الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة
أكرم الروماني مدرب مؤقت لفريق المغرب الفاسي كمدرب مؤقت خلفاً للمدرب المقال الإيطالي غولييرمو أرينا منع تام لحضور جمهور الرجاء الرياضي إلى الملعب البلدي ببركان وليس التنقل الجماعي فقط إيران تعلن استئناف المباحثات النووية مع القوى الأوروبية في يناير 2025 جيش الاحتلال الإسرائيلي يُعلن مقتـل 3 عسكريين بينهم ضابط في المعارك التي تجري مع فصائل المقاومة الفلسطينية شمال قطاع غزة قصر الإليزيه يُعلن تشكيل الحكومة الفرنسية الجديدة بقيادة فرانسوا بايرو التقرير الإحصائي اليومي لعدد الشهداء والجرحى الفلسطينيين جراء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة لليوم الـ444 جيش الاحتلال الإسرائيلي يعلن اغتيال رئيس مُديرية الأمن العام التابع لحركة حماس السلطات تمنع تنقل جماهير الجيش الملكي إلى تطوان تعيين مدرب نيجيري لتدريب الدفاع الحسني الجديدي لكرة الطائرة دونالد ترامب يفضل السماح لتطبيق تيك توك بمواصلة العمل في الولايات المتحدة لفترة قصيرة على الأقل
أخر الأخبار

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

المغرب اليوم -

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

عبدالله بن بجاد العتيبي
بقلم - عبدالله بن بجاد العتيبي

 

 

التحديث التقني أو الإداري لا يعنِي التَّقدمَ الحضاريَّ، هذه حقيقةٌ من السهل الوصول إليها عبر تأمل الواقع المعيش، لا أقلّ ولا أكثر، ففي عالمنا اليوم دولٌ متعددةٌ ومجتمعاتٌ متباينة تمتلك كل المنتجات الحديثة، من وسائل وأدوات ومخترعاتٍ ماديةٍ وغير ماديةٍ، ففي كل منزلٍ جهاز تلفاز، يستقبل قنوات العالم عبر الأقمار الاصطناعية، وبداخله منصات متعددة للبرامج والدراما، وفي كل يدٍ هاتفٌ جوال متصل بالإنترنت، ومواقع التواصل الاجتماعي، وعشرات المنتجات والمخترعات الحديثة، والحديثة جداً، فهل هذه تعني الحضارة؟

بالتأكيد لا، لأنَّ وجودها في كل منزلٍ، ولدى كل شخصٍ، دليلٌ على نمطٍ استهلاكي عالٍ، ومنتجاتٍ تلبي الطلب حسب الملاءة المالية لكل فردٍ، ويصح هذا في تطور الفكر الإداري لأي مؤسسةٍ عامةٍ أم خاصةٍ، فثمة شركاتٌ ناجحةٌ نجاحاً مبهراً خرجت من رحم مجتمعات لا تنتمي للعالم الأول حضارياً، والأمثلة كثيرة، فما الذي يصنع الحضارة؟ وكيف يمكن الحكم على مجتمعٍ أو دولة ما بأنَّه متحضرٌ، أو أنَّها متقدمة؟

مع الاعتراف بحجم ضخامة السؤال، إلا أن تلمّس الإجابة عنه ممكن، أقله في الخطوط العريضة والزوايا البارزة للنظر، والإجابة تكمن في العلم والمعرفة، وفي الفكر والفلسفة، وما يتفرع عنها وهو كثيرٌ، فالعلوم لا تُحصى تشعباً وتوسعاً وتنظيراً، وهي تعتمد على اكتشاف الحقائق والبناء عليها، واكتشاف المجهول من المعلوم، والخلوص من المقدمات إلى النتائج، وتحويل التجربة إلى خبرةٍ، ونشر المعرفة عبر التعليم والمهارات عبر التدريب، وهكذا في تفاصيل لا تنتهي.

أمَّا في الفكر والفلسفة فالمجال أرحب وأوسع، وأكثر إثارةً للجدل، وتدخل فيه أنواعٌ من العلوم الحديثة، مثل العلوم الإنسانية كالأنثروبولوجيا، والعلوم الاجتماعية كعلم الاجتماع وعلم النفس وغير ذلك من العلوم، أمَّا الفلسفات الكبرى ومدارسها القديمة والحديثة فهي مجالٌ مفتوحٌ دائماً على التطور ما دام البشر يتطورون، وبقدر ما تكون المجتمعات منفتحةً على العلم والفلسفة وطرح الأسئلة المستحقة والتفتيش عن الإجابات المقنعة، تنال نصيبها من الحضارة والتقدم.

مَن يعتقد، من فردٍ أو مجتمعٍ أو دولةٍ، أن الحضارة مجرد منتجاتٍ ماديةٍ يمكن اقتناؤها فهو قابعٌ في ظلام الجهل، وغارقٌ في وهاد التخلف مهما امتلك منها، ومن يحسب أن الأساليب الإدارية وحدها قادرةٌ على الرقي بالمجتمعات والدول دون فلسفةٍ وفكرٍ وتنظيرٍ فإنما يرسم طريقاً منظماً للجهل والتقهقر الحضاري، وإنما بالعلم والفلسفة تبنى الحضارات.

مَن يقرأ التاريخ يعلم جيداً أن انتقال الحضارات من ثقافة إلى ثقافةٍ، ومن أمةٍ إلى أخرى، لا يسير سيراً حثيثاً، بل يأخذ وقته قروناً من الزمن، والحضارة الحديثة اليوم خير مثالٍ، فهي إنما أصبحت كذلك في أوروبا والغرب، لأنها اكتنزت معارف وفلسفات الحضارات السابقة، وكانت لها في التاريخ مسيرةٌ ممتدةٌ على مدى ثلاثة قرونٍ، من عصر النهضة إلى عصر الأنوار، إلى العصر الحديث.

يخلد التاريخ أفراداً امتلكوا العلم والفكر حسب لحظاتهم التاريخية التي يعيشونها، ففي أوج الحضارة العربية أو الإسلامية كانت الأسماء كثيرةً، مثل ابن سينا والبيروني في المشرق وعشرات غيرهما، وحين بدأت هذه الحضارة الأفول كان ابن رشد في المغرب ينشر العلم والفكر، اللذين رفضهما مجتمعه وتلقاهما تلاميذه في حضارة أخرى كانت في بداية تشكلها في أوروبا.

كان تلاميذ ابن رشد يأتون لتلقّي العلم والفكر في الأندلس من ممالك أوروبا، ومن علية القوم فيها، وقد حملوا علمهم وفكرهم لتلك البلدان، وواجهوا رفضاً قوياً داخل مجتمعاتهم، وبالذات من الكنيسة التي كانت تمثل الفكر الديني، ولم تنِ الكنيسة في حربها لهم، ولكن العلم قويٌ بنفسه، والفكر يفرض شروطه على المجتمعات المقبلة على النهوض الحضاري، وانتصر العلم هناك، وهزمت الكنيسة عبر رموزٍ للعلم الديني والفلسفي، وعبر ملوكٍ وفَّروا الحماية لهؤلاء العلماء والمفكرين، حتى استوت هذه الحضارة على سوقها، وما زالت حتى اليوم تقود العالم.

الفرد لا يستطيع منافسة المؤسسة لأنَّها أقوى منه ما لم تدعمه مؤسسة أخرى أو أقوى، ولولا الأمير فريدريك الثالث لما استطاع مارتن لوثر ترجمة الإنجيل من اللغة اللاتينية إلى الألمانية الدارجة في وقته، ولكن حماية الأمير له مكَّنت فكره من الانتشار، ومواجهة المؤسسة الكنسية المتسلطة، والأمثلة كثيرةٌ.

أخيراً، فالذي يلاحق تطورات الأحداث اليومية سياسياً واجتماعياً وإعلامياً دون تأسيسٍ علميٍ وفلسفيٍ يصبح فريسة سهلة لـ«التفاهة الممنهجة».

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة



GMT 22:27 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

تل أبيب ــ دمشق... سقوط الضمانات

GMT 19:37 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وانفقأ دُمّل إدلب

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

عمان - المغرب اليوم

GMT 15:56 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الوجهات السياحية المفضلة للشباب خلال عام 2024
المغرب اليوم - الوجهات السياحية المفضلة للشباب خلال عام 2024

GMT 03:18 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أحمد السقا يكشف موقفه من تمثيل ابنته ومفاجأة عن ولاد رزق
المغرب اليوم - أحمد السقا يكشف موقفه من تمثيل ابنته ومفاجأة عن ولاد رزق

GMT 17:41 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

لا تتردّد في التعبير عن رأيك الصريح مهما يكن الثمن

GMT 08:33 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحوت الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 16:23 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 18:27 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ميداليتان للجزائر في الدورة المفتوحة للجيدو في دكار

GMT 17:40 2019 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

نجم ليفربول يشعل مواقع التواصل بمبادرة "غريزية" غير مسبوقة

GMT 14:14 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

متزوجة تعتدي على فتاة في مراكش بسبب سائح خليجي

GMT 10:41 2018 الجمعة ,26 كانون الثاني / يناير

عروض فرقة الفلامنكو الأندلسية على مسرح دونيم الفرنسي

GMT 16:22 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

جدول أعمال مجلس الحكومة المغربية في 25 كانون الثاني

GMT 16:46 2018 الجمعة ,05 كانون الثاني / يناير

سقوط بالون طائر يحمل عددًا من السائحين في الأقصر

GMT 00:22 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

نيرمين الفقي تكشف سبب مشاركتها في مسلسل "أبوالعروسة"

GMT 02:12 2017 الثلاثاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

سعر الدرهم المغربي مقابل الدولار الأميركي الثلاثاء

GMT 21:04 2017 الجمعة ,08 كانون الأول / ديسمبر

أولمبيك خريبكة يستعيد نغمة الانتصارات ويؤزم وضعية تطوان

GMT 13:54 2015 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

بيتزا بيتي محشية الأطراف

GMT 19:50 2015 الأربعاء ,04 آذار/ مارس

10 أشياء غريبة يحبها الرجل في المرأة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib