عضو في الاتّحاد الأوروبيّ، والإشكالُ معها إشكال معه، وهي مصدر لفرص عمل ولفرص مشاريع للبنانيّين كثيرين، بعضُهم تملّك فيها أو أقام، كما أنّها ملجأ لمن يفرّون من النزاعات الأهليّة، أو مَعبر يُستخدم للسفر في حالات التوتّر التي تزدحم بها حياة اللبنانيّين. كذلك قيل بحقٍّ أنّ من يخوض صراعاً عنيفاً، كالذي يخوضه «حزب الله»، يُستحسن به أن يوسّع دائرة أصدقائه، لا دائرة أعدائه، متفادياً المواجهات التي يمكن تفاديها. ثمّ إنّ شأن العلاقة بقبرص، حرباً أو سلماً، شأن سياديّ يُفترض أن تختصّ به الدولة، لا حزب مسلّح بعينه...

وهذه كلّها عناصر وجيهة لكنّ وجاهتها لم تستوقف «حزب الله»، كما أنّ عناصر وجيهة مماثلة لم تستوقفه حين وتّر علاقات لبنان بدول الخليج.

واقع الحال أنّ ثمّة سبباً أعمق، ولو أنّه أكثر خفاء، يفسّر السلوك الأخير حيال قبرص. وهذا ما يمكن أن نسمّيه نشر منطق ذُعريّ (alarmist) مفاده أنّنا مُستهدَفون بما يجعل القتال قدرنا: فنحن عرضة للأطماع وللغزو أقاتلْنا أم لم نقاتل، وبغضّ النظر عن امتلاكنا الصواريخ أو عدم امتلاكها، وواقعٌ كهذا لا يغيّره تحوّل سياسيّ يحصل عندنا أو في إسرائيل أو في العالم. وبدوره فإنّ التاريخ كلّه، منذ 1948، كان على هذا النحو، وهو هكذا سيبقى إلى يوم القيامة. وتبعاً للمنطق الذعريّ إيّاه يُستبعد كلُّ تحديد لنهاية الصراع، فلا نقول مثلاً: إذا انقضى كذا من الأعوام، أو إذا سقط كذا من القتلى، أو إذا استعيدت البلدات والقرى الفلانيّة، فعندها نُنهي المقاومة. ذاك أنّ النظريّة الذعريّة تجعل التهديد جوهراً من صميم الأشياء، ومن صميم تعريفنا الذاتيّ، جوهراً لا تغيّره أزمنة أو تحوّلات بعينها، بل يستلزم منّا أن نقاتل في هذه الأرض، وفي «ما بعدها» وفي «ما بعد بعدها». فالموت والذعر متشابهان في كونهما يعلنان القطيعة مع الحياة التي يتمسّك بها «الجبناء». أمّا الفارق بين الموت والذعر فإنّنا مُطالبون بالإقرار والتسليم بالأوّل الذي لا يُردّ، ومُطالبون بالقتال، تحت تأثير الحالة الذعريّة، بحيث ندخل في حالة موتيّة دائمة قبل أن نموت.

والحالة الذعريّة، التي عمّمها كلّ من جرّوا بلدانهم وشعوبهم إلى حروب لم ترغب في خوضها، تتطلّب انتزاع الميليشيا المقاتلة «حقّاً» مطلقاً في القتال. فما دام أنّ الذعر دائم ومطلق، أي من الأمور التي لا تندرج في الاستثناء، انتفت صفة الاستثناء عن مواجهته، فهي الأخرى دائمة ومطلقة، بل طريقة موتيّة في الحياة. وبموجب نشر هذا الوعي الذعريّ يغدو مطلوباً، وعلى نحو دائم، توسيع ساحات الصراع وإثراؤها بأعداء جدد. فهذا إنّما يدلّ على حيويّة الصراع نفسه وعلى قابليّته للتمدّد، والحيويّةُ والتمدّد ينهلان من نبع البيولوجيا، وعلى أنّه باقٍ معنا ما بقي في أجسادنا شيء ينبض.

وقبرص مواتية لأن تلعب هذا الدور، ليس فقط لأنّها صغيرة وضعيفة (ما جعل زعيماً أسبق عهداً هو أنطون سعادة يرشّحها، في ثلاثينات القرن الماضي، لأن تكون مدى حيويّاً لأمّته السوريّة المزعومة)، بل أيضاً بسبب نموذجها. ذاك أنّ المراقب لا يتعب من ملاحظة حجم التبايُن بين لبنان في ظلّ «حزب الله» والجزيرة المجاورة، علماً أنّ المسافة الجويّة بينهما لا تتجاوز النصف ساعة. فقبرص، بالمناسبة، لديها أيضاً قضيّة، بالمعنى المتداول لهذه الكلمة: فهي تعيش تقسيم أمرٍ واقع يعود إلى 1974، حيث تقوم «دولة قبرصيّة» أخرى على 37 بالمئة من مساحتها، وهذا ما يعزّزه احتلال تركيّ لذاك الشطر الشماليّ انقضى عليه نصف قرن.

والقبارصة لم يقولوا مرّةً إنّهم تخلّوا عن الجزء المحتلّ، لكنّهم رهنوا أمر تحريره بالسياسة والعلاقات الدوليّة وبانتظار ظروف تكون أشدّ ملاءمة في الجوار وفي العالم. وإذ اختاروا تجنّب الحرب ما وسعَهم ذلك، فإنّهم آثروا، في هذه الغضون، الانصراف إلى أمورهم بتحسين ديمقراطيّتهم وتعميق أوروبيّتهم، تبعاً لافتراض يقول إنّ القوّة لا تُكتَسَب بالسلاح وحده. أمّا العكس تماماً فهو ما يُلاحَظ في التجربة اللبنانيّة، حيث نعوّل على قتال يزيد في عزلتنا وفي ضرب الصدقيّة السياسيّة لبلدنا في المنطقة والعالم، فضلاً عن تقويض كلّ إصلاح والازدراء بكلّ تقدّم ممكن.

وهذا مصدرٌ لوعي إمبراطوريّ يستند إلى الفهم الأحاديّ للقوّة كما يرعاه «حزب الله». وقبل 1975 كان هناك كثيرون من اللبنانيّين الفولكلوريّين الذين يتغنّون بلبنان بوصفه إمبراطوريّة أو معجزة أو رسالة، وكان هؤلاء يثيرون قهقهتنا. أمّا اليوم، فعلينا أن نصدّق، فيما ندفن ضحايانا، أنّنا إمبراطوريّة مدجّجة بالسلاح تتحدّى العالم وتستفزّه، لا تستوقفها حياة ولا خطر، ولا اقتصاد أو صحّة أو تعليم، فكيف تستوقفها جزيرة ضعيفة ذات نموذج كريه يحبّ الحياة؟

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قبرص ونموذجها أمام «الحالة الذعريّة» اللبنانيّة قبرص ونموذجها أمام «الحالة الذعريّة» اللبنانيّة



GMT 22:27 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

تل أبيب ــ دمشق... سقوط الضمانات

GMT 19:37 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وانفقأ دُمّل إدلب

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 11:19 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
المغرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 10:20 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
المغرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 13:49 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الفنانة زينة تكشف عن مفاجأة جديدة في مشوارها الفني
المغرب اليوم - الفنانة زينة تكشف عن مفاجأة جديدة في مشوارها الفني

GMT 16:06 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

منتجات لم يشفع لها الذكاء الاصطناعي في 2024

GMT 08:33 2017 الأربعاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

الطقس و الحالة الجوية في تيفلت

GMT 00:40 2018 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

حطب التدفئة يُسبب كارثة لأستاذين في أزيلال

GMT 05:45 2017 الأحد ,31 كانون الأول / ديسمبر

بنغلاديش تعتزم إعادة 100 ألف مسلم روهينغي إلى ميانمار

GMT 07:34 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

نادال يُنهي 2017 في صدارة تصنيف لاعبي التنس المحترفين
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib