كيف نتجنّب الحرب الأهليّة جواب توماس هوبز
ريال مدريد يدرس ضم أرنولد من ليفربول في يناير القادم تقديم 21 شخصا أمام وكيل الملك بتارودانت على خلفية أحداث شغب مباراة هوارة وأمل تزنيت وزارة الصحة اللبنانية تُعلن سقوط 3365 شهيداً و14344 مصاباً منذ بدء العدوان الإسرائيلي "حزب الله" يجبر طائرتين مسيرتين لقوات الاحتلال الإسرائيلي على مغادرة الأجواء اللبنانية أوكرانيا تعلن مسئوليتها عن اغتيال ضابط روسي في شبه جزيرة القرم جيش الاحتلال الإسرائيلي يقوم ببناء بؤر الاستيطانية وفتح محاور جديدة للبقاء أطول في قطاع غزة إرتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 43,712 أغلبيتهم من الأطفال والنساء منذ بدء عدوان الاحتلال الإسرائيلي فرنسا تستنفر وتمنع العلم الفلسطيني قبل مباراتها مع إسرائيل خشية تكرار أحداث أمستردام حزب الله يُنفذ هجوماً جويًّا بسربٍ من المُسيّرات الانقضاضية على مقر قيادة كتيبة راميم في ثكنة هونين شمال مدينة صفد مقتل مستوطنيين إسرائيليين وإصابة اثنين آخرين جراء سقوط صواريخ لحزب الله في نهاريا
أخر الأخبار

كيف نتجنّب الحرب الأهليّة؟ جواب توماس هوبز

المغرب اليوم -

كيف نتجنّب الحرب الأهليّة جواب توماس هوبز

حازم صاغية
بقلم - حازم صاغية

لئن نزعت تقاليد فكريّة كثيرة إلى تقييم السياسة تبعاً لملاءمتها الحربَ، تفرّدَ التقليد الإنجليزي بربطه السياسة الصالحة بتوفيرها السلام. فالتقليد هذا إنّما أسّسته أصلاً الحرب الأهليّة البيوريتانيّة الكاثوليكيّة، فأتى برأسين وجوابين لكنّهما محكومان بهمّ واحد: كيف نتجنّبها؟
أحد الجوابين قدّمه توماس هوبز. ذاك أنّ النزاع، بمقدّماته وذيوله، استمرّ قرابة عقد، فقتل 200 ألف شخص، في عدادهم الملك تشارلز الأوّل الذي أعدم في 1649، كما ترافقت خواتيمه مع السنوات الأخيرة من حرب الثلاثين عاماً الأوروبيّة (1618 - 1648) التي كانت دينيّة وأهليّة أيضاً.
هوبز، كاره العنف الذي اعتبر الحرب الأهليّة أسوأ الحروب، استنفر كلّ طاقته الذهنيّة لضمان ألاّ تتكرّر أفعال كهذه، وللغرض هذا نشر كتابه «ليفاياثان» في 1651، مستخدماً اسم ذاك الوحش البحري الخرافيّ، متشعّب الأذرع، للدلالة على الحاكم القويّ.
وتلازم «ليفاياثان» أيضاً مع معارك فكريّة خيضت في أوروبا القرن 17، إذ رغم حروبها كانت الحقبة غنيّة بالأفكار تبعاً لما عرفته من انهيار منظومات قديمة وظهور أخرى. أمّا نظريّة «الحقّ المقدّس للملوك» فبدت مما يعرّضه مفكّرو ذاك الزمن للمساءلة.
وهوبز كان وثيق الصلة بصعود العلوم الطبيعيّة في القارّة، فعرف غاليليو وديكارت شخصيّاً وتأثّر بالاثنين، وإن خالف الثاني لاحقاً، ولسنوات عمل سكرتيراً لفرنسيس بايكون، فرُبطت نظريّته السياسيّة الموصوفة بالتعبير عن «مفهوم ميكانيكي للطبيعة» بالتحوّل العلمي ذاك. وهو شارك في مساجلة السكولائيّة (Scholasticism) التي رفعت رايتي أرسطو والمسيحيّة معاً، وهي النزعة التي يعود تأسيسها إلى توما الإكويني في القرن 13.
ولئن لم يقتنع هوبز بنظريّة «الحقّ المقدّس»، فإنّ ما بدأ يُعرف بـ«العقد الاجتماعيّ» بين الحاكم والمحكوم أخافه أيضاً، إذ قد يتسبب مجدّداً بالثورات والفوضى. هكذا حاول، في «ليفاياثان»، تزويج «العقد الاجتماعيّ» ومبدأ الخضوع للسلطة، عائداً بقارئه إلى زمن سمّاه «حالة الطبيعة» التي سبقت وجود حكم وحكّام. فالحياة حينذاك كانت «منعزلة وفقيرة ولعينة ووحشيّة وقصيرة»، إذ الناس، وقد كانوا متروكين على هواهم، انحطّوا إلى تنازع مصدره ضعف الثقة المتبادل بين البشر: ألسنا نرى أنّ من يذهب في رحلة يصطحب بندقيّة، ومن ينام يغلق باب بيته، ومن يملك مقتنيات ثمينة يخبّئها؟
ذاك أنّ الإنسان ذئب الإنسان، إمّا لتنافس ناجم عن طمع، أو لقصور (diffidence) يجعل صاحبه مهووساً بإحراز الأمن، أو بحثاً عن المجد والتغلّب. وهي كلّها تفضي إلى «حرب الكلّ على الكلّ».
فهذا الخوف من الآخر، ومن فوضى حالة الطبيعة، هو ما دفع الأجداد الأوّلين إلى تشكيل الحكومات. وهو عمل شابه «العقد الاجتماعيّ» بسبب تطوّعيّته، لكنّه أيضاً ألزم الناس بسلطة قويّة تُخرجهم وحدها من حالة الطبيعة. لذا كان عليهم التنازل للملك عن كلّ حقّ ما خلا حقّاً واحداً يستحقّ إثارة تذمّرهم، هو أن يهدّدهم بالموت. لكنّ أي إساءة أخرى، كعقوبة السجن أو فرض الضرائب، ينبغي تحمّلها، تجنّباً لـ«الحرب الأبديّة بين كلّ رجل وجاره».
والملك قد لا يكون معصوماً، إذ «الشؤون الإنسانيّة لا بدّ أن تقترن ببعض المنغّصات»، إلاّ أنّ الشعب، والحال هذه، لا يكون بريئاً لأنّه «لو استطاع الرجال أن يسيطروا على أنفسهم لما كانت هناك أي حاجة لقوّة قسريّة عامّة».
إذاً رفع هوبز معادلة «الحماية مقابل الطاعة»، وتحويل الخوف من حالة الطبيعة إلى عقد مع الملك القوي الذي وحده يُخرج الرعيّة منها. ذاك أنّ أهمّ ما في حياة المرء أن لا يخسر المرء حياته، وليس هناك ما يستحقّ الموت لأجله، وبالتالي ما من شيء يستحقّ القتل لأجله. أما السعادة الأكمل، وعلى عكس ما يقول السكولائيّون، فليست متاحة، لأنّ الحياة رغبة دائمة في الاستحواذ لا يوقفها إلاّ الموت.
وضدّاً على رأي أرسطو من أنّ الإنسان بطبيعته حيوان سياسيّ، وأنّه يتّجه طبيعيّاً إلى تشكيل جماعة يزدهر فيها ويتمم إنسانيّته، لم ير هوبز في الطبيعة ذاك السخاء الذي يقودنا إلى جماعة سياسيّة، فإذا شئنا ذلك كان مفتاحنا إليه القتال ضدّ الطبيعة وليس التوافق معها. وضمناً جادل هوبز ضدّ الكتاب المقدّس لاعتباره أنّ الخطيئة هي ما حرم البشر شرطهم المثالي الأمثل، أي الجنّة. فالانطباع المضادّ الذي يخلّفه صاحب «ليفاياثان» أنّنا كنّا بائسين ومتوحّشين في حالتنا الطبيعية بخطيئة أو بدونها.
أمّا النعوت التي يطلقها قاموسه على الحرب الأهليّة فكفيلة بسدّ الأفق كلّيّاً في وجوهنا: فهي حين لا تتواصل عنفاً معلناً، تكون خزّان عنف كامناً وحذراً شديداً متبادلاً يتململان دوماً تحت سطح حياتنا الهادئ، وهي كلّما تراءى أنّها باتت من الماضي عادت لتمثل في قلب الحاضر، عادمة لاحتمالات الحضارة والصناعة والتجارة والعمران والمعرفة والفنّ والأدب.
وتعرّض هوبز لنقد كثير وقاسٍ، فسمّاه البعض داعية للطغيان ومُهيناً للبشر جارحاً لكرامتهم، إن في موقفه المتشائم بطبيعتهم أو في إنكاره توقهم إلى الحرّيّة، فيما قدّمته هنه أرنت ممثّلاً مبكراً للوعين الإمبريالي والتوتاليتاريّ. لكنّ الذين دافعوا عنه رأوا أنّه قطع بنا شوطاً في علمنة السياسة وجعل حياة الأفراد، لا أرواحهم، الهدف الأساسي للحكم والحاكم. وثمّة من رأى أنّه جعل حرّيّاتهم أيضاً هدفاً، لكنّ الحكومة القويّة ظلّت، في عرفه، الضمانة الوحيدة للحرّيّة الفرديّة. وبهذا المعنى كان هوبز، وفق أحد شارحيه، «جَدّاً سرّيّاً لليبراليّة الحديثة، ولو كان جَدّاً كريهاً». كذلك ظهر من يعدّه أحد السبّاقين في اعتبار العدالة والقانون نتاجاً للجهد الإنساني لا لمبادئ طبيعيّة، ومن يمتدح في فكره المناعة التي تحدّ من سذاجة الحداثيين ومن تفاؤل الليبراليين.
وأغلب الظنّ أنّ في كلّ من هذه الآراء شطراً من الحقيقة. لكنْ يبقى في نظريّته، المصاغة بلغة بديعة، شيء منفّر وغير جذّاب، خصوصاً أنّها تقول لقارئها: اخضع، مؤكّدة بعض أبشع ما في البشر ومؤبّدة هذه البشاعة. وهي في الأحوال جميعاً، ورغم قوّة إغرائها في البلدان التي تتحارب أهليّاً، تتركنا أمام سؤال يستمدّ وجاهتَه من براهين كثيرة: ما الذي يضمن ألاّ يكون الليفاياثان نفسه مصدراً للحرب؟

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كيف نتجنّب الحرب الأهليّة جواب توماس هوبز كيف نتجنّب الحرب الأهليّة جواب توماس هوبز



GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

GMT 17:27 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب الثاني

GMT 21:28 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

«هي لأ مش هي»!

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 09:50 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة
المغرب اليوم - فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد
المغرب اليوم - أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد

GMT 07:08 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك
المغرب اليوم - الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 13:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 01:46 2024 الأحد ,27 تشرين الأول / أكتوبر

أخوماش يهزم أملاح بالدوري الإسباني

GMT 00:14 2024 الجمعة ,18 تشرين الأول / أكتوبر

صندوق النقد يتوقع مستقبلا عصيباً للاقتصاد العالمي

GMT 03:11 2024 الجمعة ,18 تشرين الأول / أكتوبر

إنستغرام تطلق تجارب جديدة على ريلز لدعم المبدعين

GMT 06:18 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحمل الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 00:16 2024 السبت ,19 تشرين الأول / أكتوبر

داو جونز يرتفع 36 نقطة ليحقق مكاسب قياسية

GMT 03:05 2024 الجمعة ,18 تشرين الأول / أكتوبر

مايكروسوفت تُعلن لوحة ألعاب للاعبين ذوي الهمم

GMT 10:03 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

المغرب التطواني يتعاقد مع عزيز العامري لقيادة الفريق

GMT 02:56 2024 الجمعة ,18 تشرين الأول / أكتوبر

تستعد شركة شاومي لإصدار النسخة العالمية من هاتف Redmi Note 14 5G

GMT 19:28 2016 الثلاثاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

برج التنين.. قوي وحازم يجيد تأسيس المشاريع

GMT 15:20 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

رشيد العلمي يُفجِّر فضيحة مدوية تطال وزراء سابقين

GMT 23:56 2015 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

علماء "ناسا" يؤكدون وجود نوع من الحياة على كوكب المريخ

GMT 14:50 2013 الثلاثاء ,23 تموز / يوليو

سرير من خشب الجوز المتوهج يحكي تاريخ النحت

GMT 14:42 2022 الإثنين ,12 كانون الأول / ديسمبر

الدولار يرتفع مع استمرار الضغوط التضخمية في أميركا
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib