السودان نهاية الصحوة والأفكار الملغومة
دونالد ترامب يفضل السماح لتطبيق تيك توك بمواصلة العمل في الولايات المتحدة لفترة قصيرة على الأقل شركة طيران أمريكية تجبر أحد الركاب على ترك مقعده في الدرجة الأولى لصالح كلب مرافق مقتل 10 ركاب وإصابة 12 في تحطم طائرة في البرازيل مطار دمشق الدولي يُعلن تمديد تعليق الرحلات الجوية حتى الأول من يناير 2025 الحوثيون يؤكدون إفشال هجوم أميركي بريطاني على اليمن باستهداف حاملة الطائرات "يو إس إس هاري إس ترومان" إسرائيل تنفي مغادرة أي وفد لمفاوضات وقف إطلاق النار في غزة إلى القاهرة 10 جنود إيرانيين شباب لقوا حتفهم في حادث سقوط حافلة في واد غرب إيران سقوط نحو 300 قتيل في اشتباكات عنيفة بين قوات سورية الديمقراطية وفصائل مسلحة مدعومة من تركيا في محيط سد تشرين وزارة الصحة في غزة تكشف أن عدد ضحايا عدوان الاحتلال الإسرائيلي على القطاع ارتفع إلى 45,259 شهيداً و107,627 مصاباً من 7 أكتوبر 2023 تسجيل 76 حالة وفاة و768 إصابة جراء إعصار شيدو الذي ضرب مقاطعات "كابو" و"ديلغادو" و"نابولا" و"نياسا" في شمال موزمبيق
أخر الأخبار

السودان: نهاية الصحوة والأفكار الملغومة

المغرب اليوم -

السودان نهاية الصحوة والأفكار الملغومة

عبدالله بن بجاد العتيبي
بقلم : عبدالله بن بجاد العتيبي

السودان يتقلب على جمر الفوضى وخطر الحرب الأهلية، والفوضى عنوان عريض لما يجري هناك، وكثير من الدول والمراقبين والمحللين لا يمتلكون رؤية واضحة لما جرى ويجري، وهذا الغموض يشير لاحتمالية حدوث شيء ما في الخفاء، ولا أحد يريد الحديث عنه، أو لا يمتلك معلومات دقيقة تجاهه.
من التعامي عن الحقائق والانسياق خلف الأوهام أن يصمت الكثيرون عن الإرث الأصولي الثقيل في السودان، فالسودان بلدٌ له قصة طويلة مع الأصولية والإسلام السياسي، فمنذ منتصف الثلاثينات الميلادية تقريباً فكر مؤسس جماعة الإخوان المسلمين حسن البنا في إنشاء فروع خارجية للجماعة خارج مصر، وفي الأربعينات تم إنشاء قسم الاتصال بالعالم الخارجي، أو مكتب الاتصال بالعالم الإسلامي الذي تطور لاحقاً لما بات يعرف بـ«التنظيم الدولي».
أحد أشهر العاملين في ذلك القسم كان يوسف القرضاوي الذي قال في كتابه «ابن القرية والكتاب» شارحاً لعمل هذا القسم: «وكنت أعمل في قسم الاتصال بالعالم الإسلامي، وهو قسم أنشأه الإخوان ليهتم بقضايا العالم الإسلامي مشرقه ومغربه، ويجمع معلوماتٍ عنها، ويتصل بالجهات المؤثرة فيها»، وفي نهاية الأربعينات بدأت طلائع الطلاب المتأثرين بجماعة الإخوان المسلمين تصل إلى السودان.
في الخمسينات تطور هذا الحضور «الإخواني»، وأصبح حضوراً منظماً تحت مسميات مختلفة ورموز متعددة، وصولاً إلى لحظة الانقلاب الإخواني العسكري الذي قاده عمر البشير وحسن الترابي، فحكمت الحركة الأصولية السودان وتغلغلت في كل مناحي الحياة فيه، سياسياً واقتصادياً وعسكرياً، وبنيت أجيالاً سودانية على أفكار أصولية إخوانية، حيث سيطروا على التربية والتعليم، وخرجوا في كل المجالات أجيالاً متعاقبة على مدى 3 عقود كاملة.
في 2018، أسقط الحكم الأصولي في السودان بانقلاب عسكري قاده البرهان من الجيش وحميدتي من الدعم السريع، وأودع عمر البشير السجن ومعه بعض القيادات، وقيل إن «الحركة الأصولية» و«الإسلام السياسي» قد انتهى في السودان، وبدأت البلاد مرحلة جديدة.
لا يسعف منطق التاريخ، ولا تساعد طبيعة البشر والمجتمعات، في بناء أي توجهٍ فكريٍ مقنعٍ بأن الحركات الآيديولوجية المنظمة يمكن أن تتبخر بين عشية وضحاها، أو أن انهيار نظام سياسي يلغي ثلاثين عاماً من عمله الفكري والآيديولوجي في مؤسسات الدولة والمجتمع، المدنية والعسكرية، بل على العكس من ذلك، فكل العلوم الحديثة تؤكد أن الأفكار لا تموت سريعاً، ولا تنقرض بسبب انقلابٍ عسكري.
«نهاية الصحوة» أو نهاية «الإسلام السياسي» حركاتٍ وتنظيماتٍ، خطابٍ ومبادئ وآيديولوجيات، هي أطروحةٌ فكرية وسياسية متداولة لدى البعض في العالم العربي لأسباب متعددةٍ، ولكنها أطروحةٌ مهترئةٌ لا تثبت لأي معيارٍ علميٍ أو مقياسٍ واقعيٍ، فهي أقرب إلى اللغو منها إلى العلم، وانتشارها يتفق مع انتشار ما سماه كاتب هذه السطور قبل سنواتٍ بـ«التفاهة الممنهجة».
ما يجري في السودان اليوم دليل على أن بعض الأفكار الخطرة قد تكون ملغومة وقد تكون قاتلة؛ ملغومةً لأنها تنتظر اللحظة المناسبة لتنفجر، وقاتلة لأنها قادرةٌ على خلق الفوضى وإحياء العنف وضرب الجهات المسلحة ببعضها البعض، وبحكم آيديولوجيتهم وتاريخهم، فإن عناصر الإسلام السياسي لا يقيمون وزناً لحياة البشر ولا لحرمة الدماء، بل يعتقدون أن صناعة الفوضى والثورات الدموية والانقلابات المسلحة جزء من الجهاد في سبيل الله.
قيل للسودانيين ما يقال لغيرهم من قبل ومن بعد، من أن الصحوة انتهت و«الإسلام السياسي» جماعات وأحزاباً وتيارات قد لفظ أنفاسه الأخيرة وانتهى إلى الأبد، وصدقهم بعض السودانيين لا كلهم، ويدفع السودان اليوم ثمن تصديق مثل هذه «الأفكار الملغومة».
قيل لهم - أيضاً - إن تنظير جماعات الإسلام السياسي ومبادئهم ومفاهيمهم وتنظيماتهم المستمرة منذ ثمانين عاماً قد تبخرت وتلاشت، وقيل لهم إن الحركة الإسلامية القديمة في السودان والحاكمة منذ ثلاثين عاماً قد انقرضت وأصبحت أثراً بعد عين، وصدقهم البعض لا الكل في غفلة عن قوانين التاريخ ونواميس الاجتماع البشري.
قيل لهم إن من يشكك في «نهاية الصحوة» و«جماعات الإسلام السياسي» إنما هو «مأزوم» و«متحامل» و«شكاك»، وكل الأدلة التي يسردها فكرياً وفلسفياً، واقعياً وتاريخياً، لا قيمة لها وهي تنظير فارغ لا يسمن ولا يغني من جوع. وصدقهم البعض لا الكل للأسف الشديد، ويا حسرة على العقول في زمن التفاهة الممنهجة.
إن «الصحوة» ذات قرون، وليست نطحةً أو نطحتين كما جاء في الأثر، والتقليل منها ومن آثارها يخلف مثل هذا الموت والقتل والدماء، ويخلق مثل هذه الفوضى والحرب الأهلية، والسعيد من وعظ بغيره وتيقظ ليومه ومستقبله.
الظواهر البشرية لا يمكن تفسيرها بعاملٍ وحيدٍ، والتركيز على «الجانب الأصولي» مما يجري في السودان إنما هو لإبراز «المسكوت عنه»، وإعادته لمعادلات المشهد المعقد؛ لأن الجميع يبدو متفقاً على اطّراحه جانباً، مع التذكير بأن الدول التي استثمرت في «الربيع الأصولي» الذي كان يسمى زوراً «الربيع العربي» قبل عقدٍ من الزمن إقليمياً ودولياً، ما زالت موجودة وفاعلة وقوية، وتمتلك الكثير من الأدوات السياسية والآيديولوجية والمالية والإعلامية، ومن استثمر عقوداً في جماعاتٍ وأحزابٍ ورموزٍ سياسيةٍ لا يعقل أن يتخلَّى عن استثماراته ونفوذه وقوته ومصالحه من دون مقاومة، والعهد قريب والذاكرة حية.
في زمن «التفاهة الممنهجة» يصبح نقد الأفكار والتوجهات مجرد موضةٍ فكرية،ٍ وطفرةً سوشلية يحسب المشاركون فيها أن الأفكار والمبادئ والجماعات والأحزاب والآيديولوجيات والعقائد يمكن أن تنتهي بتغريدة أو منشورٍ أو مقطع فيديو، وأن «الهاشتاق» أو «الترند» اليومي السريع يمكن أن يقضي على «تربية المحاضن»، و«تجنيد الأجيال» و«بناء الأدمغة» الذي استمر لعقودٍ من الزمن، ومن يفكر بهذه الطريقة حريٌ بالهزيمة النكراء؛ لتجاهله العلوم المتكاثرة وطبائع البشر المستقرة وخطورة الأفكار.
خلْق الفوضى داخل السودان وبين القوات العسكرية فيه يفتح المجال للتدخلات الخارجية، إقليمياً ودولياً، والدول تبعٌ لمصالحها حيث لا عواطف ولا مشاعر آنيةٍ، وإنما مصالح دائمة، ومن الطبيعي أن تعمل كل دولةٍ وفق رؤيتها ومصالحها وعلاقاتها المستقبلية مع بلدٍ بحجم السودان ومنطقة بحجم شرق أفريقيا.
أخيراً، فالقارئ الحصيف يحسن ربط الجدالات الفكرية بالأحداث الواقعية، وقوة الفكر والتحليل تمتحن حين تسخن الأحداث وتتعقد المشاهد، ويبقى الأمل في أن يخرج السودان من أزمته.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

السودان نهاية الصحوة والأفكار الملغومة السودان نهاية الصحوة والأفكار الملغومة



GMT 22:27 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

تل أبيب ــ دمشق... سقوط الضمانات

GMT 19:37 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وانفقأ دُمّل إدلب

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 11:19 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
المغرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 10:20 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
المغرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 09:56 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

المغرب تصنع أول دواء من القنب الهندي لعلاج الصرع
المغرب اليوم - المغرب تصنع أول دواء من القنب الهندي لعلاج الصرع

GMT 13:38 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

نيللي كريم تجتمع مع روبي وكندة علوش في "جاني في المنام"
المغرب اليوم - نيللي كريم تجتمع مع روبي وكندة علوش في

GMT 18:10 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 09:12 2024 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

لاعبو منتخب "الأسود" يؤكدوا ثقتهم في الركراكي

GMT 08:54 2023 الأربعاء ,06 كانون الأول / ديسمبر

العام الحالي 2023 الأكثر حرّاً في التاريخ المسجّل

GMT 16:07 2023 الثلاثاء ,10 تشرين الأول / أكتوبر

علماء الآثار يزعمون اكتشاف "خريطة كنز عملاقة"

GMT 05:19 2018 الخميس ,11 تشرين الأول / أكتوبر

زينّي حديقة منزلك بـ"فانوس الإضاءة الرومانسي"

GMT 09:00 2018 الثلاثاء ,12 حزيران / يونيو

" ديور " تطرح ساعات مرصعة بالألماس

GMT 18:37 2016 الأحد ,03 إبريل / نيسان

شيرى عادل فى كواليس تصوير "بنات سوبر مان"

GMT 02:51 2017 الجمعة ,27 تشرين الأول / أكتوبر

شيرين سعيدة بنجاح "سابع جار" ودورها في "عائلة زيزو"

GMT 08:44 2016 الثلاثاء ,27 أيلول / سبتمبر

لائحة مغربيات لمعت أسماؤهن في سماء الموضة العالمية

GMT 10:55 2016 الخميس ,21 تموز / يوليو

ماريو غوتزه ينضم إلى بروسيا دورتموند رسمياً
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib