الإنسانية موقف وفعل
الحوثيون يؤكدون إفشال هجوم أميركي بريطاني على اليمن باستهداف حاملة الطائرات "يو إس إس هاري إس ترومان" إسرائيل تنفي مغادرة أي وفد لمفاوضات وقف إطلاق النار في غزة إلى القاهرة 10 جنود إيرانيين شباب لقوا حتفهم في حادث سقوط حافلة في واد غرب إيران سقوط نحو 300 قتيل في اشتباكات عنيفة بين قوات سورية الديمقراطية وفصائل مسلحة مدعومة من تركيا في محيط سد تشرين وزارة الصحة في غزة تكشف أن عدد ضحايا عدوان الاحتلال الإسرائيلي على القطاع ارتفع إلى 45,259 شهيداً و107,627 مصاباً من 7 أكتوبر 2023 تسجيل 76 حالة وفاة و768 إصابة جراء إعصار شيدو الذي ضرب مقاطعات "كابو" و"ديلغادو" و"نابولا" و"نياسا" في شمال موزمبيق زلزال متوسط بقوة 5.3 درجة غرب يضرب جنوب إفريقيا تكريم الفنان الكوميدي محمد الخياري في الدورة العاشرة لمهرجان ابن جرير للسينما وفاة الفنان المغربي القدير محمد الخلفي عن عمر يناهز 87 عامًا بعد معاناة طويلة مع المرض ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي إلى 45227 شهيد و107573 جريح منذ السابع من أكتوبر 2023
أخر الأخبار

الإنسانية موقف وفعل

المغرب اليوم -

الإنسانية موقف وفعل

بقلم -منى بوسمرة

تستيقظُ فتجدُ الكآبةَ في انتظارك. مسلسل القتل المفتوح على مصراعيه أكبر من القدرة على الاحتمال. وللأنباء الصباحية طعمُ الجنازات التي أعدَّها مطبخُ الموت على عجلٍ ليلاً في إيطاليا أو إسبانيا أو إيران أو في أماكن أخرى. الأرقام التي ينقلُها الهاتف ليست نهائية. أغلب الظَّن أنَّ هناك من ماتَ خلال تفقُّدِك أعداد من قضَوا في الساعات الماضية. لا تثق برقم وتعتبره نهائياً. ثمة جثثٌ تتَّجهُ للانضمام إلى قافلة سبقتها. شعورك أنَّك تكتبُ عن الموت وسط مذبحة مفتوحة، ومن دون إمكان الرهان على منقذ من أي نوع كان، يغمرُك بشعور عميق بالهزيمة.
تبحث عن عزاءٍ حين ترى إرادة الحياة تعبّر عن نفسها. إيطاليون يخرجون ليلاً إلى الشرفات، ويطلقون الألحان والأغاني كمن يتعمَّدُ تحدي الوحش الذي يقرع مزيداً من الأبواب ويصطاد الخائفين المقيمين خلف الجدران. تهزُّك هذه الرغبة العميقة في استفزاز القاتل المتسلسل لكنَّها تذكرك بأنَّها المرة الأولى التي يبدو فيها مواطن «القرية الكونية» عارياً ومتروكاً لمصيره. مؤلم شعور المرء أنَّه لن يستطيعَ الاحتماء إذا قرَّر الزائر الأسود أنَّ موعد اصطياده قد حان. لا جدوى من الاتصال بأحد. ويصعب أنْ يجيبَ أحد. وإن فعل سيكتفي بعبارات تشجيع مكرورة ليست بالتأكيد من النوع الذي يبدل المصائر.
كانت «القرية الكونية» واعدة على رغم خلافاتها وصراعاتها. وكانت غارقة في الأسئلة. هل انزلقنا إلى العصر الصيني أم أننا في الطريق إليه؟ وأي أميركا ستقوم إذا تقدم الهدير الآسيوي كل ما عداه؟ وهل تنكفئ أوروبا الجميلة إلى التقاعد تحت وطأة الشيخوخة والتجاعيد وروائح المتاحف والذكريات؟ وماذا عن روسيا التي يحلم سيّدها الحالي بالتفوق حتى على ستالين في طول الإقامة في قصر الأختام والأحكام؟ وماذا عن الشرق الأوسط الرهيب الذي يسعل دماً قبل أن تفدَ إليه الأوبئة؟ وعلى رغم ما تقدم كانت القرية تتطلَّعُ إلى المقبل من الأيام متسلّحة بالقفزات العملاقة في التقدم العلمي والتكنولوجي، وبانحسار الظلم أو عدد من أشكاله في أنحاء متفرقة من العالم.
ولم تكن حياة «القرية الكونية» من قماشة شهر العسل. نزاعاتها حقيقية وتنافساتها محمومة وترساناتها تتحين الفرص للتعبير عن جبروتها وأحقادها. سباقٌ محمومٌ على المناجم والموارد والأسواق، وتبادلٌ عنيفٌ للطعنات لا تخفيه رقة الابتسامات وتعابيرُ الاتفاقات. وعلى رغم التحديات، وبعض الأهوال أحياناً، كانَ هناك شعور أنَّ العالم يتقدَّم وأنَّ التكنولوجيا توفّر للإنسان سلاحاً كانَ يفتقرُ إليه في صناعة مستقبل أطفالِه.
لم يكن القلقُ غائباً. علَّمتِ التجربة أهل القرية أنَّ الأحياء المتقدمة لا يمكنها الاستقالة إلى الأبد من مصير الأحياء البائسة. وأنَّ أنانية الجزر لم تعد قابلة للعيش. وأنَّ استقرار جارك شرط لاستمرار استقرارك. والمقصود بالأحياء البائسة هي تلك التي ترتفع فيها معدلات الفقر والخرافات والأوهام، ويرخي الماضي بثقله على مدارسها وكتبها وأسلوب حياتها. هذا من دون أنْ ننسى الحكومات الفاشلة، التي تكاد جريمتها تعادل ارتكابات الحكومات القاتلة. وعلى رغم كل ذلك، بدا العالم واثقاً بقدرته على مواجهة الملفات التي تقلقه من الفقر إلى الاحتباس الحراري وغيرهما.
لم تغبِ الامتحانات القاسية عن مسيرة العالم في العقود الأخيرة. سقوط جدار برلين. وانهيار الإمبراطورية السوفياتية ولو من دون إطلاق رصاصة. اندلاع أزمات الهويات وتصاعد الإرهاب وتزايد الهجرات، وعجز دول كثيرة عن اللحاق بركب التقدم نتيجة إدمانها عقاقير وأفكاراً انتهت مدة صلاحيتها. ولا مبالغة في القول إنَّ العالم نجح، وإنْ بنسب متفاوتة، في مواجهة الأزمات الأمنية والاقتصادية التي اعترضت مسيرته. لكن الأكيد أنَّه يواجه حالياً ما هو أقسى.
ما يعيشه العالم اليوم أخطر بالتأكيد مما عاشه في العقود الماضية. قصة «كورونا» أخطر على العالم بخسائرها ومجرياتها من هجمات 11 سبتمبر (أيلول) ومن إطلالة «داعش» ومن التفكك اليوغوسلافي والانهيارات الأفريقية. إنَّها أخطر أيضاً من الأزمات المالية العالمية وآخرها ما شهده العالم في 2008 و2009.
لا نريد التقليل أبداً من حجم العواصف التي هبَّت على العالم في العقود الماضية. كانت مكلفة وتركت آثارها على المشهد الدولي واقتصادات الدول والأمن والاستقرار. لكنَّنا اليوم أمام حدث مختلف في خطورته وأثمانه وانعكاساته. لسنا في صدد عاصفة هوجاء. إننا في خضم زلزال غير مسبوق. يمكننا القول إن زلزال «كورونا» كشف هشاشة «القرية الكونية» وهز مرتكزاتها إلى حد يوحي بأن ما بعد الزلزال لن يشبه ما قبله.
لم تستطع القرية المعنية تنظيم رد موحد على الزلزال الذي دهمها. لم تتقدم القوة العظمى الوحيدة الصفوف لقيادة رد دولي موحد. انشغلت الصين بالمعركة التي بدأت على أرضها وتمكنت عبر إجراءات قاسية، يتيحها نظام الحزب الواحد الصارم أمنياً والمتقدم تكنولوجيا، من تحقيق نتائج قد تعزز لاحقاً صورتها وموقعها. لم تنجح دول القارة القديمة في تنظيم ردّ يمكن وضعه تحت الراية الأوروبية. انفرط عقد المشاعر الأوروبية سريعاً وتقدمت الحدود والمخاوف والأنانيات. لا الغرب ردّ موحياً بوجود زعامة جامعة قادرة على قيادة العالم، ولا روسيا استطاعت الصيد في هذا الزلزال على جاري عادتها في زمن العواصف. انكفأت الدول إلى حدودها وفضحت الأثقال المتسارعة ضعف مؤسساتها وميزانياتها.
إنَّنا في خضم زلزال غير مسبوق أدخل العالم في إجازة رعب إلزامية. زلزال ضربَ الأسهم وأسعار النفط وهزَّ دعائم الإمبراطوريات المالية وأغلق الأسواق والمطاعم والشوارع على امتداد «القرية الكونية». إنَّها نكبة شاملة لا يمكن إلا أنْ ترتب انعكاسات على علاقات الدول فيما بينها وعلى العلاقات داخلها أيضاً. سوابق التاريخ تشير إلى أنَّ هذا النوع من النكبات يغير أنظمة وعلاقات سياسية واقتصادية، ويسقط هالات أفكار ونظريات ويفرض تغييرات في أسلوب الحياة أيضاً.
ضرب زلزال هائل «القرية الكونية». من المبكر الجزم بالاتجاهات. ربما نشهد المزيد من دعوات الانغلاق والشعبوية والرغبة في كبح العولمة وشرايينها. الأكيد أنَّ الأزمة ستترك ملايين العاطلين عن العمل واقتصادات متصدعة وحكومات مذعورة. واضح أنَّ صفحة طويت لتبدأ صفحة أخرى أكثر صعوبة وأشد غموضاً. المهمة المطروحة لا تقلُّ عن إعادة إعمار «القرية الكونية» التي ضربَها زلزال «كورونا».

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإنسانية موقف وفعل الإنسانية موقف وفعل



GMT 22:27 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

تل أبيب ــ دمشق... سقوط الضمانات

GMT 19:37 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وانفقأ دُمّل إدلب

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 11:19 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
المغرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 10:20 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
المغرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 13:49 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الفنانة زينة تكشف عن مفاجأة جديدة في مشوارها الفني
المغرب اليوم - الفنانة زينة تكشف عن مفاجأة جديدة في مشوارها الفني

GMT 18:10 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 09:12 2024 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

لاعبو منتخب "الأسود" يؤكدوا ثقتهم في الركراكي

GMT 08:54 2023 الأربعاء ,06 كانون الأول / ديسمبر

العام الحالي 2023 الأكثر حرّاً في التاريخ المسجّل

GMT 16:07 2023 الثلاثاء ,10 تشرين الأول / أكتوبر

علماء الآثار يزعمون اكتشاف "خريطة كنز عملاقة"

GMT 05:19 2018 الخميس ,11 تشرين الأول / أكتوبر

زينّي حديقة منزلك بـ"فانوس الإضاءة الرومانسي"

GMT 09:00 2018 الثلاثاء ,12 حزيران / يونيو

" ديور " تطرح ساعات مرصعة بالألماس
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib