المخيال الشعبي العربي والتدخل الأجنبي
وزارة الصحة في قطاع غزة تُعلن إرتفاع عدد الشهداء منذ العام الماضي إلى 43799 ونحو 103601 مصاباً الخارجية الإيرانية تنفي المزاعم بشأن لقاء إيلون ماسك بممثل إيران في الأمم المتحدة وزارة الصحة اللبنانية تُعلن ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي على البلاد إلى 3452 شهيداً و14.664 مصاباً استشهاد اثنين من قيادات حركة الجهاد الفلسطينية في غارة إسرائيلية على سوريا استشهاد 5 أشخاص في غارة إسرائيلية على مدينة النبطية جنوبي لبنان مئات الإسرائيليين يتظاهرون في تل أبيب احتجاجاً على"تخريب صفقات الأسرى" استقالة وزيرة هولندية من أصول مغربية بسبب "تصريحات عنصرية" صدرت داخل اجتماع لمجلس الوزراء إستشهاد 7 فلسطينيين وإصابة آخرين في قصف إسرائيلي على خيم النازحين بمواصي خان يونس وزارة الصحة اللبنانية تُعلن ارتفاع عدد ضحايا العدوان الإسرائيلى على البلاد إلى 3445 شهيداً و14599 مصاباً استشهاد 3 أشخاص وجرح 9 في الغارة التي شنها جيش الاحتلال الإسرائيلي على منطقة المساكن الشعبية في صور جنوب لبنان
أخر الأخبار

المخيال الشعبي العربي والتدخل الأجنبي

المغرب اليوم -

المخيال الشعبي العربي والتدخل الأجنبي

آمال موسى
د. آمال موسى

نلاحظ أن الشعوب التي عرفت الاستعمار في تاريخها لها حساسية خاصة مفرطة من أي موقف من دولة ذات تأثير وقوة. وتمنعها مثل هذه الحساسية من المقاربة العقلانية لمواقفها وفهمها ووضعها في إطارها. لذلك فإن كل ما يصدر عن دولة أجنبية تفهمه آلياً على أنه تدخل ووصاية على سيادتها الوطنية. وتكون هذه الحساسيّة أكثر حدّة في بلدان المغرب العربي التي عرفت الاستعمار الفرنسي في تاريخها، حيث إن الوجدان المغاربي يتميز بما يشبه حالة الفوبيا من أي تدخل، وهو ما نلاحظه بشكل أكثر وضوحاً في المواقف الجزائرية مثلاً، في حين تنخفض حدة هذه الفوبيا في البلدان العربية التي عاشت احتلالاً بريطانياً، وهو ما يفيد بأن طبيعة تجربة الاستعمار وملامحها محدد رئيسي في ضبط كيمياء الحساسيّة والخوف على السيادة الوطنية من أي مساس بها.

ما قادنا إلى هذه الملاحظات التي تحتاج إلى البحث والتعمق، هو مواقف النخب التونسية وتعليقات فئات واسعة من الشعب التونسي في وسائل التواصل الاجتماعي على زيارة وفد الكونغرس الأميركي إلى تونس مؤخراً، وأيضاً البيان الذي أصدره السفراء السبعة في تونس، الذي تضمن دعوة لتجاوز مرحلة التدابير الاستثنائية وتأمين برلمان منتخب والعودة إلى استئناف المسار الديمقراطي. لذلك فإن غالبية الأحزاب ومكونات المجتمع المدني وعلى رأسها الاتحاد العام التونسي للشغل، رفضت الجلوس مع وفد الكونغرس الأميركي وحظيت الأطراف الرافضة بتهليل كبير في وسائل التواصل الاجتماعي وتم توصيف الأطراف التي جلست مع الوفد بنعوت سلبية تشير إلى اتهامات بالمس بالسيادة الوطنية. أما ممثلو حزبي «قلب تونس» و«النهضة» الذين تحدثوا في اجتماع برلمان الاتحاد الأوروبي وعبّروا عن رفضهم لما حصل من تجميد لأعمال البرلمان ومنع البرلمانيين وغيرهم من السفر... هؤلاء شُنت ضدهم حملات قوية وصلت إلى حد الاتهام بمحاولتهم تدويل الأزمة السياسيّة في تونس.

السؤال الذي يعنينا بالأساس استناداً إلى ما أثارته زيارة الوفد الأميركي وبيان سفراء الدول السبعة في تونس هو: كيف نفهم العلاقة بالأجنبي، وما الشعرة بين التدخل والوصاية وبين التفاعل والتشارك مع الدول الصديقة اقتصادياً وسياسياً مع تونس؟

من الأهمية الإشارة في هذا السياق إلى أن الشعوب العربية بشكل عام تعاني من مخلفات تورط جماعات باسم الإسلام في الإرهاب دولياً، إضافةً إلى ضعف الإسهام العلمي للحضارة العربية الإسلامية في المنجز التكنولوجي العلمي الراهن. ذلك أن نظرة الآخر الأجنبي إلينا قد تحكمت في العلاقة وعطّلت اندماجنا في العالم على النحو الذي يجب أن يكون. فهذه العلاقة القائمة على المسافة نفسياً وعلى تاريخ قريب عرف عقوداً من الاستعمار والمقاومة ومعارك التحرير، لم تسمح بالانخراط في فهم عقلاني للعلاقة بالأجنبي؛ إذ ظلت تمثلات التدخل والوصاية طاغية على المخيال الشعبي العربي بشكل عام. وهكذا نفهم لماذا هناك نوع من القبول على مضض لمفاهيم مثل الدولة الصديقة والدولة الشريكة والهبات والاقتراض من الدول ومن البنوك الدولية.

أيضاً نلاحظ أن مفهوم السيادة الوطنية يتميز من حيث الفهم العربي بنوع من القداسة والتصلب ورفض قبول واقع أن هذا المفهوم ليس نفسه مقارنةً بين الأمس واليوم، وأن واقع العلاقات الدولية حالياً القائم على التكتلات الدولية الكبرى سياسياً واقتصادياً والشركات العابرة للدول والقارات، أدى إلى تبلور تغييرات في مفهوم السيادة الوطنية وذلك ليس من ناحية مضمون المفهوم بل في كيفية تحقق السيادة الوطنية وأنها فكرة في تحقق مستمر وفي إثبات مستمر وليست مكسباً ثابتاً لا يتزعزع.

فالأزمة السياسية التي تعرفها تونس منذ 25 يوليو (تموز) الماضي لا تهم تونس فقط، ذلك أن تونس هي دولة مهمة في المغرب العربي وفي دول البحر الأبيض المتوسط وأفريقيا وفي العالم العربي والإسلامي وفي العالم، ومن ثم فإن انشغال البلدان بوضع تونس هو دليل أهمية. من ناحية ثانية فإن تونس ليست وحدها في العالم، فهي تحتاج إلى الدول الأجنبية وهناك من الدول من تحتاج إليها أيضاً. وهنا نلحّ على فكرة الشعور بالأهمية لما يمنحه من ثقة تنتج مقاربة مختلفة لما يسمى التدخل الأجنبي.
وإذا ابتعدنا عن الانفعالية والحساسية التاريخية المتراكمة مع أي مبادرة من الأجنبي، في لحظات الأزمة خاصة، فإننا سنقترب من عقلنة هذا التدخل وتنسيبه ووضعه في سياقه الطبيعي.
فالحرص والدعوات التي أطلقتها الولايات المتحدة والدول السبع الأوروبية إنما هي امتداد طبيعي لمعطيات مهمة؛ أولها أن هذه الدول استثمرت في الديمقراطية التونسية خلال العقد الأخير. كما أن الولايات المتحدة هي الضامنة لتونس في القروض الدولية. أيضاً للدول الأوروبية صاحبة البيان تعاملات اقتصادية واستثمارية في تونس وأسهمت بمساعدات مادية لتأمين الانتقال الديمقراطي. بمعنى آخر فإنه عندما يضمن الأجنبي قدرتنا على سداد الديوان وحين يستثمر الأجنبي في بلداننا، فهو يصبح معنياً باستقرارنا لأنه سيمسه بالفائدة أو الضرر.

إن العلاقات الدولية أمر حتمي في عالم اليوم. والتركيز على ما تنطوي عليه هذه العلاقات من هيمنة من شأنه أن يحجب مزايا التفاعل والتفاوض مع الشركاء والأصدقاء. ولعل المدّ التضامني الذي وجدته تونس في أزمتها الصحية بسبب فيروس «كورونا» أظهر الوجه الإيجابي للتضامن الدولي وبسبب هذا التضامن أصبحت تونس في قائمة أكثر الدول تلقيحاً ضد «كورونا».
إن عقلنة العلاقة بالأجنبي بند أساسي يحتاج إلى جهد توعوي تقوم به النخب السياسية والإعلام مع الانتباه الدائم للشعرة الفاصلة بين التشارك مع الآخر بحكم التشارك والروابط الاقتصادية والمصلحية وبين الوصاية والتبعية. ولعل المؤشر الوحيد الذي يفضح هذه الشعرة هو إلى أي مدى يهدد هذا التدخل المصالح الوطنية لشعوبنا ودولنا.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المخيال الشعبي العربي والتدخل الأجنبي المخيال الشعبي العربي والتدخل الأجنبي



GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

GMT 17:27 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب الثاني

GMT 21:28 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

«هي لأ مش هي»!

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 18:09 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد فراج يكشف تفاصيل أحدث أعماله الفنية
المغرب اليوم - محمد فراج يكشف تفاصيل أحدث أعماله الفنية

GMT 04:24 2024 الأحد ,20 تشرين الأول / أكتوبر

صندوق النقد يوافق على صرف 1.1 مليار دولار لأوكرانيا

GMT 05:58 2020 السبت ,29 شباط / فبراير

مناخا جيد على الرغم من بعض المعاكسات

GMT 15:25 2019 الثلاثاء ,07 أيار / مايو

عمرو خالد يكشف طرق رؤية الله في كل شيء حولنا

GMT 13:38 2019 الثلاثاء ,05 آذار/ مارس

مقتل راعي أغنام بسبب لدغة أفعى سامة في أزيلال

GMT 01:44 2019 الإثنين ,04 شباط / فبراير

قاصر مغربي يقدم على مغامرة خطيرة للهجرة السرية

GMT 15:14 2019 السبت ,02 شباط / فبراير

تعرفي على أفضل تصاميم الديكورات الزجاجية

GMT 10:42 2019 الأربعاء ,02 كانون الثاني / يناير

جماهير "الوداد" و"الرجاء" تقرر مقاطعة ديربي "الدار البيضاء"

GMT 18:33 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

رحيمي يتلقى عروضًا احترافية من أندية خليجية وتركية

GMT 17:04 2018 الخميس ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة تلغي ديونًا متراكمة في عنق مليون و200 ألف مغربي

GMT 11:59 2018 الإثنين ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

أشرف الخمايسي يهدي "جو العظيم" إلى أحمد خالد توفيق
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib