جدالات السياسة والهوية
دونالد ترامب يفضل السماح لتطبيق تيك توك بمواصلة العمل في الولايات المتحدة لفترة قصيرة على الأقل شركة طيران أمريكية تجبر أحد الركاب على ترك مقعده في الدرجة الأولى لصالح كلب مرافق مقتل 10 ركاب وإصابة 12 في تحطم طائرة في البرازيل مطار دمشق الدولي يُعلن تمديد تعليق الرحلات الجوية حتى الأول من يناير 2025 الحوثيون يؤكدون إفشال هجوم أميركي بريطاني على اليمن باستهداف حاملة الطائرات "يو إس إس هاري إس ترومان" إسرائيل تنفي مغادرة أي وفد لمفاوضات وقف إطلاق النار في غزة إلى القاهرة 10 جنود إيرانيين شباب لقوا حتفهم في حادث سقوط حافلة في واد غرب إيران سقوط نحو 300 قتيل في اشتباكات عنيفة بين قوات سورية الديمقراطية وفصائل مسلحة مدعومة من تركيا في محيط سد تشرين وزارة الصحة في غزة تكشف أن عدد ضحايا عدوان الاحتلال الإسرائيلي على القطاع ارتفع إلى 45,259 شهيداً و107,627 مصاباً من 7 أكتوبر 2023 تسجيل 76 حالة وفاة و768 إصابة جراء إعصار شيدو الذي ضرب مقاطعات "كابو" و"ديلغادو" و"نابولا" و"نياسا" في شمال موزمبيق
أخر الأخبار

جدالات السياسة والهوية

المغرب اليوم -

جدالات السياسة والهوية

عبدالله بن بجاد العتيبي
بقلم : عبدالله بن بجاد العتيبي

جدالات السياسة الفكرية لا تنتهي، وصراعتها الواقعية لا تنقضي، والسياسة مصنعٌ تختلط فيه كل عناصر القوة لتُوظف في الصراعات لخدمة الدولة ومصالحها والشعب وطموحاته، ومن دون وعي حادٍ بعناصر القوة الذاتية وأبعادها وإمكانات توظيفها بالمدى الأقصى تستمر بعض الدول من دون تطويرٍ أو طموحٍ، بينما تتوثب أخرى وتتطور بلا سقفٍ ولا مدى.
يحسب بعض المنغمسين في الواقع ومشكلاته والإدارة ومعضلاتها والإنجاز ومسؤولياته أن جدالات الأفكار ونقاشات الهوية ترفٌ وتنظيرٌ غير مفيدٍ ولا مجدٍ، وأن الأفضل تركه والانشغال بالعمل، وهذا خطأ كبير وخطير، فبلا تنظيرٍ ورؤية ومن دون علمٍ مكينٍ ووعي ثاقبٍ يسهل اختطاف الدول والشعوب والمجتمعات، والأمثلة لا تحصى في كل زمانٍ ومكانٍ.
لتقريب الصورة أكثر، فإن الصراع الإقليمي الدائر في منطقة الشرق الأوسط منذ عقودٍ لم يكن صراعاً سياسياً فحسب، بل هو صراعٌ على الهوية قبل كل شيء، صراعٌ على من نحن؟ ولماذا نحن مختلفون؟ وأين سنذهب؟ ما علاقتنا بجيراننا؟ وبالعالم؟
كانت حروب أوروبا العالمية قائمة على صراعات «الإمبراطوريات» و«القوميات» التي تجيب عن تلك الأسئلة في السياق الأوروبي، ووصل بعضها إلى شعوب الشرق الأوسط، وأصبحت تقدم إجابات مختلفة بحسب كل قومية أو دولة أو تيار، فتخلت تركيا عن «الخلافة الإسلامية»، وأقامت الدولة «التركية» القومية، وتململت إيران كثيراً حتى وصلت قبل أربعة عقودٍ لتعريف نفسها بـ«الثورة الخمينية» أو «الشيعية» بنسخة الإسلام السياسي، وتاه العرب دولاً وتياراتٍ بين «اليسار» و«الشيوعية» وبين «القومية» بتفرعاتها «البعثية» و«الناصرية» وبين «الإسلام السياسي» بتفرعاته، ودخلت إسرائيل من قبل لتربك المشهد وتعيد بعثرة الأوراق المبعثرة أصلاً.
طبيعة الصراعات على «الهوية» داخلياً وعلى المستوى الإقليمي والدولي أنها لا تنتهي، بل هي متجددة دوماً، وتركيا «العلمانية» والقومية عادت على مراحل لتبني نسخة من «الإسلام السياسي»، وإيران بعد الثورة على «الملكية» و«الشاه» من تياراتٍ شيوعية وقومية رست على «الخمينية»، وكثيرٌ من الدول العربية شهدت انقلاباتٍ عسكرية ضد «الملكيات» في مصر والعراق وليبيا واليمن وسوريا، شعارها واحدٌ وإن اصطرع الرفاق لاحقاً.
في هذه الصراعات الفكرية الطاحنة والعميقة التي تصطرع على «الهوية» بكل مفرداتها قامت الحروب وسقطت الدول وسالت الدماء، بينما بقيت دول الخليج العربي ثابتة في ظل هذه الصراعات، ونجت من تبعاتها الضخمة وآثارها المدمرة، وهي تتلمس طريقها للبناء على «هوية» راسخة من جهة، ومتطورة بطبيعتها من جهة أخرى، ومن تخلف عن تطوير الهوية تخلف عن بناء عناصر القوة والتأثير.
للتذكير والمفارقة، فسوريا انقلبت على «الملكية»، ثم تقلبت بين فرقاء «القومية» العربية، حتى سيطر نظام «البعث العربي الاشتراكي»، ثم تحولت إلى نظامٍ «عائلي» مذهبي أقلوي باطشٍ، واليمن انقلب على «الإمامية» الملكية بأنظمة قومية حتى سيطر الرئيس علي عبد الله صالح، فتحول إلى نظام «عائلي» تحالف مع «الحوثي» لخلق نظامٍ هو أسوأ بكثير من النظام «الإمامي».
هذا السرد المختصر لإيضاح أن جدالات الفكر ونقاشات «الهوية» ليست ترفاً ولا «تنظيراً» فارغاً، بل هي أحد أكبر الأسس التي تبنى عليها الأمم والدول، والشعوب والمجتمعات، وأن الجهد العلمي والبحثي والجدل الفكري حولها هو أمرٌ مستحقٌ وله أولوية قصوى.
في محاضرة ألقاها الأستاذ مشاري الذايدي، في مركز إبراهيم آل خليفة بالبحرين، الأسبوع الماضي، كان موضوعها «من نحن؟ أسئلة حول هوية إنسان الجزيرة العربية»، طرحٌ جادٌ لتساؤلاتٍ ملحة في هذا السياق، تستدعي التعليق والمناقشة، وقد أشار فيها لبعض أفكار ورؤى ولي العهد السعودي في «رؤية السعودية 2030» تجاه مسألة «الهوية» وتصريحاته المتعددة التي لم تحظ بعد بالتحويل لمشاريع توازي المنجزات التنموية المذهلة.
بعض عناصر الهوية السعودية يمكن إجمالها في «الإسلام» و«العروبة» و«الوطنية»، وعن «الإسلام» تحدث الأمير مراراً وتكراراً عن العودة للإسلام الأول بعيداً عن مشاحنات التاريخ وتشويهات المؤدلجين واعتداءات المتطرفين، وقدم رؤية أكثر تفصيلاً في مجالات مرجعية «القرآن الكريم» و«السنة» المتواترة ودور «ضرورات» الحياة و«حاجات الناس» في بناء رؤية حضارية تحفظ «الإيمان»، وتتجاوز إكراهات الماضي، وتمنع «اختطاف» الدين واستخدامه وسيلةً للوصول إلى «السلطة»، سواء السلطة السياسية أو الاجتماعية أو غيرها.
وفي «العروبة»، فأهل الجزيرة العربية هم «أصل العرب» كعرقٍ وكقوميةٍ، وهم ممثلوها الأمناء الخلص بعيداً عن استخدامها كشعاراتٍ سياسية أو فكرية للتوظيف وللمصالح التي كانت تتم في حواضر بعض الدول العربية، ويكفي استعراض بعض تنظيرات المثقفين العرب حول شعر العرب في الجاهلية والإسلام، وبين بعض شعراء الجزيرة العربية المعاصرين، لتكتشف بسهولة من هو الامتداد الطبيعي للعرب ومن يمثلهم فعلياً.
وفي «الوطنية» إعادة لرسم المشهد «التاريخي» بعيداً عما لحقه من تشويهات لأسبابٍ طبيعية أقوى من البشر، أو بسبب الجهل، أو الآيديولوجيا، وفتح إمكانية بناء مشهدٍ متكاملٍ لتاريخ الجزيرة العربية دولاً ومجتمعاتٍ وأفراداً، سياسة واقتصاداً وعلماً وثقافة، والدولة السعودية بأطوارها الثلاثة تمثل مجالاً رحباً وطريقاً لاحباً لمن يسعى لإعادة ترسيخ وتطوير الهوية في هذا الجانب.
لم يكن ولن يكون الجدل المتعلق بـ«الهوية» حديثاً مستهلكاً ولا «تنظيراً» فارغاً، بل على العكس هو ضرورة ملحة وحاجة لا يستغنى عنها تختصر الكثير من الجهد والعمل وتطوي الزمان باتجاه المستقبل وتذلل الصعاب وتواجه التحديات، ويكفي القارئ استحضار عشرات الكتب والجدالات التي تنشر في الشرق والغرب حول هذا الموضوع الحيوي والمهم، وعلى سبيل المثال لا الحصر يكفي معرفة أن كاتباً أميركياً معاصراً هو صموئيل هنتنغتون ألف كتاباً ضخماً عن أميركا تحت عنوان: «من نحن؟ المناظرة الكبرى حول أميركا».
الغرب المتقدم والمتحضر، خصوصاً رأس هرمه المعاصر (أميركا)، ما زال بحاجة إلى جدالات الهوية وتفريعاتها الكبرى والصغرى، ولم يصل بعد إلى مرحلة الاكتفاء أو «التقليل» من شأن من يكتب وينظر ويتفلسف في ذلك.
أخيراً، فهذا السياق يؤكد انفتاح العلوم بشتى تصنيفاتها على مزيدٍ من الجهد والإحكام والتأثير، في علوم «الإنسان» و«الاجتماع» و«التاريخ» و«الدين» و«الشريعة» و«الثقافة» و«السياسة» و«الاقتصاد» و«الفنون» بعناوين لا تنتهي ومباحث لا تنقطع يمكن أن تشتغل عليها «الجامعات» و«الأكاديميات» و«مراكز البحوث» و«المستقلون» لتحقيق غاياتٍ لا يحدها إلا «عنان السماء». وكل عامٍ وأنتم بخير.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جدالات السياسة والهوية جدالات السياسة والهوية



GMT 22:27 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

تل أبيب ــ دمشق... سقوط الضمانات

GMT 19:37 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وانفقأ دُمّل إدلب

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 11:19 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
المغرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 10:20 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
المغرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 09:56 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

المغرب تصنع أول دواء من القنب الهندي لعلاج الصرع
المغرب اليوم - المغرب تصنع أول دواء من القنب الهندي لعلاج الصرع

GMT 13:38 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

نيللي كريم تجتمع مع روبي وكندة علوش في "جاني في المنام"
المغرب اليوم - نيللي كريم تجتمع مع روبي وكندة علوش في

GMT 18:10 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 09:12 2024 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

لاعبو منتخب "الأسود" يؤكدوا ثقتهم في الركراكي

GMT 08:54 2023 الأربعاء ,06 كانون الأول / ديسمبر

العام الحالي 2023 الأكثر حرّاً في التاريخ المسجّل

GMT 16:07 2023 الثلاثاء ,10 تشرين الأول / أكتوبر

علماء الآثار يزعمون اكتشاف "خريطة كنز عملاقة"

GMT 05:19 2018 الخميس ,11 تشرين الأول / أكتوبر

زينّي حديقة منزلك بـ"فانوس الإضاءة الرومانسي"

GMT 09:00 2018 الثلاثاء ,12 حزيران / يونيو

" ديور " تطرح ساعات مرصعة بالألماس

GMT 18:37 2016 الأحد ,03 إبريل / نيسان

شيرى عادل فى كواليس تصوير "بنات سوبر مان"

GMT 02:51 2017 الجمعة ,27 تشرين الأول / أكتوبر

شيرين سعيدة بنجاح "سابع جار" ودورها في "عائلة زيزو"

GMT 08:44 2016 الثلاثاء ,27 أيلول / سبتمبر

لائحة مغربيات لمعت أسماؤهن في سماء الموضة العالمية

GMT 10:55 2016 الخميس ,21 تموز / يوليو

ماريو غوتزه ينضم إلى بروسيا دورتموند رسمياً
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib