الأزهر والرئاسة

الأزهر والرئاسة

المغرب اليوم -

الأزهر والرئاسة

بقلم : مكرم محمد أحمد

لا أعتقد أن محاولات الوقيعة بين الرئاسة والأزهر يمكن أن تمر أو تنجح رغم كثرة المحاولات وتعددها، لأن الأزهر باعتباره حصن السُنة المنيع لا يزال على اعتقاده الراسخ بوجوب إعلاء مكانة ولى الأمر، واحترام قراراته كى لا تصير فتنة، هى باليقين لن تكون فى صالح الحكم أو الأزهر، يرفضها الجميع، العوام والخواص وفقهاء السنة على تعددهم، كما ترفضها الدولة المصرية التى درجت على احترام الأزهر، باعتباره منبر الوسطية والاعتدال والمرجعية الأساسية للسُنة، وكما درج شيوخ الأزهر الأجلاء على امتداد تاريخ الأزهر العريق على احترام هذه الثوابت فى العلاقة بين الأزهر والدولة المصرية، درج الإمام الأكبر الشيخ أحمد الطيب على هذا النهج، الذى يُشكل التزاما واضحا عبر عنه الشيخ الجليل مرارا بالقول والفعل.

ولا أظن أن من حق أحد أن ينسى أو يتناسى جهود الشيخ أحمد الطيب التى حالت دون أن تتمكن جماعة الإخوان من اختطاف الأزهر الشريف، وكانوا على وشك الفعل وتنصيب إمامهم القرضاوى فى هذا المنصب الجليل لولا شجاعة الشيخ أحمد الطيب، الذى وقف أيضا ضد عسكرة الأزهر عندما منع الاستعراض العسكرى للجماعة فى إحدى الكليات الأزهرية، ولماذا نذهب بعيدا وقد كان الشيخ الجليل واحدا من أبطال ثورة يونيو التى خرجت فى شوارع كل المحافظات المصرية تطالب بإسقاط حكم المرشد والجماعة فى تظاهرة ضمت ما يقرب من 40 مليون مصرى!.

وكما درج شيوخ الأزهر على احترام ثوابت العلاقة بين الأزهر والدولة المصرية، حافظ الرئيس السيسى على تقديره واحترامه العالى لمؤسسة الأزهر ودورها المستنير فى تعزيز وسطية الإسلام واعتداله، وأشاد بدور الأزهر مرات عديدة وامتدح دعواته المتكررة إلى التسامح والاعتراف بالآخر والأخوة الوطنية التى ينبغى أن تُكلل العلاقة بين أقباط مصر ومسلميها كى يشكلوا أسرة مصرية واحدة، ولا يخدش العلاقة بين الأزهر والدولة المصرية التى تقوم على الاحترام المتبادل، أن يطمح الرئيس السيسى إلى المزيد من اجتهادات علماء الأزهر فى تطوير الخطاب الدينى، خاصة أن المطلوب بالفعل هو إعادة فرز الكثير من تراث الفكر الإنسانى الإسلامى، الذى يشوبه الكثير من الخلط بين الخرافة والبدع وحقائق الغيب التى وردت فى النص الإسلامى، خاصة أن غاية ما يطلبه المصلحون هو تحكيم العقل الإنسانى فى فرز الغث من السمين فى هذا التراث الإنسانى الذى يُحتمل إعادة التأويل والتفسير وفقا لمتغيرات العصر وضروراتها.

وكالعادة، اندفع أصحاب المصالح الصغيرة ليصوروا الأمر وكأنه خلاف على السنة، رغم أن السنة هى أكثر المذاهب الإسلامية تحذيرا من خطأ الخروج على الحاكم درءاً لأخطار الفتنة فى ظروف جد عصيبة، كما تصور البعض الآخر أن الظروف مهيأة لفتاوى غير مدروسة لم يرد بشأنها نص قرآنى حول أحقية المرأة فى المساواة فى الإرث مع الرجل، مع أن النص القرآنى واضح ومباشر لا يداخله الشك يعطى أسبابا واضحة لهذا التمييز بين الرجل والمرأة فى الميراث، ورغم سكوتهم المريب على العدوان على حق المرأة فى الميراث الذى يكاد يلزم جميع أسر صعيد مصر رغم وجود نص قرآنى واجب التطبيق، هدفهم من ذلك أن يزداد الخلاف عمقاً وتتباعد المسافات بين الأزهر والدولة المصرية وهو "عشم إبليس فى الجنة" الذى لن يتحقق أبداً، والغريب فى الأمر أن يجزم البعض بأن فتوى المساواة بين المرأة والرجل فى الميراث ما كان ممكناً أن تصدر عن صاحبها، دون إشارة خضراء من الدولة المصرية وهو أمر غير صحيح بالمرة، وإذا كانت تونس قد أقرت أحقية المرأة فى ميراث يعادل ميراث الرجل فإن مصر بأزهرها الشريف ومرجعيته الكبرى للسنة فى العالم أجمع لا تستطيع أن تقلد تونس ،لأن إقرار مصر مثل هذه الفتوى يشعل فتنة كبرى فى العالم الإسلامى.

ورغم حبى واحترامى للإمام الأكبر الشيخ أحمد الطيب وتقديرى الشخصى البالغ للجهد المحمود الذى بذله على مستوى العالم أجمع من أجل إظهار صورة الإسلام على حقيقتها الوسطية والمعتدلة التى تنادى بتعارف الشعوب وتلاقى الحضارات والأديان ـ فإننى لا أضع الشيخ الجليل فوق مستوى النقد والملاحظة، هذا حق البشر على البشر لكن عندما يقول أحد نواب البرلمان إن الشيخ الطيب واحد من خلايا جماعة الإخوان النائمة، فمن حق الذين يعرفون حقيقة الرجل ومواقفه أن يغضبوا لهذه النميمة الكاذبة، لأن الشيخ أحمد الطيب هو واحد من كبار المجددين فى الدين الإسلامى.

نقلا عن الاهرام القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأزهر والرئاسة الأزهر والرئاسة



GMT 08:06 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

طوق النجاة لمباحثات الخرطوم

GMT 07:56 2019 الخميس ,13 حزيران / يونيو

الفساد فى إفريقيا

GMT 07:54 2019 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

الطريق الصحيح إلى استقرار السودان

GMT 04:11 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

أيام فى الإسكندرية

نجوى كرم بإطلالات استثنائية وتنسيقات مبهرة في "Arabs Got Talent"

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 08:38 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

ميلانيا ترامب تظهر بإطلالة بارزة ليلة فوز زوجها
المغرب اليوم - ميلانيا ترامب تظهر بإطلالة بارزة ليلة فوز زوجها

GMT 15:54 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

حورية فرغلي تكشف موقفاً محرجاً بعد عودتها إلى التمثيل
المغرب اليوم - حورية فرغلي تكشف موقفاً محرجاً بعد عودتها إلى التمثيل

GMT 10:33 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أستراليا تحظر السوشيال ميديا لمن دون 16 عاماً
المغرب اليوم - أستراليا تحظر السوشيال ميديا لمن دون 16 عاماً

GMT 17:36 2012 السبت ,15 أيلول / سبتمبر

مجموعة للعناية بالشعر وتقويته

GMT 12:24 2018 الأربعاء ,25 إبريل / نيسان

أولمبيك آسفي يخطط لضم 4 لاعبين في الميركاتو

GMT 17:23 2016 الثلاثاء ,12 إبريل / نيسان

مشوار المنتخب السعودي في تصفيات كأس العالم 2018

GMT 02:35 2018 الإثنين ,05 شباط / فبراير

عفاف شعيب سيدة شعبية في مسلسل "فوق السحاب"

GMT 19:13 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

Jacob & Co"" تطرح مجموعة جديدة من المجوهرات الفاخرة

GMT 05:15 2018 الأربعاء ,24 كانون الثاني / يناير

موقع الواجهة البحرية في "رامسغيت" يتحول إلى إبداع فني

GMT 10:01 2018 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

آخر الاتجاهات المميزة في عالم الموضة لعام 2018

GMT 05:26 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أبرز أسباب انتشار قشرة الشعر خلال موسم الشتاء

GMT 15:25 2017 الثلاثاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

إيقاف لاعب كرة إكوادوري أربعة مواسم بسبب المنشطات

GMT 11:31 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

الاسباني فيليبي السادس يستعد لزيارة المملكة المغربية
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib