نادِي «ومع ذلك»
ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة إلى 43,846 شهيدًا و 103,740 جريحاً منذ 7 أكتوبر 2023 وزارة الصحة اللبنانية تُعلن إستشهاد طفلتين ووالدهما وإصابة شخص في غارة العدو الإسرائيلي على الماري بقضاء حاصبيا الرئاسة الفلسطينية تحمل الإدارة الأميركية مسؤولية المجازر الإسرائيلية في بيت لاهيا وقطاع غزةض تركيا السماح لطائرته بالعبور الرئيس الإسرائيلي يُلغي زيارته المخطط لها إلى مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ «COP29» بعد رفض تركيا السماح لطائرته بالعبور غارة إسرائيلية على بيروت تستهدف مركزا لـ«الجماعة الإسلامية» الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل ضابط وجندي في اشتباكات بشمال قطاع غزة وزارة الصحة في قطاع غزة تُعلن إرتفاع عدد الشهداء منذ العام الماضي إلى 43799 ونحو 103601 مصاباً الخارجية الإيرانية تنفي المزاعم بشأن لقاء إيلون ماسك بممثل إيران في الأمم المتحدة وزارة الصحة اللبنانية تُعلن ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي على البلاد إلى 3452 شهيداً و14.664 مصاباً استشهاد اثنين من قيادات حركة الجهاد الفلسطينية في غارة إسرائيلية على سوريا
أخر الأخبار

نادِي «ومع ذلك»

المغرب اليوم -

نادِي «ومع ذلك»

أمير طاهري
أمير طاهري

على مدار الأعوام القليلة الماضية، تطورت مسألة استضافة وزير خارجية الجمهورية الإسلامية جواد ظريف إلى تقليد سنوي لمجلس العلاقات الخارجية الذي يتخذ من نيويورك مقراً له. ومع هذا، أثارت الدعوة التي وجهها المجلس لظريف هذا العام عاصفة من الاعتراضات تجاوزت حدود الفقاعة التي اعتاد مدمنو السياسة الأميركية ممارسة الألعاب داخلها، والانغماس في الأوهام وتناول المهمة الأساسية لهم، ألا وهي جمع الأموال.

أما السبب وراء هذه العاصفة فكان القتل المفترض لنافيد أفكاري، بطل المصارعة الشهير وأحد الذين شاركوا في انتخابات داعمة للديمقراطية. وأثار هذا القتل موجات من الصدمة بمختلف أرجاء إيران، بما في ذلك بعض العناصر داخل المؤسسة الخمينية.

وتلقى مجلس العلاقات الخارجية الكثير من رسائل البريد الإلكتروني والاتصالات الهاتفية التي تطالب بسحب الدعوة الموجهة لظريف، سعياً لإظهار التعاطف مع الإيرانيين.

إلا أن مجلس العلاقات الخارجية رفض فعل ذلك. ونشر مدير المجلس، ريتشارد هاس، المسؤول السابق بوزارة الخارجية الأميركية، هذه التغريدة «مثل كثيرين آخرين، أدين إعدام نافيد أفكاري. كما أنني مؤمن بأن حقوق الإنسان تشكل بعداً مهماً في السياسات الخارجية الأميركية. ومع ذلك، أعتقد أن مجلس العلاقات الخارجية محق في لقائه بوزير خارجية إيران».

وتحوي هذه التغريدة مؤشرين مثيرين للاهتمام بخصوص كيف حاول هاس تحاشي هذه، وذلك من خلال طرح قتل أفكاري باعتباره عملية «إعدام» قضائية؛ الأمر الذي يمكّن ظريف من قول «حسناً، لديكم إعدامات ببعض الولايات داخل الولايات المتحدة كذلك». ومع ذلك، نجد أن السلطات الإيرانية ذاتها تتحدث عن القصاص، في الوقت الذي يصر محامو أفكاري على أنه لم يجرِ إخطاره ولا إخطارهم بأنه سيكون هناك إعدام. وبعد ذلك، حاول هاس التخفيف من صورة ظريف من خلال تقديمه باعتباره وزير خارجية «إيران»، وليس الجمهورية الإسلامية.
إلا أن الجزء الأكثر إثارة في تغريدة هاس يكمن في ذلك القادم بعد «ومع ذلك»؛ لأنه يضع النهاية المأساوية لأفكاري والاحترام المزعوم من جانب مجلس العلاقات الخارجية لحقوق الإنسان على المستوى ذاته من الأهمية؛ لتوفير منصة أمام مسؤول دعائي من النظام الخميني.
والمبرر المطروح هنا «ومع ذلك، يجب أن ننصت للجانب الآخر».

المؤكد أن مجلس العلاقات الخارجية لم يخترع نادي «ومع ذلك» الذي يتسم أعضاؤه بالعجز الأخلاقي عن إدراك أنه من الخطأ افتراض وجود تكافؤ بين موقف صائب أخلاقياً ونقيضه السوفسطائي.

في الواقع، تذكرنا «ومع ذلك» التي أطلقها هاس بالكثير من مواقف «ومع ذلك» أخرى في صفحات الأدب والتاريخ.

على سبيل المثال، نجد أخيل يقول لبريام في نهاية حرب طروادة «ومع ذلك أيها العجوز! أنت أيضاً كنت سعيداً ذات يوم».

في نوفمبر (تشرين الثاني) 1938، بعد أيام قليلة مما عرف باسم «ليلة الكريستال» (مجموعة من العمليات نفذها نازيون في ألمانيا ضد مصالح وبيوت لليهود عام 1938)، أبلغ السفير الفرنسي في برلين، روبرت كولوندر، باريس بما حدث، واصفاً الأعمال الوحشية التي وقعت بقلب أوروبا، واختتم حديثه قائلاً «ومع ذلك، يمكن للمرء تفهم الغبن الذي يشعر به الألمان تجاه اليهود».

كما أقر مثقفون غربيون ضمنياً زاروا الاتحاد السوفياتي في ظل حكم ستالين بأن الآلاف قُتلوا على يد النظام، وتضور الملايين جوعاً حتى الموت، لكن ومع استخدام تعويذة «ومع ذلك»، خلصوا كذلك إلى أن هذا كان من أجل الخير العام.
وفي سياق مشابه، استخدم البرلماني البريطاني زوني زيلياكوس «ومع ذلك» للمرة الأولى لتبرير تمجيده لستالين، وبعد ذلك في أعقاب تنديد نيكيتا خروشوف بتقديس شخصية الطاغية، استغل العبارة ذاتها في انتقاده.

ورغم أن إدغار سنو لم يكن قصير النظر بما يكفي لأن لا يلحظ وحشية العصابات التي أطلقها معشوقه ماو تسي تونغ، لكنَّه من جديد وبالاعتماد على عبارة «ومع ذلك»، برر لنفسه الاضطلاع بدور مسؤول دعاية الشيوعية الصينية داخل الولايات المتحدة.

ويستغل بعض أعضاء نادي «ومع ذلك» السعي وراء الحصول على «مزيد من المعلومات» مبرراً لضرورة الدخول في «حوار نقدي» مع النظام الخميني والعناصر الغريبة الأخرى على الساحة الدولية. ويذكرنا ذلك بسخرية برنهارت بأولئك الذين يسعون خلف «الحقائق غير المرغوبة والمعلومات التي لا جدوى منها».

أيضاً، يتحدث هاس عن أن الإنصات لظريف سيعيننا على فهم هيكل القوة داخل النظام الخميني على نحو أفضل. ويذكرنا ذلك بواحدة من عبارات السخرية التي أطلقها ميشيل دي مونتين «إنهم على معرفة وثيقة بغالين، لكنهم لا يعرفون شيئاً عن المرض الذي يعانيه هذا الرجل السقيم».

ويتحدث أعضاء نادي «ومع ذلك» عن الحاجة إلى خطوات دقيقة لتيسير عمل آليات الدبلوماسية، التي يبدو أنها تواجه صعوبة دوماً في العمل بسلاسة. إلا أن مثل هذه الخطوات الدقيقة ربما تبدو منطقية فقط حال إقرار توجه عام. في هذه الحال، فإن المرء في حاجة إلى معاينة رؤية شاملة إزاء النظام الخميني توجه السياسة طويلة الأمد تجاهه. ونظراً لأن نادي «ومع ذلك» عاجز عن صياغة مثل هذه السياسة، فإن حديثه عن الخطوات الدقيقة لا يمثل سوى مجرد مبرر لعمله كأداة لترديد أصداء خطاب ملالي طهران.
من جهته، وخلال الكلمة التي ألقاها أمام اجتماع مجلس العلاقات الخارجية، كرر ظريف الادعاءات ذاتها، إن لم تكن الأكاذيب، التي ظل يلقيها على أسماع الجمهور المتأنق لسنوات. وعلى ما يبدو، التهمها جمهوره بالشهية المعتادة ذاتها.

وسعياً لخداع جمهوره، لم يستخدم ظريف مصطلح «الجمهورية الإسلامية» قط، وتظاهر وكأن «المرشد الأعلى» علي خامنئي لا وجود له. أيضاً، لم يتحدث عن الإسلام واستراتيجية طهران لـ«تصدير الثورة الإسلامية» للعالم بأسره، بما في ذلك نيويورك، حيث يوجد مجلس العلاقات الخارجية.

وحسب التصور الذي رسمه ظريف، فإن النظام الخميني كيان مسالم وودود يتمتع في إطاره القضاء بالاستقلالية، ويجري احترام جميع الحريات، ويتمثل الهدف الاستراتيجي في إقرار السلام والتناغم عبر مختلف جنبات العالم. ولا يوجد سجناء سياسيون في إيران. أما دعم طهران لجماعتي «حزب الله» و«حماس» فمجرد دعم ثقافي، بينما الوجود الإيراني في سوريا مجرد وجود استشاري بناءً على دعوة من الحكومة السورية.

وبالتأكيد، تبعاً لما طرحه ظريف، فإنه لا يوجد رهائن أميركيون أو أجانب آخرون في إيران. وإذا كانت هناك اضطرابات في الشرق الأوسط، فإن هذا خطأ الولايات المتحدة، أو بالأحرى خطأ ليس الأميركيين الطيبين أمثال جون كيري وباراك أوباما، وإنما أمثال دونالد ترمب ومايك بومبيو.

وبذلك يتضح لنا أن أداة ترديد أصداء آراء النظام الإيراني التي يوفرها مجلس العلاقات الخارجية ليس بها معيار أخلاقي يحكمها؛ ما يجعل منها على أفضل تقدير حدثاً تافهاً، وعلى أسوأ تقدير خيانة فكرية.

(اعتراف: سبق وأن وجّه إلى مجلس العلاقات الخارجية الدعوة مرتين لإلقاء كلمة أمامه. في المرتين، كان المطلوب مني الحديث عن العراق، لكن لم يطلب مني الحديث عن إيران قط!)

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نادِي «ومع ذلك» نادِي «ومع ذلك»



GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

GMT 21:28 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

«هي لأ مش هي»!

GMT 21:25 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

الفعل السياسي الأكثر إثارة

إلهام شاهين تتألق بإطلالة فرعونية مستوحاه من فستان الكاهنة "كاروماما"

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 03:35 2015 الخميس ,08 تشرين الأول / أكتوبر

دراسة علمية حديثة تكشف عن سر طول رقبة الزرافة

GMT 01:37 2017 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

ياسمين صبري تشارك رشاقتها بصور جديدة على "انستغرام"

GMT 21:42 2014 الأحد ,19 تشرين الأول / أكتوبر

أب يتهجم على أستاذة مدرسة "يوسف بن تاشفين" الإبتدائية

GMT 04:50 2017 الأحد ,22 تشرين الأول / أكتوبر

ستوكهولم حيث جزر البلطيق والمعالم السياحية المميزة

GMT 17:45 2014 الإثنين ,27 تشرين الأول / أكتوبر

"ثورة" نسائية صغيرة في تسلق قمم جبال باكستان

GMT 22:05 2016 السبت ,20 آب / أغسطس

علامة تدل على إعجاب المرأه بالرجل

GMT 01:44 2016 الثلاثاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

"جونستون أند مارفي" أهم ماركات الأحذية الرجالية الفريدة

GMT 06:03 2017 الثلاثاء ,14 آذار/ مارس

عجوز صيني يرتدي ملابس نسائية لإسعاد والدته
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib