خطاب مدمر للجنسين
وزارة الصحة في قطاع غزة تُعلن إرتفاع عدد الشهداء منذ العام الماضي إلى 43799 ونحو 103601 مصاباً الخارجية الإيرانية تنفي المزاعم بشأن لقاء إيلون ماسك بممثل إيران في الأمم المتحدة وزارة الصحة اللبنانية تُعلن ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي على البلاد إلى 3452 شهيداً و14.664 مصاباً استشهاد اثنين من قيادات حركة الجهاد الفلسطينية في غارة إسرائيلية على سوريا استشهاد 5 أشخاص في غارة إسرائيلية على مدينة النبطية جنوبي لبنان مئات الإسرائيليين يتظاهرون في تل أبيب احتجاجاً على"تخريب صفقات الأسرى" استقالة وزيرة هولندية من أصول مغربية بسبب "تصريحات عنصرية" صدرت داخل اجتماع لمجلس الوزراء إستشهاد 7 فلسطينيين وإصابة آخرين في قصف إسرائيلي على خيم النازحين بمواصي خان يونس وزارة الصحة اللبنانية تُعلن ارتفاع عدد ضحايا العدوان الإسرائيلى على البلاد إلى 3445 شهيداً و14599 مصاباً استشهاد 3 أشخاص وجرح 9 في الغارة التي شنها جيش الاحتلال الإسرائيلي على منطقة المساكن الشعبية في صور جنوب لبنان
أخر الأخبار

خطاب مدمر للجنسين

المغرب اليوم -

خطاب مدمر للجنسين

آمال موسى
د. آمال موسى

إنَّ وجود المشكل في حدّ ذاته ليس مشكلاً. ذلك أنَّ ظهور المشاكل جزء من الحياة اليومية ونتاج طبيعي للعلاقات الاجتماعية ومسارات الفعل الاجتماعي المختلفة والمتصارعة. فالمشكل يكمن حقيقة في كيفية معالجته: طريقة المعالجة هي التي تزيد في طابعه الإشكالي، وهي التي تُحدد تزايده وتفرعه إلى ما لا يُحصى من المشاكل المعقدة والمركبة.

وهكذا فإنَّه يمكن أن ننطلق من نقطة أنَّ التعثر وارتكاب الأخطاء في معالجة أي مشكل هما المشكل بالأساس.

لقد ارتأينا اعتماد هذا المدخل لتناول ظاهرة بدأت تنتشر في الخطاب الإعلامي والثقافي والاجتماعي العربي بشكل عام، ويمكن القول إنَّ تونس رائدة الخطاب الذي سنشير إليه: ينحى هذا الخطاب إلى تثمين نجاحات المرأة والاحتفال إعلامياً بكل مظاهر التفوق التي تحققها سواء في مجال التحصيل الدراسي وتفوقها على الذكور في المناظرات الوطنية أو في الحقول الفكرية والصحية والحقوقية والسياسية.

طبعاً هذه الاحتفالية هي مظهر إيجابي ودليل تقدم اجتماعي في مجال إنصاف المرأة والاعتراف بقدراتها على الفعل والخلق والتميز. كما أنَّها تعكس خطوات نوعية قطعتها الذهنية الاجتماعية في تقليص الهوة الجندرية التمايزية بين الجنسين.

إلى حدود هذه المعاني والرسائل فإنَّ كل شيء على ما يرام ويُثلج الصدر ومطمئن جداً.

بمعنى آخر فإنَّه إلى حد هذه المعاني لا يوجد إشكال. ولكن المشكل يبدأ ويحتدمُ عندما يكون الاحتفاء بنجاحات التلميذات والنساء المتميزات في الطب والعلوم والمتفوقات يقوم على استنقاص قيمة الذكور والدفاع عن فكرة أنَّ المستقبل للمرأة، وأنَّ الرجال فقدوا الريادة في التفوق. أي أنَّنا أمام خطاب يعلي من شأن المرأة على حساب الرجل. ويظهر المرأة في صورة الذي افتك النجاح من الرجل، أي أنَّنا أمام انقلاب وإطاحة المرأة بالرجل وافتكاكها سلطة النجاح والتفوق. بمعنى آخر فنحن أمام إعلاء من شأن المرأة وحط من شأن الرجل. والمشكلة الأكبر أنَّ هذا الخطاب يمارس بقوة في مجال الدراسة وفي صفوف التلاميذ والشباب، أي في مرحلة البناء الرمزي للهوية الجنسية. ومن ثم فإنَّنا فعلاً أمام خطاب مدمر للشباب والشابات من جهة، وللعلاقة بينهما مستقبلاً من جهة أخرى. أيضاً يمكن توصيف هذا الخطاب بأنَّه انتقامي يسعى إلى استبدال هيمنة ذكورية بهيمنة أنثوية من دون التفطن إلى أن المشكل في الهيمنة وليس في الجنس، وهو ما يعني أنَّ الانتقال من هيمنة إلى أخرى يحمل الضرر نفسه، ويمثل توليداً لمشكل وليس معالجة لظاهرة تاريخية جعلت من الذكور يهيمنون على الفعل الاجتماعي، ويقسمون الأدوار الاجتماعية تقسيماً تمايزياً على أساس النوع الاجتماعي.

إنَّ تبني هذا المسار المضاد للمسار الذكوري تاريخياً واعتماد خطاب ينمُّ عن نزعة تستبدل تفضيل جنس على آخر لا ينتج علاقات بين الجنسين صحية وسليمة، ولا يعكس جهداً علاجياً بقدر ما يمثل زرعاً للفخاخ والتوترات.

لذلك فإنَّ خطاب التثمين الانتقامي لنجاحات المرأة في مجتمعاتنا هو خطاب مضر بالمرأة وبالرجل في الوقت نفسه، ولا يندرج ضمن النقد الثقافي للتنشئة الاجتماعية ويفتقد إلى الوعي بأساسيات الحياة والوجود، وهو محاولة الوصول إلى بناء رمزي يوفر للجنسين معاً الإنصاف والسعادة من دون اعتداء على الطبيعة ومع نقد يهدف إلى تقويم اعوجاج للثقافة.
فما هو الحل إذن؟ كيف لا نقع في الهيمنة الأنثوية من دون أن نحرم الإناث الاحتفال بتفوقهن؟

إنَّ الحل سهل جداً: الانتقال من الهوس بالهوية الجنسية للفاعل الاجتماعي إلى تثمين القيم والسلوك والأفعال. فالخطاب الاجتماعي الصحي هو الذي يثمن أفكار النجاح والعمل، وبذل الجهد ونبذ الكسل والطموح ورفع التحدي والتفوق والتميز والتفرد. هكذا يتمُّ تجاوز الخطاب المغرق في الجندرية المنحازة والمعتلة إلى خطاب يحتفل بالأفكار الإيجابية. وهو في الحقيقة الخطاب الذي يستند إليه فكر المواطنة وفكر الأنسنة، حيث تجاوز كل التمايزات الاجتماعية على أساس الجنس.

تحتاج مجتمعاتنا العربية والإسلامية التي تعرف لحظة حضارية صعبة وحرجة إلى ذكاء الجنسين وإبداع الجنسين وعلاقات اجتماعية صحية سليمة بين الجنسين، وهي علاقات أساس البناء الأسري وأساس بناء مجتمع بأقل ما يمكن من عنف وتوتر وجريمة.

لذلك فإنَّ معالجة الثقافة الذكورية في مجتمعاتنا تكون بمحو المعيار الجنسي واستبداله بمعايير الإنجاز والفعل والتعامل مع الإنسان من دون النوع الاجتماعي، وهو ما يجعل من نجاحات المرأة نجاحات للجنسين وللمجتمع وللإنسانية.

إنَّ الاعتراف بقدرات المرأة هو اعتراف بقدرات الرجل أيضاً، لأنَّ المرأة أو الرجل هما كقدرات وعطاء نتاج البيئة الاجتماعية التي هي بدورها وليدة إنجازات الجنسين على امتداد الأجيال. وللتخلص من أوحال الخطاب الذي يعتمد الانحياز الجندري أساساً، فإنَّه لا حلَّ غير الاحتفال بالقيم الخلاقة والكاشفة عن تميز الكائن الإنساني.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خطاب مدمر للجنسين خطاب مدمر للجنسين



GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

GMT 21:28 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

«هي لأ مش هي»!

GMT 21:25 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

الفعل السياسي الأكثر إثارة

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 11:11 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

نظام غذائي يُساعد في تحسين صحة الدماغ والوظائف الإدراكية
المغرب اليوم - نظام غذائي يُساعد في تحسين صحة الدماغ والوظائف الإدراكية

GMT 18:09 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد فراج يكشف تفاصيل أحدث أعماله الفنية
المغرب اليوم - محمد فراج يكشف تفاصيل أحدث أعماله الفنية
المغرب اليوم - الاتحاد الأوروبي يُغرم شركة ميتا الأميركية بـ800 مليون دولار

GMT 16:47 2022 الجمعة ,14 كانون الثاني / يناير

حزب التجمع الوطني للأحرار" يعقد 15 مؤتمرا إقليميا بـ7 جهات

GMT 23:38 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

3 أهداف وانتصاران لحمدالله أمام النصر

GMT 23:35 2024 السبت ,19 تشرين الأول / أكتوبر

سعر صرف الدرهم يتحسن مقابل الأورو وينخفض أمام الدولار

GMT 04:03 2024 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

اتحاد طنجة يفوز على أولمبيك آسفي

GMT 18:23 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 18:55 2017 السبت ,16 كانون الأول / ديسمبر

محمد صلاح يتنافس بقوة مع هازارد على مكان في الريال

GMT 23:33 2016 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

تأخير قطع الحبل السري مفيد للمولود

GMT 01:55 2014 الخميس ,01 أيار / مايو

"الفريكة" و"البرغل" تراث موسمي لفلاحي غزة

GMT 00:18 2020 الأربعاء ,03 حزيران / يونيو

قصص لينكدإن تصل للمستخدمين في الإمارات
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib