المعرفة بطعم الخبز الساخن
وزارة الصحة في قطاع غزة تُعلن إرتفاع عدد الشهداء منذ العام الماضي إلى 43799 ونحو 103601 مصاباً الخارجية الإيرانية تنفي المزاعم بشأن لقاء إيلون ماسك بممثل إيران في الأمم المتحدة وزارة الصحة اللبنانية تُعلن ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي على البلاد إلى 3452 شهيداً و14.664 مصاباً استشهاد اثنين من قيادات حركة الجهاد الفلسطينية في غارة إسرائيلية على سوريا استشهاد 5 أشخاص في غارة إسرائيلية على مدينة النبطية جنوبي لبنان مئات الإسرائيليين يتظاهرون في تل أبيب احتجاجاً على"تخريب صفقات الأسرى" استقالة وزيرة هولندية من أصول مغربية بسبب "تصريحات عنصرية" صدرت داخل اجتماع لمجلس الوزراء إستشهاد 7 فلسطينيين وإصابة آخرين في قصف إسرائيلي على خيم النازحين بمواصي خان يونس وزارة الصحة اللبنانية تُعلن ارتفاع عدد ضحايا العدوان الإسرائيلى على البلاد إلى 3445 شهيداً و14599 مصاباً استشهاد 3 أشخاص وجرح 9 في الغارة التي شنها جيش الاحتلال الإسرائيلي على منطقة المساكن الشعبية في صور جنوب لبنان
أخر الأخبار

المعرفة بطعم الخبز الساخن

المغرب اليوم -

المعرفة بطعم الخبز الساخن

آمال موسى
بقلم - آمال موسى

لقد أولى الروائيون والفلاسفة والمؤرخون مسألة «اليوميّ»، الذي شكّل بالنسبة إليهم فضاء خصباً للإلهام والتفكير وفكّ شفرات العالم، عناية خاصة، إلا أنّ بناء «اليومي» علمياً يُعدّ عملاً حديثاً باعتبار أنّ الاهتمام بالحياة اليومية سوسيولوجياً هو اهتمام حديث النشـأة انطلق مع جورج زيمل وشكّل محور اهتمام تيارات مختلفة. ربطت فهم العالم والوقائع والظواهر الاجتماعية بالنبش في الحياة اليومية والحفر فيها وملاحظتها.
لذلك فإنه ليس من باب الصدفة أن تركز المعرفة في أوروبا والغرب عموماً على استنطاق الحياة اليومية للأفراد والجماعات والمجتمعات والرهان على إنتاج معرفة نابضة ساخنة تفوح منها رائحة الحاضر والراهن. وفي المقابل نلحظ أن الدارسين والباحثين في بلداننا يديرون ظهورهم لليومي ويترفعون عنه ويخيّر الكثير منهم النبش في الأمس والماضي والتاريخ.
طبعاً تعلّة الباحثين العرب أن إنتاج المعرفة يشترط المسافة بما فيها المسافة الزمنية، حيث إن الكتابة التي لا تلبي شرط المسافة الزمنية مع الموضوع إنما تكون عرضة للانفعالية والذاتية ومن ثم فإن الموضوعية التي تمثل قوام المعرفة والحق تصبح محل شك.
ولكن هذه المقاربة في الحقيقة تم تجاوزها في فضاءات علمية أوروبية وغربية، ذلك أن الحياة اليومية والحاضر في معناه الأوسع يطرح علينا جملة من الأسئلة نحتاج إلى أجوبة عنها ويجب ألا يغيب العلماء عن تقديم هذه الأجوبة وإلا ضعفت الاستفادة وجدوى المعرفة.
ما هو واضح اليوم هو أن مجتمعاتنا لن تتمكن من ضبط البوصلة في النقد والإصلاح إلا بتفكيك الإنسان سلوكاً وعقلاً وهي مسألة يؤدي فيها علم الحياة اليومية دوراً كبيراً ومفصلياً، لذلك فإننا ندعو إلى تحويل الوجهة في المعرفة والعلم والإنسانيات من الماضي إلى الحاضر ولا خوف على المعرفة من باحثين يمتلكون أدواتهم المعرفية ويجيدون استخدامها.
من دون أن ننسى أن تشريح الحياة اليومية وإدخالها إلى غرفة عمليات البحوث سينتج أيضاً حركية وإقبالاً على المعرفة لأن المعرفة التي تتعاطى مع الراهن لها مذاق الخبز الذي أخرجه الخباز للتوّ من الفرن.
وفي الحقيقة، الجدير بالإشارة إليه هو أن الحياة اليومية تعد منجماً لمعرفة السلوك والمواقف والقبض على التمثلات والتصورات، وهو ما يعني أن اليومي هو طريق سانحة وسيارة لمعرفة الذات وسراديبها وتفكيك ما يحيط بالذات العربية من تشظٍّ وتعقيد.
فاليومي هو قِبلة الباحثين حاملي الشغف الحقيقي.
لقد خيّرنا أن نبين أهمية اليومي وما يمثله وعظمته قبل أن نعرف ماهيته، وهي ماهية لا تقل أهمية لأنها توضح أهمية المعرفة التي ستنتج انطلاقاً من الحياة اليومية وأيضاً توضح خصائصها.
تشير الباحثة التونسية تراكي زناد إلى أنّ هنري لوفيفر في مقدمة كتابه «علم نفس اجتماع الحسّ اليومي»، حاول تحديد موضوع المعيش اليومي، ولكن بسبب صعوبة تأمين تعريف جامع مانع يلبي طموحه العلمي، اقتصر على تقديم أمثلة منتقاة من مجال الحياة اليومية ورتابتها. وفسر لوفيفر ذلك بقوله إنّ النصّ الاجتماعي متكوّن من عناصر كثيرة ومتداخلة فيما بينها، إضافةً إلى أنّ اختزاله ضمن عدداً من الرموز يؤدّي إلى إنتاج قراءة مبتورة وساذجة؛ لذلك فإن «اليومي» عصيٌّ على التحديد ومن ثمَّ التعريف.
من جهته، يؤكد إرفينغ غوفمان، الذي يُعدّ من الوجوه الأميركية البارزة التي تهتمّ بالحياة اليومية من منظور الميكرو - سوسيولوجيا، المشروعيّة العلمية للتركيز على الحياة العامة مجالاً عانى من الإهمال والتهميش، موضحاً أنّها حقلٌ ثري لم يُدرّس علمياً بالشكل الكافي وهو الحقل الذي تُولده التفاعلات وجهاً لوجه... في الحياة اليومية؛ ذلك أنّ سوسيولوجيا المعيش التي تتعامل مع الأفراد بوصفهم وحدات، تستند أبحاثها إلى فكرة رئيسة مفادها أنّ التافه والعادي والبسيط هي الوقائع للحياة اليومية التي يلزم أن ينصبّ عليها التحليل لفهم البنية الخفية للواقع.
وتُعدّ مدرسة شيكاغو التي قدمت دراسات حول المدينة والهجرة والانحراف ومشكلات الأقليات من أكثر التقاليد الفكرية اهتماماً بالحياة اليوميّة، التي ارتبطت نشأتها الأولى بالتركيز على مظاهر الحياة اليومية الصاخبة في المدن الأميركية.
فاليومي هو العلاقات التي تكوّنها مجموعة من الأشخاص والأشياء، وهو المسكوت عنه والمخفي والمهمش والمادي والرمزي؛ بل إنّه أقرب ما يكون إلى المسرح واللعب بحكم أنه يلتقي مع المسرح إلى حدّ كبير، ويلتقي مع ألعاب الطفولة بشكل أكبر.
لذلك، فإنّ كل مكوّنات الحياة اليومية أو الحاضر هي مهمّة بلا استثناء، ونقصد بذلك كلّ ما هو رومانسي ووهمي ووجداني وعاطفي وعدواني ومألوف وعجيب، وخيالي أيضاً؛ حيث إنّ اليومي هو أيضاً «مزيج من الواقعي والخيالي تحكمه علاقة جدلية... كما أنّ الخيالي؛ أي ما نسميه التفاصيل يحتلّ مساحة مهمّة في الحياة اليومية الاعتيادية».
هذا المعيش، بوصفه شكلاً من أشكال المعرفة تتم مقاربته بصفته معيشاً حياً لا بصفته فكرة أو مفهوماً، يحدد ميشيل مافزولي مؤسّس مركز دراسة الرّاهن واليوميّ، خصائصه في التناقض الوجداني وتعدّد الدلالات... والتبدلية وانعدام الأهمية... والتكرار. أمّا هنري لوفيفر، صاحب السوسيولوجيا النقدية للحياة اليومية المتأثرة بالماركسية والرافضة لسيطرة الآيديولوجيا البورجوازية، فإنّه يصف اليومي بالعفويّة والغموض.
ومن منطلق هذه التعريفات يمكن أن نستنتج ما يأتي: إنّ الحياة اليومية هي مجال يتساوى فيه الكلي مع الجزئي، والأساسي مع الثانوي، والمادي المحض مع الرمزي. وهي «سراديب» اللعبة الاجتماعية، بما يعنيه ذلك من غموض يصفه مافزولي بـ«الظلمة القاتمة»، وهنا تكمن أهميّة اليومي والمعيش. إنّه مدخل لفهم الظاهرة الاجتماعية ومعرفة مهمة لاستنطاق الأنشطة الاجتماعية، وهي منتشرة في قلب الحاضر بتفاصيله وازدواجيته وفق جدلية متغيرة لعلاقة الواقعي بالفانتازيا.
فهل يبدد الباحثون العرب الظلمة القاتمة للحياة اليومية وينشرون في أرجائها الضوء؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المعرفة بطعم الخبز الساخن المعرفة بطعم الخبز الساخن



GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

GMT 17:27 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب الثاني

GMT 21:28 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

«هي لأ مش هي»!

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 22:16 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

منزل نتنياهو تعرض لسقوط قنبلتين ضوئيتين
المغرب اليوم - منزل نتنياهو تعرض لسقوط قنبلتين ضوئيتين

GMT 18:09 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد فراج يكشف تفاصيل أحدث أعماله الفنية
المغرب اليوم - محمد فراج يكشف تفاصيل أحدث أعماله الفنية

GMT 04:24 2024 الأحد ,20 تشرين الأول / أكتوبر

صندوق النقد يوافق على صرف 1.1 مليار دولار لأوكرانيا

GMT 05:58 2020 السبت ,29 شباط / فبراير

مناخا جيد على الرغم من بعض المعاكسات

GMT 15:25 2019 الثلاثاء ,07 أيار / مايو

عمرو خالد يكشف طرق رؤية الله في كل شيء حولنا

GMT 13:38 2019 الثلاثاء ,05 آذار/ مارس

مقتل راعي أغنام بسبب لدغة أفعى سامة في أزيلال

GMT 01:44 2019 الإثنين ,04 شباط / فبراير

قاصر مغربي يقدم على مغامرة خطيرة للهجرة السرية

GMT 15:14 2019 السبت ,02 شباط / فبراير

تعرفي على أفضل تصاميم الديكورات الزجاجية

GMT 10:42 2019 الأربعاء ,02 كانون الثاني / يناير

جماهير "الوداد" و"الرجاء" تقرر مقاطعة ديربي "الدار البيضاء"

GMT 18:33 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

رحيمي يتلقى عروضًا احترافية من أندية خليجية وتركية

GMT 17:04 2018 الخميس ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة تلغي ديونًا متراكمة في عنق مليون و200 ألف مغربي

GMT 11:59 2018 الإثنين ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

أشرف الخمايسي يهدي "جو العظيم" إلى أحمد خالد توفيق

GMT 23:03 2018 الإثنين ,15 تشرين الأول / أكتوبر

%35 من مبيعات الهواتف الذكية في الهند تمت عبر الإنترنت

GMT 00:06 2018 الخميس ,11 تشرين الأول / أكتوبر

المغربي أشرف حكيمي أفضل ظهير في "الدوريات الكبرى" بأوروبا

GMT 14:01 2018 الجمعة ,21 أيلول / سبتمبر

العثور على عظام بشرية مدفونة داخل جرة في مكناس

GMT 04:29 2018 الثلاثاء ,04 أيلول / سبتمبر

طارق مصطفى يؤكد إعجابه بأندية الدوري المغربي
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib