مع الرميحي الخطابات المتوازية
دونالد ترامب يفضل السماح لتطبيق تيك توك بمواصلة العمل في الولايات المتحدة لفترة قصيرة على الأقل شركة طيران أمريكية تجبر أحد الركاب على ترك مقعده في الدرجة الأولى لصالح كلب مرافق مقتل 10 ركاب وإصابة 12 في تحطم طائرة في البرازيل مطار دمشق الدولي يُعلن تمديد تعليق الرحلات الجوية حتى الأول من يناير 2025 الحوثيون يؤكدون إفشال هجوم أميركي بريطاني على اليمن باستهداف حاملة الطائرات "يو إس إس هاري إس ترومان" إسرائيل تنفي مغادرة أي وفد لمفاوضات وقف إطلاق النار في غزة إلى القاهرة 10 جنود إيرانيين شباب لقوا حتفهم في حادث سقوط حافلة في واد غرب إيران سقوط نحو 300 قتيل في اشتباكات عنيفة بين قوات سورية الديمقراطية وفصائل مسلحة مدعومة من تركيا في محيط سد تشرين وزارة الصحة في غزة تكشف أن عدد ضحايا عدوان الاحتلال الإسرائيلي على القطاع ارتفع إلى 45,259 شهيداً و107,627 مصاباً من 7 أكتوبر 2023 تسجيل 76 حالة وفاة و768 إصابة جراء إعصار شيدو الذي ضرب مقاطعات "كابو" و"ديلغادو" و"نابولا" و"نياسا" في شمال موزمبيق
أخر الأخبار

مع الرميحي... الخطابات المتوازية

المغرب اليوم -

مع الرميحي الخطابات المتوازية

عبدالله بن بجاد العتيبي
بقلم : عبدالله بن بجاد العتيبي

كتب الدكتور محمد الرميحي مقالة بالأمس في هذه الصحيفة بعنوان «حتى لا تكون صرخة في وادٍ» تعليقاً على مقالتي الأسبوع الماضي بعنوان «الصحويون: إدمان الخديعة وسذاجة التصديق»، وقد أثرى الرميحي النقاش بأفكارٍ مهمة تفتح الباب لنقاشات أعمق وأكثر تفصيلاً، ممن يمتلك الرؤية والوعي والتخصص في مثل هذه المواضيع الشائكة. ومقالة الدكتور الرميحي جديرة بالمناقشة والتعليق.
لعمق الأثر الذي أحدثته تيارات وجماعات وتنظيمات وخطابات الإسلام السياسي على المجتمعات والدول والعقول والعالم، فإن ترويج نهايتها بشكل سريعٍ وغير مبررٍ ينمّ عن قلة معرفة وتجربة مقرونة باستعجالٍ مخلٍّ يفتقد للأناة والتمحيص والتبصّر، وتطرحه جهتان: إحداهما، هذه الجماعات نفسها، لتقلل به من صرامة المواجهة معها، وتخفف العبء عن أتباعها رموزاً وكوادر، والثانية، بعض المثقفين المخدوعين بهذه الجماعات، أو الذين يتوسلون شهرة لدى أتباعها.
هذه الجماعات ورموزها لديهم دائماً خطابٌ لكل مرحلة، وعقيدة لكل ظرفٍ، وإيمانٌ يتغير بحسب المعطيات ويتقلب بتقلباتها، والأمثلة كثيرة، وهو ما يمكن تسميته «الخطابات المتوازية» أي تلك الخطابات التي تسير بالتوازي بعضها مع بعض، من دون تراكمٍ ومن دون تقاطعٍ، وأحيانا بتناقضٍ، ويمكن استحضار بعض الأمثلة هنا بشكلٍ سريعٍ، فمثلاً ثمة خطابان متوازيان لهذه الجماعات، واحدٌ للتثوير، وصناعة الثورات والانقلابات والتفجيرات والاغتيالات والجهاد والتكفير ونحو ذلك، وآخر للحراسة، بمعنى حماية الماضي؛ لأنه ماضٍ بوصفه منجزاً ومقدساً بحدّ ذاته، كحراسة العقيدة أو الفضيلة أو نحوهما من أنواع الحراسة، وتحت كل واحدٍ من هذين الخطابين عشرات الكتب والمؤلفات والمحاضرات والندوات والمقالات والفتاوى والمواقع الإلكترونية، ومؤخراً الاستخدام المنظم لبعض وسائل التواصل الاجتماعي.
ومثالٌ آخر، يتمثل في خطابين متوازيين آخرين، أحدهما يتحدث عن الإسلام المكّي والآخر عن الإسلام المدني، نسبة لمكة المكرمة والمدينة النبوية، لا باعتبار «المكي» و«المدني» يعبران عن مرحلتين تاريخيتين معروفتين في كتب التراث وعلومه كالتفسير والحديث والفقه؛ بل باعتبار كلٍّ منهما يمثل خطاباً سياسياً ذا أولوياتٍ مختلفة تماماً عن الآخر، فهو تفريق ينطلق من حاجة هذه الجماعات وفروعها في كل بلدٍ ودولة ومجتمعٍ للوصول إلى السلطة، فمرة يستخدمون خطاب الإسلام المكي، ومرة يفضلون خطاب الإسلام المدني، والتأرجح بين هذين الخطابين المتوازيين والتقلب بينهما يتمّ بناء على مصلحة الجماعة في الوصول إلى السلطة، دينياً وسياسياً واجتماعياً واقتصادياً.
بعض الجماعات قد لا تكون سياسية بشكل مباشرٍ، ولكنها تشكل قوة منظمة تتسم بالتطرف، كبعض الجماعات السلفية غير المسيسة بشكل مباشرٍ، أو تتسم بقوة التجنيد كجماعة التبليغ، أو تتسم بالتأثير وسهولة الاختراق كبعض الطرق الصوفية، وعموماً يجدر التفريق هنا بين نوعين من التطرف: التطرف المعارض للدولة والتطرف الموالي للدولة، والخلافات بين التطرفين ليست عميقة؛ بل في مسائل معينة يمكن حين يتغير الاجتهاد فيها -وهي مسائل فرعية سهلة- أن يلتئم التطرفان بعضهما مع بعض ليشكلا جبهة واحدة، ولئن كان التركيز على هذه الخلافات من بعض الدول في بعض المراحل مفيداً تكتيكياً في لحظات المواجهة الساخنة، فإنه بالغ الضرر استراتيجياً على المدى الطويل، وكم تخسر المجتمعات والدول حين تستجلب أفكاراً قديمة في ظروفٍ متباينة، لخدمة أهدافٍ جديدة ومراحل تاريخية مختلفة وأولويات سياسية واجتماعية حديثة وبعيدة كل البعد عمّا مضى.
الأمثلة مهمة في هذا السياق وهي تنير الطريق وتفتح أبواب الحوار الجاد والجدل المثمر، ولنأخذ فكرة «تكفير» الدولة والمؤسسات الأمنية أو الدينية والتيارات المخالفة للمتطرفين والمجتمعات بشكلٍ عامٍ، فهي في الأصل فكرة واحدة، وإن اختلف التنظير لها والتعبير عنها وأساليب الترويج والحشد بحسب الجماعة التي تتبناها، والمجتمع المستهدف وثقافته، وطبيعة الدولة وقوتها، وحجم اختراق هذه الجماعات لها، فقد يتمّ ذلك عبر مفاهيم مثل «الحاكمية» و«الجاهلية» ذات المصدر القطبي، نسبة لـ«الإخواني» المتطرف سيد قطب، وقد يتم الترويج لها عبر مفاهيم «الشريعة» و«الولاء والبراء» ذات المصدر السلفي، والنتيجة واحدة؛ لأن التطرف ملة واحدة.
كتب الدكتور الرميحي أن «مجمل ما قاله ابن بجاد حقيقي، ونقاشه مهم في مجتمعاتنا، ولكن الوصفة التي تعالج هذا الموضوع -وإن كُتبت وشُرحت من مهتمين- لم يُشرع في تنفيذها». وهذا صحيح بشكل عامٍ، ففهم هذه الجماعات وخطاباتها وتنظيماتها وأفكارها ومفاهيمها يحتاج إلى مراكز دراساتٍ متخصصة، وباحثين بارزين يراكمون المعرفة، ويرسمون التصور الصحيح والتوصيف المحق، ويمهّدون الطريق لرسم حلولٍ عملية، وأيضاً برامج تنفيذية للخروج من هذا الانسداد التاريخي في مواجهة ظاهرة بهذا الحجم والتأثير.
مهمٌّ جداً ما ذكره الدكتور الرميحي عن مسؤولية «التعليم» و«الإعلام» و«التواصل الاجتماعي» في مساعدة هذه الجماعات والخطابات والترويج لها، وتهيئة الساحة لأفكارها ومفاهيمها، وسبب ذلك في الأساس الجهل واللهاث المستمر خلف «المشاهدات» و«الإعلانات»، وكل ما يليق بأولويات تاجرٍ لا بأولويات دولة ومجتمعٍ.
كتب الرميحي قائلاً إن «مشروع الإسلام الحركي السياسي فشل... وبقي المشروع الثقافي الذي لا يفتأ ذلك الكم من معتنقي الإسلام الحركي يدعون من خلاله، ويصرّون على اختراقه». وهذا أحد أكبر المخارج التي وجدتها هذه الجماعات لنفسها ولأتباعها، بحيث ينخرطون في المشروعات الكبرى ذات العناوين المهمة والتي يدعمها إجماعٌ وطنيٌّ، وينخرطون فيها موظفين وقادة، ويحرفونها عن المساس بالجماعة وأفكارها، لتتجه نحو عناوين حديثة لا تُفشل رؤية الجماعة، ولا تقضي على فكرها ومفاهيمها، فيتحدثون عن التنمية والتطوير ويستخدمون «وسائل التواصل»، ويصبحون «مؤثرين»، ويستثمرون في «البودكاست»، وتدون عجلات قطارات هذه الجماعات على قضبانٍ جديدة من عناوين فكرية ووسائل إعلامٍ وتواصل اجتماعي، وتبنى الشبكات التنظيمية الجديدة بطريقة تتعايش مع الأوضاع المستجدة.
من دون علمٍ ومعرفة تبنى وتتراكم، ومن دون تجربة ترسخ وتتحول لخبرة، ومن دون مؤسساتٍ فكرية وثقافية تعنى بنشر ذلك كله، وتحويله لوعي مستقرٍ وثابتٍ، يتم نشره على المستويات كافة، وتعميق تأثيره وترويج مخرجاته، فإن المعركة الطويلة مع هذه الجماعات ستطول أكثر.
أخيراً، فهناك كثير من الأبعاد الفكرية والثقافية والاجتماعية والسياسية التي تثيرها مقالة الدكتور الرميحي، وهي جديرة بأن تحظى بما يليق بها من نقاشاتٍ وطروحاتٍ، ومن رؤى ومشروعات وحلولٍ ترسم منارات طريقٍ طويل نحو المستقبل، وتكون بشجاعة الجيل الجديد نفسه، وبحجم طموحه.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مع الرميحي الخطابات المتوازية مع الرميحي الخطابات المتوازية



GMT 22:27 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

تل أبيب ــ دمشق... سقوط الضمانات

GMT 19:37 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وانفقأ دُمّل إدلب

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 11:19 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
المغرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 09:56 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

المغرب تصنع أول دواء من القنب الهندي لعلاج الصرع
المغرب اليوم - المغرب تصنع أول دواء من القنب الهندي لعلاج الصرع

GMT 13:49 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الفنانة زينة تكشف عن مفاجأة جديدة في مشوارها الفني
المغرب اليوم - الفنانة زينة تكشف عن مفاجأة جديدة في مشوارها الفني

GMT 18:10 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 09:12 2024 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

لاعبو منتخب "الأسود" يؤكدوا ثقتهم في الركراكي

GMT 08:54 2023 الأربعاء ,06 كانون الأول / ديسمبر

العام الحالي 2023 الأكثر حرّاً في التاريخ المسجّل

GMT 16:07 2023 الثلاثاء ,10 تشرين الأول / أكتوبر

علماء الآثار يزعمون اكتشاف "خريطة كنز عملاقة"

GMT 05:19 2018 الخميس ,11 تشرين الأول / أكتوبر

زينّي حديقة منزلك بـ"فانوس الإضاءة الرومانسي"

GMT 09:00 2018 الثلاثاء ,12 حزيران / يونيو

" ديور " تطرح ساعات مرصعة بالألماس

GMT 18:37 2016 الأحد ,03 إبريل / نيسان

شيرى عادل فى كواليس تصوير "بنات سوبر مان"

GMT 02:51 2017 الجمعة ,27 تشرين الأول / أكتوبر

شيرين سعيدة بنجاح "سابع جار" ودورها في "عائلة زيزو"

GMT 08:44 2016 الثلاثاء ,27 أيلول / سبتمبر

لائحة مغربيات لمعت أسماؤهن في سماء الموضة العالمية

GMT 10:55 2016 الخميس ,21 تموز / يوليو

ماريو غوتزه ينضم إلى بروسيا دورتموند رسمياً
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib