المدافع الناعم عن المسلمين
وزارة الصحة في قطاع غزة تُعلن إرتفاع عدد الشهداء منذ العام الماضي إلى 43799 ونحو 103601 مصاباً الخارجية الإيرانية تنفي المزاعم بشأن لقاء إيلون ماسك بممثل إيران في الأمم المتحدة وزارة الصحة اللبنانية تُعلن ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي على البلاد إلى 3452 شهيداً و14.664 مصاباً استشهاد اثنين من قيادات حركة الجهاد الفلسطينية في غارة إسرائيلية على سوريا استشهاد 5 أشخاص في غارة إسرائيلية على مدينة النبطية جنوبي لبنان مئات الإسرائيليين يتظاهرون في تل أبيب احتجاجاً على"تخريب صفقات الأسرى" استقالة وزيرة هولندية من أصول مغربية بسبب "تصريحات عنصرية" صدرت داخل اجتماع لمجلس الوزراء إستشهاد 7 فلسطينيين وإصابة آخرين في قصف إسرائيلي على خيم النازحين بمواصي خان يونس وزارة الصحة اللبنانية تُعلن ارتفاع عدد ضحايا العدوان الإسرائيلى على البلاد إلى 3445 شهيداً و14599 مصاباً استشهاد 3 أشخاص وجرح 9 في الغارة التي شنها جيش الاحتلال الإسرائيلي على منطقة المساكن الشعبية في صور جنوب لبنان
أخر الأخبار

المدافع الناعم عن المسلمين

المغرب اليوم -

المدافع الناعم عن المسلمين

د. آمال موسى
د. آمال موسى

فقدَ علم الاجتماع والفكر العربي في الأيام الأخيرة المفكر الكبير التونسي عبد الوهاب بوحديبة، صاحب الكتاب الشهير «الجنسانية في الإسلام»، الصادر منذ أكثر من 40 عاماً، والذي حظي بترجمة لغات عدة، لأهميته وعذوبة المقاربة والكتابة.

ليس الهدف من هذه المقالة تقديم معلومات عن الرجل، وأغلب الظن أن المهتمين بالإسلام وعلم الاجتماع في عالمنا يعرفونه حق المعرفة، فهو من مؤسسي الجامعة في تونس، وتلقى تكويناً مزدوجاً ومنفتحاً، حيث درس في جامعة السوربون الفرنسية الفلسفة وعلم الاجتماع. فنحن في حضرة رجل صاحب مشروع شاسع وعميق، وظل يفكر ويكتب ويتفاعل مع قضايا الأمة العربية والإسلامية ثقافة وحضارة إلى آخر عمره، حيث لم يتوقف عن الكتابة والنشر، فكان كل كتاب يصدر له يمثل حدثاً ثقافياً لا يضاهيه حدث آخر. لذلك، فإن الإلمام بتجربة الرجل وأفكاره ليس بالعمل اليسير، ولا ندعيه مطلقاً في هذه المساحة.

عندما فكرت كيف يمكن أن نصف عبد الوهاب بوحديبة من خلال منشوراته الفكرية، وتحديداً كتبه حول الجنسانية في الإسلام وتجربة الغيرية في المجتمعات الإسلامية، وعن الإنسان في الإسلام، وثقافة العطور في الإسلام، وأيضاً آخر مؤلفاته المعنون بـ«الإسلام انفتاح وتجاوز»... وجدت أن أهم صفة يمكن أن نطلقها على الرجل، هي المدافع العقلاني الناعم عن المسلمين. فعين الرجل نظرت في الجميل في الثقافة الإسلامية، ورغم قوة انتمائه للمرجعية الثقافية الفرنسية فإنه وهو المطلع على التراث العربي وأمهات الكتب لم يسقط في أحابيل الصراعات الفكرية الآيديولوجية، ولم ينهج طريق الدفاع الانفعالي بحكم تحصينه المعرفي الذي أغناه عن أي انزلاق.
لقد صوّر لنا الثقافة الإسلامية بكثير من الثقة بها. تعامل معها بقرب العاشق الذي لا يبخس حق معشوقه في إظهار مناقبه. لذلك، فإن سعة اطلاع الرجل جعلت من مقارباته هادئة ومشغولة بمناطق تنصف الثقافة الإسلامية، وترد على الصور التي تقدم المسلمين أمة عنف ودم ووحشية. فمؤلفاته ردود غير مباشرة، تنقل النقاش والحوار بين الثقافات والحضارات إلى مناخ عقلاني إبداعي معرفي محض، بعيداً عن التوترات والمغالطات واستراتيجيات الدفاع أو الهجوم الأعمى.

كتب بوحديبة حول الجنس في الإسلام، وأظهر أن الإسلام متصالح مع طبيعة الإنسان، وأعطى – أي الإسلام - للجسد مكانة مقدسة، مؤكداً مسألة الطهارة ودلالاتها في الثقافة الإسلامية واحتفاء المسلمين بنظافة الجسد، مشيراً إلى فضاء الحمام في المدينة العربية الإسلامية، من ذلك ما أورده في خصوص مدينة بغداد حيث كان عدد الحمامات 60 ألفاً، أي حمام لكل 50 ساكناً.
وفي السنوات الأخيرة، أطل علينا بكتاب زكي الرائحة، اهتم فيه بثقافة العطور في الإسلام ومنزلة العطر ووظائفه في إذكاء العلاقة بين الجنسين وفي التجميل وفي التطبيب، علاوة على وظيفته الاقتصادية.

كما أولى بوحديبة عناية خاصة جداً بمسألة الغيرية، واللافت أنه قارب هذه الإشكالية من منظور مختلف، نعتقد أنه يستحق التأكيد والإبراز، باعتبار أن قراءة المفكر عميقة، وتقطع مع القراءات السائدة؛ ذلك أن الوعي الإسلامي بالنسبة إلى بوحديبة قطع خطوات إيجابية عبر تاريخه في الاعتراف بالآخر وقبوله والانفتاح عليه، مبرزاً أن التقصير يكمن من جهة الآخر، الذي ظل حبيس النظرة الكونية للثقافات، وقام بإقصاء الذوات الثقافية المتعددة المختلفة.

ولكن هل يعني هذا أن المسلمين لا مشكلة لديهم مع الاختلاف والغير؟

في الإجابة عن هذا السؤال، يأخذنا عالم الاجتماع عبد الوهاب بوحديبة إلى الداخل وإلى الذات العربية المسلمة، وهناك يقدم أطروحته المهمة التي يمكن تلخيصها في كون النظام الثقافي للذات العربية يعاني من مشكلة مع الاختلاف مع الغير القريب منه والمجاوز له، أي مشكلة مع المرأة، ومشكلة مع المختلف في اللون وفي الفكر. بمعنى آخر، هو يحدد لنا بوصلة الإصلاح ومنطقة العطب، المتمثلة في النظام الثقافي الذي هو بحاجة إلى مراجعة ونقد وتربية على التسامح والقبول بالمختلف، والتقليص من هيمنة ثقافة إيثار التماثل على الاختلاف. أي أن الذات العربية في نظر بوحديبة تحتاج إلى التغيير الذي يتطلب بدوره إصلاحاً ديناميكياً للعقل والروح والضمير.

يمكن القول إن أفكار بوحديبة تدفعنا للتغيير وللإصلاح ولكن ليس من منطلق أن ثقافتنا تستحق الهدم والبدء من الصفر حضارياً، بل إنه انشغل كثيراً بإظهار المواطن الإيجابية، وإنصاف هذه الذات من خلال التذكير بالحجة والبرهان بأن الحضارة العربية الإسلامية هي حضارة إبداع وحياة نجحت في التفاعل الجمالي مع الدنيوي وفي الإخلاص للروحيّ.
وفي هذا السياق من الدفاع العقلاني الناعم الذي يلتقط حدائق الثقافة الإسلامية، أقام عالم الاجتماع التونسي العربي عبد الوهاب بوحديبة دعوته إلى شحذ الهمم لاستئناف حياكة ماهية الذات المسلمة وإصلاح بعض مرتكزات نظامها الثقافي الذي تستند إليه في بلورة التصور للعالم كله.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المدافع الناعم عن المسلمين المدافع الناعم عن المسلمين



GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

GMT 21:28 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

«هي لأ مش هي»!

GMT 21:25 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

الفعل السياسي الأكثر إثارة

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 18:09 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد فراج يكشف تفاصيل أحدث أعماله الفنية
المغرب اليوم - محمد فراج يكشف تفاصيل أحدث أعماله الفنية

GMT 04:24 2024 الأحد ,20 تشرين الأول / أكتوبر

صندوق النقد يوافق على صرف 1.1 مليار دولار لأوكرانيا

GMT 05:58 2020 السبت ,29 شباط / فبراير

مناخا جيد على الرغم من بعض المعاكسات

GMT 15:25 2019 الثلاثاء ,07 أيار / مايو

عمرو خالد يكشف طرق رؤية الله في كل شيء حولنا

GMT 13:38 2019 الثلاثاء ,05 آذار/ مارس

مقتل راعي أغنام بسبب لدغة أفعى سامة في أزيلال

GMT 01:44 2019 الإثنين ,04 شباط / فبراير

قاصر مغربي يقدم على مغامرة خطيرة للهجرة السرية

GMT 15:14 2019 السبت ,02 شباط / فبراير

تعرفي على أفضل تصاميم الديكورات الزجاجية

GMT 10:42 2019 الأربعاء ,02 كانون الثاني / يناير

جماهير "الوداد" و"الرجاء" تقرر مقاطعة ديربي "الدار البيضاء"

GMT 18:33 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

رحيمي يتلقى عروضًا احترافية من أندية خليجية وتركية

GMT 17:04 2018 الخميس ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة تلغي ديونًا متراكمة في عنق مليون و200 ألف مغربي

GMT 11:59 2018 الإثنين ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

أشرف الخمايسي يهدي "جو العظيم" إلى أحمد خالد توفيق
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib