بقلم - مكرم محمد أحمد
قالت قوات المشير خليفة حفتر قائد الجيش الوطنى الليبى التى تتقدم تجاه العاصمة طرابلس إنها سيطرت بالكامل على مطار طرابلس جنوب العاصمة، وإنها مستمرة فى عملياتها إلى أن تحقق أهدافها، لكن القوات الموالية لحكومة فايز السراج التى تساندها الأمم المتحدة تقول إنها قامت بهجوم مضاد أوقف تقدم قوات حفتر، ولم تعرف بعد نتائج المعارك المستمرة بين الجانبين، ولا من الذى يسيطر بالفعل على مطار طرابلس، وهناك مخاوف من سقوط العديد من المدنيين، بينما يواجه المشير حفتر سيلاً من الانتقادات الدولية بعد فشل لقائه مع سكرتير عام الأمم المتحدة انطونيو جوتيريش الذى تم فى بنغازى، وبعد الجلسة الطارئة التى عقدها مجلس الأمن الدولى ودعا فيها مجلس الأمن حفتر إلى سحب قواته، مؤكداً فى بيان أعلنه رئيس المجلس أن أى تقدم إضافى لقوات حفتر سوف يؤدى إلى القضاء على استقرار ليبيا، لأنه لا حل عسكريا للأزمة الليبية التى تراوح مكانها منذ شهور.
ولو أن مطار طرابلس سقط بالفعل فى أيدى قوات حفتر، فسوف يشكل ذلك ضربة قوية لحكومة طرابلس، خاصة أن حفتر سوف يستخدم المطار فى السيطرة على باقى أرجاء ليبيا..، وكانت قوات حفتر قد استولت على بلدة غريان التى تقع على مسافة 60 ميلاً من العاصمة الليبية فى طريق تقدمها إلى طرابس، وقال حفتر فى تسجيل صوتى موجه لقواته ونشر على صفحتها على فيسبوك: تقدموا بثقة وادخلوها بسلام ومرافق العاصمة أمانة فى أعناقكم ونقلت وكالة رويترز عن متحدث باسم قوات شرق ليبيا، أن قوات حفتر أمنت مدينة غريان بشكل كامل ووصلت إلى منطقة الهبرة لتنفيذ الخطة «ب» من العمليات، بينما أغلقت حكومة فايز السراج المعترف بها دولياً كل المنافذ والمداخل المؤدية إلى طرابلس، وأعلنت الاستنفار العام كما دفعت مدينة مصراتة بتعزيزات عسكرية ضخمة إلى طرابلس، وكان اللواء أحمد المسمارى المتحدث باسم قوات حفتر قد أعلن فى تصريحات تليفزيونية أن قوات الجيش الوطنى الليبى اشتبكت مع جماعات مسلحة جنوب طرابلس وأن عددا كبيرا من قوات حفتر موجود فى مناطق مجاورة إلى العاصمة طرابلس، ووصف السراج تحركات القوات الموالية لحفتر بأنها تصعيد، وأعلن أنه أمر القوات الموالية لحكومة طرابلس بالاستعداد لمواجهة جميع التهديدات، سواء من الجماعات الإرهابية أو الخارجين على القانون وكل من يهدد أمن كل مدينة ليبية، وأشار السراج إلى أن إعلان قوات حفتر تحركاتها يوم الأربعاء الماضى جاء قبل عقد مؤتمر تدعمه الأمم المتحدة فى منتصف أبريل الحالى بهدف وضع خريطة طريق لتحقيق استقرار ليبيا ،وأن الليبيين يرون فى عقد المؤتمر بصيص أمل للخروج من الأزمة، وأن خصومه يهدفون إلى تقويض العملية السياسية.
وتأتى خطوة المشير حفتر للسيطرة على طرابلس بعد نجاحه المهم فى السيطرة على جميع المدن الإستراتيجية فى الشرق والجنوب، وتمكنه من خلال حملة عسكرية شنها فى يناير الماضى من السيطرة على جنوب ليبيا وعلى الآبار البترولية فى مناطق الجنوب، ونجاحه فى إخضاع مدينة سبها ذات الموقع الإستراتيجى وحقلها البترولى المهم دون قتال، كما حصل حفتر على دعم محلى من سكان الجنوب الذين يناصرون تدخله للقضاء على عصابات الإرهابيين وتنظيماتهم المسلحة التى تحاول السيطرة على جنوب ليبيا، لكن الوضع فى غرب البلاد يختلف تماماً عن الشرق والجنوب حيث تسيطر الميليشيات المسلحة على معظم المدن، وأقواها ميليشيات مدينة مصراتة التى تشكل تحدياً كبيراً لقوات حفتر التى بدأت هجومها على العاصمة طرابلس مساء الخميس الماضى، حيث سيطرت على حاجز عسكرى يقع على مسافة 27 كيلو متراً من البوابة الغربية لطرابلس، وأكد اللواء عبدالسلام الحاسى أن قواته سيطرت دون قتال على الحاجز وقد شوهد 15 شاحنة بيك أب مسلحة بمضادات للطائرات وعشرات العسكريين يسيطرون على هذا الحاجز، لكن الناطق بإسم قيادة الجيش الوطنى الليبى اعترف بأسر 128 عنصرا من قواته فى منطقة البوابة 27 كم، مشيراً إلى أن القوات التى تم أسرها لم تكن مزودة بالسلاح أو الذخيرة ودخلت إلى المنطقة دون أوامر، وأن النيابة العسكرية تحقق مع أمر الكتيبة، وأكد اللواء أحمد المسمارى الناطق باسم الجيش الوطنى أن العملية العسكرية لدخول طرابلس التى أطلق عليها اسم طوفان الكرامة انطلقت من قاعدة الجفرة ووصلت إلى غريان وسيطرت على بلدة العزيزية وأمنت بالكامل منطقة ترهونة وصولاً إلى مطار طرابلس، وأن القوات ترعى مصالح وسلامة الأهالى لأن العمل الإنسانى يسبق فى أولوياته العمل العسكرى، وأنها بسطت سيطرتها على مناطق قصر بن غشير ووادى الربيع وسوق الخميس بالعاصمة، كما دخلت منطقة السوانى على الطرف الجنوبى لطرابلس وألقت القبض على مجموعة من الإرهابيين الفارين من بنغازى، كما أكد شهود العيان أن الاشتباكات العنيفة التى دارت فى محيط طرابلس جرت باستخدام المدفعية الثقيلة بين قوات الجيش المتقدم من الشرق وبعض الكتائب التابعة لقوات حماية طرابلس، وذكر المكتب الإعلامى للجيش الوطنى الليبى أن حفتر أبلغ المبعوث الأممى غسان سلامة بأن الجيش الوطنى مستمر فى عملياته إلى أن يتم تخليص العاصمة من قبضة الميليشيات التى ضاق الجميع ذرعا بها لأنها سرقت أرزاق الناس.
والواضح أن عملية طوفان الكرامة تسببت فى قلق دولى عارم عبرت عنه حكومات فرنسا وإيطاليا والإمارات وبريطانيا والولايات المتحدة فى بيان مشترك يحذر من الفوضى التى يمكن أن تلحق بليبيا نتيجة سعى حفتر للسيطرة على طرابلس، لأنه لا حل عسكريا للصراع، كما أكد الاتحاد الأوروبى فى بيان منفصل أنه لن يكون هناك حل عسكرى للأزمة الليبية، وأن الاتحاد يساند جهود المبعوث الأممى غسان سلامة، وقد دعت وزارة الدفاع التونسية إلى مراقبة حدودها الجنوبية الشرقية مع ليبيا، وأكدت يقظة منظومات المراقبة الإلكترونية للإنذار المبكر وإتخذت كل الإجراءات لتأمين حدودها مع ليبيا، لكن السؤال الذى لا يزال ينتظر إجابة واضحة، هل ينجح حفتر فى السيطرة على طرابلس رغم المعارضة الدولية الواسعة لحملته الأخيرة، لأن نجاح حفتر يعنى وحدة الأراضى الليبية، ووحدة الدولة الليبية، ووحدة الشعب الليبى، ووحدة المؤسسة العسكرية الليبية، وهو الأمر الذى تعارضه معظم الدول الأوروبية بحجة الخوف من استنساخ صورة ثانية من العقيد القذافى رغم الاختلاف البين بين حفتر والقذافى.