لكنّها الطائفيّة أليس كذلك
توقف مطار بن غوريون عقب اعتراض صاروخ اطلق من اليمن وفاة مضيف طيران بسبب دخان في مقصورة طائرة سويسرية شركة الطيران الإسرائيلية "العال" تُقرر استمرار تعليق رحلاتها من تل أبيب إلى موسكو حتى نهاية مارس 2025 منظمة الصحة العالمية تُطالب بوقف الهجمات على المستشفيات في قطاع غزة وفاة توأم رضيع فقد حياته جراء البرد القارس الذي يعاني منه النازحون فى غزة قوات الاحتلال الإسرائيلى تعتقل 4 مرضى أثناء نقلهم من المستشفى الإندونيسي إلى مستشفى الشفاء في مدينة غزة الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل أحد جنوده نتيجة حادث في قطاع غزة دبابات إسرائيلية تُحصار مجموعة من المباني الحكومية في في مدينة السلام بالقنيطرة جنوب سوريا مطالبة بإخلائها على الفور ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة إلى 45 ألفاً و541 شهيداً و108 آلاف و338 مصاباً منذ 7 أكتوبر 2023 وزارة الخارجية الفلسطينية تؤكد أن تفاخر دولة الاحتلال الإسرائيلي بتدمير جباليا استخفاف بالشرعية الدولية
أخر الأخبار

لكنّها الطائفيّة... أليس كذلك؟

المغرب اليوم -

لكنّها الطائفيّة أليس كذلك

حازم صاغية
بقلم - حازم صاغية

لم يُسء إلى فهمنا أحوال المشرق وأحوالنا فيه كما أساءت بضع نظريّات متعاقبة، اختلفت في مصادرها الفكريّة واتّفقت في مؤدّاها العمليّ، فيما كانت الطائفيّة (والإثنيّة) ضحيّة تلك النظريّات الأولى. وإنّما بفعل موقع تلك الطائفيّة من حياتنا وعلاقاتنا، أدّى التجهيل بها إلى تعقيد المعالجة وجعل المعاناة معها أخطر وأشدّ تهديداً.

ففي عقود سابقة سادت نظريّةٌ عمّمها الحكّام، وأغلبهم عسكريّون نشأوا على القوميّة العربيّة، من أنّ الطائفيّة شرٌّ أوجده الاستعمار. أمّا نحن فأبناء «شعب واحد» ينتظر لحظة انبلاج وعيه بهويّته القوميّة. ولم يكن المثقّفون القوميّون أشدّ رأفة بالإثنيّة، فنسّب ميشيل عفلق أمازيغ المغرب العربيّ إلى العرب، وكلّما كان الكرد يذكرون كرديّتهم، كان يذكّرهم قوميّ عربيّ بـ»عروبة» جدّهم صلاح الدين، حتّى كادوا يلفّون رُفات جدّهم بورق ملوّن ويُهدونه إلى القوميّين العرب.

لاحقاً، وعلى أيدي مثقّفين أغلبهم يساريّون، تفوّقَ الفشل في فهم الواقع على الفشل في تغييره. هكذا استُصغر الكلام عن الطائفيّة التي ما هي سوى «تمظهُر» لصراعات طبقيّة، أو نتيجة من نتائج دخول مجتمعاتنا السوقَ الرأسماليّة العالميّة، أو خديعة تمارسها البورجوازيّة لتفتيت الجماهير الكادحة. وبجهد مشترك قوميّ – إسلاميّ – يساريّ، شاعت خرافة أخرى تفيد أنّ الطائفيّة افتئات علينا انكبّ المستشرقون على اختراعه.

وبدورهم، كان هناك دائماً «تحديثيّون» يعوّلون على زمن حياديّ ساذج، معتبرين أنّ العلم وتعاقب الأجيال يبدّدان هذه الآفة «البغيضة» ويضعاننا في صدارة عالم «متمدّن» ينتظر قدومنا إليه.

وها نحن اليوم نرى في الطائفيّة شيئاً أكثر وأكبر من كلّ ما أعلنته تلك الترّهات. وهذا ليس لأنّنا طائفيّون «بطبيعتنا»، لكنّ ما جعلنا كذلك أمواجٌ متلاحقة أمسك القديم منها بتلابيب الحديث. وكان آخر الموجات نمطٌ من الأنظمة التي صادرت الفضاء العامّ كلّيّاً، وتأدّى عن فئويّتها الممزوجة بالقهر استنقاعُ الولاءات وتكلّس الأفكار الاجتماعيّة والتصوّراتِ الدينيّة، وفي الآن نفسه ما يشبه المأسَسَة للولاءات تلك. وقد غرف هذا النمط، الذي جعل كلّ سيّء أسوأ، من بحر سابق عليه في الانقسام العصبيّ لم يمهّد لأيّ مجتمع سياسيّ. لكنّنا، مع ذلك، آثرنا أن ننسى أنّ كتب تاريخنا تكاد لا تقدّمنا إلاّ كعرب وعجم ومَوالٍ وأهل ذمّة، وكحارات يهود ونصارى، وجبال علويّين ودروز. ولئن لم تتعرّض تلك الروابط العصبيّة لما يصدّعها، على النحو الذي عرفه النسق الغربيّ، وسّعت الأنظمة الأمنيّة المذكورة أعلاه الفوارق القديمة وكرّستها بدل تضييقها من ضمن مشروع لبناء جماعات وطنيّة.

بلغة أخرى، ليست الطائفيّة قدراً حتميّاً، لكنّها جُعلت شيئاً قريباً من هذا، وآخرُ التجلّيات ما نراه راهناً في سوريّا. فالنظام المتسبِّب بتعظيمها سُوّي بالأرض، إلاّ أنّه تركها قادرة على إنتاج أنظمة ووقائع تبعاً لعديد العلاقات التي أقامها، ولكنْ أيضاً لعديد الضغائن والأحقاد التي أثارها.

والحال أنّ أبناء الثورة السوريّة وبناتها يعبّرون اليوم، مَدفوعين بوطنيّة أخلاقيّة رفيعة وعادلة، عن انتقاداتهم للوضع الجديد وسلطاته. وهؤلاء، كما هو شديد الوضوح، متجرّدون من ولائهم لجماعة طائفيّة أو عرقيّة، منحازون لقيم يُفترض أن تُبنى الدول على قاعدتها. لكنّ أمر الفعاليّة في مواجهة الواقع المنقسم على أساس طائفيّ يبقى مسألة مشكوكاً فيها، سيّما وقد صحّر النظام الساقط الحياة السياسيّة، فيما وجدت نفسَها النُوى الحديثة والتقدّميّة ضعيفة التنظيم، لا تملك الموقع التفاوضيّ القويّ في مواجهة قوى الطوائف. ويُخشى أن تؤول الأوضاع إلى صدام بين حساسيّتين جائرتين ومُحتقنتين، يصعب أن يزحزحهما ويحدّ من ميلهما العدوانيّ أيّ شيء:

حساسيّة أكثريّة المصدر، «تطمئن» الأقلّيّات، وتهجس بسلطان «عادل»، كما تستأثر بالسلطة بذريعة أنّها الطرف الذي أسقط النظام، ثمّ تمضي في بناء نظام «جديد» قوامه الاستبداد والتغلّب. وهي تفعل هذا استناداً إلى مراجع في الحكم لا يُقرّ سواها بشرعيّتها، فيُصار إلى حصر نطاق السلطة في مُوالين يؤمنون بتلك المراجع نفسها، مندفعين، في ولائهم ليقينهم، إلى ممارسة التعذيب والإذلال بحقّ المختلفين، ناهيك عن الخصوم.

وحساسيّة أخرى أقلّية المصدر، أنانيّة وغير معنيّة بأنّ إباديّة النظام الساقط استهدفت الأكثريّة وحدها، وأنّ عليها بالتالي أن تفعل اليوم ما امتنعت عنه بالأمس، فتتضامن مع ضحايا الإبادة وتحضّ على إرساء عدالة غير انتقاميّة وبيئة وطنيّة أشدّ صحّيّة ونقاء، وهذا فضلاً عن رفع الإبادة إلى ركن من أركان البناء الذي تنهض فوقه سوريّا الجديدة.

صحيح أنّ إيران وتركيّا وغيرهما من الدول تملك مخطّطات ومشاريع تتعارض مع سوريّا المستقرّة البديل، لكنّ التركيز على المسألة الطائفيّة والإثنيّة هو مدخل التعاطي مع التحدّيات، بما فيها المخطّطات والمشاريع. ولربّما أمكن، حرصاً على وحدة الوطن وتنظيماً للتعدّد وضبطاً له في قنوات سلميّة، استلهام ما فعله الانتداب الفرنسيّ خلال 1922 – 1924 حين حوّل سوريّا دولة فيدراليّة. فهنا أيضاً لم يخطىء الانتداب كثيراً، أو أنّه، على الأقلّ، أخطأ أقلّ ممّا فعل مقاوموه.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لكنّها الطائفيّة أليس كذلك لكنّها الطائفيّة أليس كذلك



GMT 07:04 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

وزن تأريخ الأردن في التوجيهي 4 علامات.. أيعقل هذا ؟!

GMT 06:58 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

العلويون جزء من التنوّع الثقافي السوري

GMT 06:54 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

سوريا والصراع على الإسلام

GMT 06:44 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

« جورنيكا » الفلسطينية

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 11:30 2024 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

السكوري يلتقي وفداً عن الاتحاد الوطني للشغل في المغرب
المغرب اليوم - السكوري يلتقي وفداً عن الاتحاد الوطني للشغل في المغرب

GMT 11:22 2024 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

المملكة المغربية تتصدّر قائمة منتجي السيارات في إفريقيا
المغرب اليوم - المملكة المغربية تتصدّر قائمة منتجي السيارات في إفريقيا

GMT 02:57 2024 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

هانز فليك يُؤكد أن تركيز برشلونة ينصب على ليغانيس

GMT 02:09 2024 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

رايو فايكانو يحرم ريال مدريد من الصدارة المؤقتة

GMT 03:24 2024 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أتالانتا حقق رقماً قياسياً جديداً للنادي

GMT 08:17 2022 الأحد ,30 كانون الثاني / يناير

صديقة كريستيانو رونالدو توجه تحية شكر للمغاربة

GMT 21:29 2019 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرف على حقيقة وفاة نجمة "العيطة الجبلية" شامة الزاز

GMT 02:42 2018 الثلاثاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

لوسي تُوضِّح أسباب تقديمها الجزء الثاني من "البيت الكبير"

GMT 14:46 2024 الإثنين ,12 شباط / فبراير

أتلتيكو مدريد يعلن غياب موراتا بسبب الإصابة

GMT 11:43 2023 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

4 بلدات عربية على قائمة أفضل القرى السياحية في العالم

GMT 23:50 2023 الثلاثاء ,21 شباط / فبراير

تراجع إجمالي الناتج المحلي الروسي 2.1% عام 2022

GMT 23:20 2023 الإثنين ,20 شباط / فبراير

ارتفاع أسعار النفط مع تحسن الطلب الصيني والهندي

GMT 19:31 2023 الإثنين ,16 كانون الثاني / يناير

تطبيق "تيك توك" يأمل برفع الحظر المفروض عليه في الأردن

GMT 14:02 2023 الثلاثاء ,10 كانون الثاني / يناير

ماركو رويس يؤكد إنه تعافى تماماً من الإصابة في الكاحل
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib